مقالات

طرابلس: بلدية غائبة… وكذلك الحماسة للإنتخابات

قبل نحو أربعة أشهر على إنجاز الإنتخابات البلدية المقبلة 2023 بعد انتهاء السنة الممدّدة للمجالس البلدية في لبنان، يمكن وصف المشهد الإنتخابي في طرابلس بغير المتحمّس حتى اللحظة وكأنّه ليس هناك من استحقاق لتجديد الحياة للمجالس البلدية، لا سيّما لأهمّ بلدية في الشمال وثاني أهمّ بلدية في لبنان.

غياب الحماسة لهذا الإستحقاق حتى الآن يردّه متابعون إلى عدّة عوامل؛ ومنها بشكل رئيسي: الوضع الإقتصادي والمالي الذي تمرّ به البلديات من جهة وإحساس البعض بأنّ هذه الإنتخابات قد تؤجّل من جديد كما أُجّلت السنة الماضية، بالإضافة إلى أنّ أي تدخّل سياسي هذه المرّة سيرتّب ميزانيات ضخمة لا يبدو أنّ هناك من هو مستعد لصرفها. في السابق، وعندما كانت تقترب مواعيد الإنتخابات البلدية كانت طرابلس في مثل هذه الأوقات تغلي بالإجتماعات واللقاءات، والتنسيق على أكثر من صعيد وجبهة؛ في محاولة لإنضاج تحالفات ولوائح تتنافس على بلدية العاصمة الثانية، فيختلط السياسي بالعائلي والإجتماعي، غير أنّ الوضع اليوم غير كلّ ما سبق.

ويأتي انعدام الحماسة للبلدية وانتخاباتها في طرابلس في وقت يرى فيه متابعون أنّ «طرابلس هي الأكثر حاجة إلى التغيير بعدما عانت ما عانته من أسوأ مجلس بلدي أتى على بلديتها في تاريخها، تميّزت سنواته السبع بالخلافات والمناكفات وتبدّل الولاءات السياسية من ريفي إلى الحريري فميقاتي، وبصفر إنجازات على صعيد تأمين مشاريع المدينة وتحقيق مطالب أهلها. أفضلُ شاهدٍ على عجز المجلس البلدي الطرابلسي، هي آثار الحريق على مبنى البلدية الأثري في منطقة التل بعدما دخل الحريق عامه الثالث من دون أن تتم عملية ترميم المبنى وإصلاحه. هذا المشهد يكفي لوحده بحسب ما يردّد طرابلسيون بأن يرفع وتيرة الحماسة للتغيير إلى ذروتها.

وعلى الرغم من تأكيد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي بأنّ الإنتخابات البلدية ستجري هذا العام فإنّ الحماسة المؤجلة حيال الإستحقاق، قد ترتفع وتيرتها في الشهرين المقبلين في حال تمّ تأكيد إجراء الإنتخابات بشكل قاطع، ولكنّها لن تصل إلى مستويات سابقة إذا لم يحصل تدخّل سياسي في الإنتخابات كما كان يجري في السابق. وما يمكن أن يرفع من درجة الحماسة للإنتخابات كما يُتداول في الشارع الطرابلسي أن تكون هناك لائحتان واحدة مدعومة من النائب اشرف ريفي ونواب آخرين وأخرى مدعومة من النائب فيصل كرامي ونواب آخرين، ولائحة ثالثة أو أكثر لقوى المجتمع المدني، هذا إذا ما سلّمنا جدلاً بأن يبقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على حياده من العملية الإنتخابية ومعه تيار «المستقبل».

وبالعودة إلى الوضع البلدي الحالي، وحيث أنّ هناك نزاعاً على رئاسته بين د. رياض يمق والمهندس أحمد قمر الدين لم يُحسم بالقضاء ولا بالسياسة، فإنّ المؤشرات السابقة والحالية لعمل المجالس البلدية الطرابلسية، تعكس فشل المجالس التي جاءت بالتوافق السياسي أو حتى بالمعارك، ولم توفّق المدينة بمجالسها البلدية منذ زمنٍ طويل. لكنّ المدينة التي غاب مجلسها البلدي عن القيام بأي نشاط واقعي ومثمر لصالح المدينة أقلّه من بداية الأزمة الإقتصادية حتى الآن، هي بحاجة اليوم وأكثر من أي وقت مضى، إلى مجلس بلدي متجانس وإلى رئيس بلدية ديناميكي، يكسر بحركته حاجز الجمود والمراوحة القاتلة التي تخيّم على واقع المدينة، ويضع كتفاً أساسياً في أي مشروع أو فكرة للنهوض بالمدينة ويسهم بانتشالها من الفوضى المستشرية والواقع المعيشي والإجتماعي الصعب الذي تعيش.

المصدر
مايز عبيد- نداء الوطن

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى