سياسة

باسيل يرفع مجدّداً الورقة البيضاء أمام نصرالله

إرجاء الجلسة الحادية عشرة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية التي كانت مقررة اليوم، الى الاسبوع المقبل لوفاة الرئيس السابق للبرلمان حسين الحسيني، أرجأ أيضاً مشهد عودة المياه الى مجاريها بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” بعد القطوع الذي مرّت به العلاقات بين الطرفين. لكن هذا الإرجاء انطوى على حقيقة العلاقات بين ثنائي “تفاهم مار مخايل” وهو أمر يستحق متابعته.

كان من المنتظر أن يسمّي “التيار” من يرشحه في الجلسة الحادية عشرة من الانتخابات الرئاسية التي كانت ستنعقد اليوم، كي لا يواصل أعضاؤه التصويت بالورقة البيضاء، كما فعل في المرّات العشر السابقة. لكنه لم يختر اسم مرشح في الجلسة الطويلة التي استمرت زهاء ست ساعات الثلثاء الماضي. فهل من سبب أو أكثر دفع بـ”التيار” للعزوف عن التصويت بالورقة البيضاء، بعدما عزم على ذلك الأسبوع الماضي؟

قبل الخوض في الجواب، كان لافتاً أنه قبل أن يعلن “التيار” موقفاً بعد اجتماعه الطويل برئاسة النائب باسيل، أعلن “حزب الله” عبر قناة “المنار” التلفزيونية التابعة له في نشرته المسائية الرئيسية الثلثاء، ماهية هذا الموقف وذلك على النحو الآتي: “التنافس سينحصر في صورة أساسية بين الورقة البيضاء والنائب ميشال معوّض فالتيار الوطني الحر، بخلاف المتداول من المعلومات في الأيام الماضية، أكدت مصادره أنه سيلتزم في هذه الجلسة بالورقة البيضاء، ولن يقدم على خطوة نوعية أي الذهاب نحو التصويت لاسم يتبنّاه لخوض السباق الرئاسي، وعليه سيتكرر سياق الجلسات السابقة نصاب في الدورة الأولى لفائز بغالبية الثلثين ثم إرجاء حتى موعد آخر يضرب هذا الأسبوع”.

هذا الموقف اليقيني الذي أعلنته “المنار” بالنيابة عن “التيار”، اكتفى الأخير عبر قناته التلفزيونية وبالتوقيت نفسه بالقول: “المجهول، هو مصير الملف الرئاسي، مهما أبدع المحللون، وتفنّن المنظّرون، ذلك أن المواقف على تصلبها داخلياً، والمبادرات على مراوحتها خارجياً، وكل ما عدا ذلك كلام للاستهلاك السياسي والإعلامي”.

بالعودة الى السؤال حول سبب عزوف “التيار” عن التصويت بالورقة البيضاء، فإن الجواب يعيد الى الذاكرة الجلسة التي عقدتها حكومة تصريف الأعمال الشهر الماضي خلافاً لرغبة “التيار” بعدما خرج من صفوف تكتله وزير الصناعة التابع لحزب الطاشناق، ما وفّر نصاب الجلسة. وفيما لا تزال خيبة أمل “التيار” مستمرة بعد تلك الجلسة التي انعقدت بدعم وحضور “حزب الله”، ما تسبب بتصدع العلاقات بين شريكَي “تفاهم مار مخايل” بشكل لا سابق له منذ 16 عاماً، أطل شبح تلك الجلسة بالأمس من خلال تصريح صحافي لرئيس حزب الطاشناق النائب آغوب بقرادونيان قال فيه إن “تكتل لبنان القوي (الحر) سيصوّت بورقة بيضاء ومعه تكتل الطاشناق”. وإذ كرر موقف الثنائي الشيعي بالدعوة الى “التوافق” حول من سيتم اختياره رئيساً للجمهورية، قال بقرادونيان إن زعيم “تيار المردة” سليمان فرنجية “مرشح جدّي، لكن يجب أن نرى إمكانيات فوزه عدا أنه لم يعلن ترشيحه رسمياً”.

بين وصف بقرادونيان فرنجية بأنه “مرشح جدي”، وبين موقف باسيل السلبي بالمطلق من ترشح فرنجية، فارق كبير. فهل كان هذا التمايز نذيراً لـ”التيار” كي لا ينفصل عن خيار التصويت بالورقة البيضاء وفق إرادة “حزب الله” التي تريد إظهار حجم الأوراق البيضاء كي تقف في مواجهة الفريق الآخر الذي يدعم ترشيح النائب ميشال معوّض؟ وبالتالي، هل أتى موقف بقرادونيان ليقول لباسيل إن جلسة الحكومة كلفت خروج وزير الصناعة من كتلة “التيار”، لكن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية اليوم إذا ما أرادها باسيل خارج اصطفاف “الحزب” قد تكلف “التيار” خروج نواب الطاشناق جميعهم؟

لم يعد سراً أن الأيام الماضية شهدت تحوّلاً في العلاقات بين حارة حريك وميرنا الشالوحي بفضل تجدد الاتصالات بينهما، التي انبرى لها من جانب “حزب الله” مع باسيل مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في “الحزب” الحاج وفيق صفا، فكان من ثمار عودة هذه الاتصالات وقوف “حزب الله” في وجه محاولة رئيس الحكومة عقد جلسة لمجلس الوزراء لبت أزمة تمويل الفيول، مع ما يعني ذلك من تكبيد الخزينة خسائر وتعطيل المرافق الحيوية مثل محطات توزيع المياه التي تزوّد منازل مئات الألوف من المواطنين بها. وكل ذلك كان بمثابة مكافأة من “الحزب” لـ”التيار” الذي عاد إلى حظيرة إدارة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله للملف الرئاسي.

ومن باب تأكيد المؤكد، تمثل عودة باسيل الى الورقة البيضاء، ما يشبه رفع الراية البيضاء التي تعني الاستسلام لمسيرة “التفاهم” الذي يقوده شخصياً الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله.

المصدر
احمد عياش - النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى