سياسةمقالات

فيلم هوليوود اللبناني

حسب مختلف التقييمات الدولية فإن ما جرى ويجري في لبنان هو اكبر ثالث كارثة انهيار مالي واقتصادي في تاريخ العالم منذ قرن ونصف القرن.

وفي التقييمات نفسها أن انفجار مرفأ بيروت هو ثالث أكبر إنفجار غير نووي يصيب العالم منذ غارة هيروشيما.

وإلى هذين الرقمين القياسيين يمكن إضافة أرقام أخرى لا تقلّ تميزاً. فلبنان هو الأول في العالم من حيث البقاء من دون رئيس جمهورية، هذه الميزة باتت من الثوابت منذ نهاية عهد ” الرئيس المقاوم” أميل لحود، وجارٍ العمل على تكريسها من أجل رئيس في”خدمة المقاومة” وليس مقاوماً لوجه الله. سبق لبنان بلجيكا في فراغ السلطة. سجل عامين ونصف العام في مسيرة العيش من دون رئيس وهو الآن يخوض جولة تحقيق رقم قياسي آخر. وعلى مستوى السلطة التنفيذية لم يتوان عن خوض معارك التعطيل والتكليف والتشكيل شهوراً وسنوات.

في مجالّ آخر يتميز لبنان بأنه يحتوي على دولتين وجيشين في آن واحد. ربما يشاطره العراق في هذه الميزة، وقبله كانت لاوس أخر دول منظومة الحرب الباردة التي تتمتع بهذه النعمة، هذا إذا استثنينا كولومبيا وجيشها الثوري( فارك) المتخصص حتى وقت قريب في القتل والخطف والمخدرات… ومحاربة الإمبريالية.

لم تغفل التقييمات العالمية جانباً اساسياً من أسباب المعاناة اللبنانية. جميع الذين تحدثوا في الموضوع حملّوا المسؤولية لأهل السلطة السياسية والاقتصادية والمالية، فاتهموهم بأفتعال الفساد والانهيار والاستفادة منهما، ووصل الأمر حد وصفهم بـ”سلطة احتلال”، وشن مسؤولون من دول العالم حملات مباشرة على الطاقم الحاكم وصولاً إلى الدعوة لتغييره.

لكن الطاقم يواصل انجازاته بثقة ومن دون أن يرف له جفن. في الانتخابات الرئاسية سيقارن نفسه بالكونغرس الأميركي العاجز عن انتخاب رئيس له، وربما يسعى إلى تقليد نتنياهو في سعيه إلى جمع كتل متناقضة بهدف البقاء في الحكم، أو يستلهم تجربة الانتصار على مقتدى الصدر في العراق، وكيف أن أغلبية نيابية جرى شطبها لمصلحة جماعة الحشد الشعبي.

تصلح تجربة لبنان مع حكامه الميامين لأن تكون فيلماً سينمائياً خارقاً لا يحتاج لإنجازه إلى أكثر من رواية أحداثه بلسان فاعليها.

في هوليوود (2019) كان أغلى الأفلام كلفةً فيلم Avengers Endgame حيث بلغت موازنة إنتاجه 400 مليون دولار الا ان ايراداته بلغت ٤ مليارات دولار. الفيلم اللبناني بلغت تكاليفه مئة مليار دولار حصدها ابطاله الذين يتربعون في سلطة الفساد والميليشيا ولا يعطون بالاً لايرادات شباك التذاكر، فهو ملكهم منذ الانتخابات.

المصدر
طوني فرنسيس - نداء الوطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى