سياسة

جنبلاط قلق من الفوضى

يبتعد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي عن اتخاذ المواقف السياسية التي تُعتبر “صادمة” أو خارج السياق في هذه المرحلة، حتى ومنذ لقائه الأخير مع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، فإنه يقنّن من طلاّته الإعلامية والتي باتت شبه معدومة، إضافة إلى أنه ولأول مرة لم يغرّد على غرار ما كان يقوم به سابقا غامزاً من قناة هذا الطرف وذاك، بل أن تغريداته تصبّ في خانة الأبعاد الثقافية وما تعانيه الدول من أزمات، أي أنه يغرّد خارج سرب السياسة الداخلية، في ظلّ معلومات ومعطيات بأن مواقفه نابعة من الهواجس والقلق الذي يعتريه بفعل الأزمات المتراكمة، والتي تحيط بالبلد، والإستياء العارم الذي بلغه البلد على الأصعدة والمستويات كافة

في هذا الإطار، فإن جنبلاط وفي ما خصّ الإستحقاق الرئاسي لا زال على الموقف المشترك الذي يربطه بحلفائه من خلال الإستمرار في الإقتراع للنائب ميشال معوض، إلى حين توافر إجماع على مرشّح آخر إذا اقتضى الإجماع ذلك، وبالمحصّلة فإن رئيس الحزب التقدمي، يدرك ومن خلال خبرته وعلاقاته أن انتخاب الرئيس العتيد سيكون ثمرة إجماع إقليمي ودولي، وإلى أن تتوفّر ظروف انتخاب الرئيس فهو باقٍ على هذه الوتيرة التي تسلكها معظم الأطراف كي لا يصطدم مع أي فريق سياسي.ومن هنا، فإنه وبعد استقباله أكثر من موفد غربي وعربي وتواصله مع أصدقائه في العواصم الغربية والعربية يعلم علم اليقين ما يحيط بالمنطقة من ظروف صعبة وتحولات وتغيرات إلى انعكاسها على الداخل اللبناني، إضافةً إلى ما جرى في الآونة الأخيرة من الترسيم وتداعياته وما يجري في بعض دول الإقليم، وعلى هذه الخلفية يعمل على تدوير الزوايا أيضا تجنباً لأي زعل قد يصيب أصدقائه في الداخل والخارج.وعلى الصعيد الداخلي أكان ضمن طائفته أو على خطّ العلاقة مع الأطراف الأخرى، فهو مستمر في اعتماد سياسة تنظيم الخلاف مع “حزب الله”، ويتجنّب ونواب وقياديي حزبه أي موقف تصعيدي تجاه الحزب بخلاف حلفائه الآخرين نظراً لدقة وحساسية الوضع في الجبل، وللحفاظ على المصالحة واستقرار وأمن الجبل. ولهذه الغاية، تؤكد مصادر قريبة من المختارة، كان تحرك جنبلاط حازماً وفاعلاً بعد الرسوم التي ألصقت على بيوت المسيحيين في بلدة بريح الشوفية، أي لتجنّب أي خضة أو فتنة قد يسعى إليها البعض، كما أنه توازياً، وعلى صعيد طائفة الموحدين الدروز، فإن جنبلاط وبعد ما أحاط بالهيئة الروحية من إشكالات أخيراً، ترك المسألة للمعالجة بهدوء، لأنه لا يريد أي ضجة أو خلاف داخلي، فكان أن ابتعد عن الضجيج الإعلامي كي تُعالج الأمور بروية وحكمة من قبل المعنيين بهذا الملف الحساس سيّما وأنه طاوله في بعض الجوانب، ومن قبل أعلى مرجعية روحية في طائفة الموحدين أي الهيئة الروحية إثر اللغط الذي حصل في أمور متعلقة بهذه الهيئة.وأخيراً فإن جنبلاط الذي يعتبر حليفه الأبرز رئيس المجلس بري، يترقب خطواته ودوره المقبل ليكون إلى جانبه في ما سيقدم عليه، ولكن مهما اشتدّت الأزمة الرئاسية، فهو لن يخرج عن إجماع الحلفاء، الأمر الذي يتفهمه بري بفعل خصوصية جنبلاط وسياساته وعلاقاته في الداخل والخارج، وهذه مسألة تعتبر من الثوابت لديه، لكنه يعمل على تمييز نفسه عن الآخرين في بعض المحطات المفصلية حيث تقتضي الظروف أن يقدم على هذا الموقف وذاك.

المصدر
ليبانون ديبايت

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى