مقالات خاصة

النظام اللبناني العجيب

فادي مالك الخير

تختلف الأنظمة التي تعتمدها الدول عبر العالم في ممارستها للحكم، حيث تجد أنظمة دكتاتورية و أخرى شمولية، إضافة الى الرأسمالية و الاشتراكية و الفدرالية و الديموقراطية و غيرها …
أما في لبنان الذي يفترض أنه ينتهج النظام الديموقراطي من حيث الشكل إلا أنك قد تصاب بالصدمة عند سماعك عن مصطلحات غريبة عجيبة قد لا ترى لها مثيلا في العالم إلا في لبنان …
من هذه المصطلحات اللغوية التعجيزية تجد تركيزا غير مسبق على كلمة الديموقراطية التوافقية …
لا أدري كيف اصطلح جهابذة الدستور في لبنان على هذا التعبير الغريب ،
إذ كيف تكون الديموقراطية حرة إذا تم التوافق على مندرجاتها !
أو كيف يصبح كل أمر توافقي متفق عليه مسبقاً ، فيه شيء من الديموقراطية أصلاً …
مما لا شك فيه أنها لم تعد ديموقراطية حرة من أساسها بل هي لا تعدو كونها هرطقة دستورية لا معنى لها إلا في رؤوس مطلقيها …
نأتي إلى الميثاقية العظيمة التي لم يحدث أن أتى على ذكرها دستور من دساتير العالم المتقدم …
جُلّ ما تم التأكيد عليه في الدستور اللبناني هو المناصفة بين المسيحيين والمسلمين من غير الخوض في ماهية المذاهب …
ناهيك عن الثلث الضامن ( المخرب و المعطل ) و الحصة الوزارية لرئاسة الجمهورية …
من المتعارف عليه أيضا في الأنظمة الديموقراطية أن الفائز في الانتخابات البرلمانية هو من يتسلم زمام الحكم من غير مشاركة الأقلية النيابية التي تتوجه تلقائيا لممارسة دورها في المعارضة كرقيب على حسن سير العملية الديموقرطية و التنوع المطلوب للمحافظة على سلامة الحكم و النظام …
طبعا هذا ما لم يحدث أو ما لم يثم احترامه بعد انتخابات ٢٠٠٩ النيابية و التي أفرزت أكثرية برلمانية ما لبث ان تم الإنقلاب عليها تحت الضغط و سياسة الترهيب و مسميات مختلفة …
أخيرا و ليس آخرا ، المجاهرة بطلب تسمية وزراء في الحكومة من قِبَل كتلة نياببة معينة لم تسمِ الرئيس المكلف أصلا بل و تفاخر في عدم منحها الثقة لتلك الحكومة العتيدة …
هل تحدث هذه المعضلة العقيمة إلا في بلد اسمه لبنان !
و يخرجون علينا في أوقات أخرى للمطالبة بحكومة انتخابات مهمتها حصرا الاشراف على انتخابات نيابية مبكرة !
بأي دستور أو بأي عرف يتم تحديد مهمة محددة للحكومة !
أوليست الحكومة هي السلطة التنفيذية بحسب الدستور !
و بأي حق و تحت اي مسمى تتم مصادرة صلاحيات حكومةٍ ما ، في ظل نظام ديموقراطي أعطى الحق لها بممارسة دورها كيفما تشاء تحت سقف الدستور و القانون …
بكل بساطة ،
إنه لبنان يا سادة بلد العجائب و الديموقراطية التوافقية الأسطورية ….

فادي مالك الخير

فادي مالك الخير ناشط سياسي و اجتماعي مؤسس جمعية الحركة الوطنية المستقلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى