سياسةمحليمقالات

هل يُعيدنا الجنائي إلى عصر الكهرباء؟

اللبنانيون لا يكترثون لحرب البيانات المشتعلة بين أهل الحكم، وما يتخللها من تراشق بالإتهامات المتبادلة في ملف الكهرباء، لأن هذه المعارك السياسية لن تُعجل في عودة التيار الكهربائي، بل ستؤدي حكماً إلى تعطيل محاولات إخراج هذه الأزمة المزمنة من دوامة الفشل والفساد والهدر، وإبقاء البلاد والعباد في أسر العتمة.

الأزمة المتأزمة بين أهل الحل والربط يجب أن تتحول إلى فرصة لفتح ملف فضائح صفقات الكهرباء، وحل لغز الأربعين مليار دولار المهدورة في هذا القطاع، من دون أن يتم بناء محطة توليد واحدة، ومن دون الوصول إلى أبسط الحلول لتأمين التيار الكهربائي ولو لساعات معدودة في اليوم.

إحالة ملفات الكهرباء إلى التحقيق الجنائي، كما أعلن رئيس هيئة الشراء العام د. جان العليّة، هي خطوة أساسية في إعتماد مبدأ المحاسبة الجدّية، وكشف المستور في هذه القضايا التي تسببت بكوارث إنسانية وإقتصادية ومالية، ليس على مستوى خزينة الدولة وحسب، بل بالنسبة لكل اللبنانيين، الذين يتكبدون أعباء تأمين الكهرباء بأكلاف باهظة، ويتحملون مضاعفات الفشل الحاصل في وزارة الطاقة على مدى عقد من الزمن، تولى خلالها وزراء التيار العوني مسؤولية هذه الوزارة عن سابق إصرار وتصميم، وصل إلى تأخير صدور مراسيم أكثر من حكومة، إلى حين التأكد من بقائهم على مقاعد وزارة الكهرباء، التي تحوّلت إلى مصدر للعتمة والظلام في البلاد.
بواخر الفيول والغاز تنتظر في البحر لتفريغ حمولتها، وإعادة الطاقة إلى شبكات الكهرباء، وساسة هذا الزمان الرديء يدركون أكثر من غيرهم، أن كل يوم تأخير يكلف الخزينة المفلسة أكثر من عشرين ألف دولار لكل باخرة، فضلا عن تكبيد اللبنانيين مئات الألوف من الدولارات يومياً لشراء المازوت، أو تسديد الفواتير لأصحاب المولدات.
بين أساليب التنكيد، وحملات الكيد السياسي، لا يشعر أهل الحكم بحرج في خوض حروبهم السخيفة، على حساب مصالح البلاد والعباد، وتضييع المزيد من الفرص السانحة لتخفيف معاناة الناس، والحد من تدحرج الأزمات والمآسي، وإنقاذ الأكثرية الساحقة من اللبنانيين من دوامات الفقر والذل.

فهل يُعيد التحقيق الجنائي البلد إلى عصر الكهرباء؟

المصدر
اللواء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى