عربي ودوليمنوعات

لماذا كانت 2022 استثنائيّة لعلوم الكون؟

شهد العالم في سنة 2022 إنجازات علميّة عدّة على مستوى علوم الفيزياء. لم تكن الفيزياء الفلكيّة بعيدة من هذه الإنجازات. في الواقع، وبحسب موقع “أكسيوس” الأميركيّ، كانت 2022 سنة استثنائيّة بالنسبة إلى علوم الفضاء إذ قرّبت البشريّة أكثر من فهم طبيعة الكون.

لقد باتت الأجوبة على الأسئلة القديمة بشأن تاريخ الكون الذي يناهز 14 مليار عام أقرب ممّا كانت عليه في أيّ يوم مضى.

تضمّنت اللحظات الفاصلة الصور الأولى التي طال انتظارها والتي أرسلها “تلسكوب جيمس ويب الفضائيّ” وصورة عن الثقب الأسود في مركز مجرّة درب التبّانة.

التقط “تسكوب جيمس ويب” صوراً غير مسبوقة لولادات النجوم والمجرّات مع تفاصيل جديدة عن البنية المتطوّرة للمجرّات والنجوم الأولى في الكون. وبدأ التلسكوب بمسح الغلافات الجوّيّة للكواكب الخارجيّة من بينها كواكب نجم “ترابيست-1” الواقعة ضمن المنطقة الصالحة لاستضافة الحياة.

“حقبة جديدة تماماً”

قالت العالمة في “ناسا” ستيفاني ميلام خلال حديث إلى الموقع نفسه “إننّا في حقبة جديدة تماماً للفيزياء الكونيّة وعلم الكواكب. ما نراه حتى في لمحاتنا الأولى مع تلسكوب جيمس ويب الفضائي أذهلنا وحسب. لقد تخطّى توقّعاتنا بالعديد من الطرق”.

والتقط “تلسكوب إيفنت هورايزن” (أفق الحدث) صوراً للثقب الأسود في مجرّة درب التبّانة والتي أظهرت نقاط تشابه بينه وبين أوّل ثقب أسود تمّ تصويره قبل ثلاثة أعوم.

الثقب الأسود في مجرة درب التبانة (تلسكوب أفق الحدث)

في السياق نفسه، قال مسؤول البرامج في “مؤسسة العلوم الوطنية” جوزف بيسكي إنّ “ذلك أمر جيّد من المنظور العلمي.” وأوضح الباحث في الفيزياء الفلكيّة الذي يدرس تشكّل عناقيد المجرّات إنّ الأمر “مهمّ لأنهما لو ظهرا مختلفين، فعندها لا بدّ من أن يكون ثمة خطأ في نظريّاتنا الأساسية التي تصف الثقوب السوداء”.

من جهته، رأى الأستاذ في جامعة رادبود نايميخن الهولندية الذي يدرس الثقوب السوداء هينو فالكه أنّ الصورتين هما “نتيجة كبيرة واحدة متّحدة معاً وقد أكدت تماماً فهمنا للثقوب السوداء”.

وثمّة خلاصات جديدة عن مصدر جسيمات النيوترينو المراوغة.

لماذا كانت استثنائيّة؟

خلال العقود الأخيرة، برز اكتشافات عدّة كانت الأولى من نوعها في علوم الفلك والفيزياء الكونيّة مثل رصد الموجات الثقاليّة بعد اندماج النجوم النيوترونيّة والثقوب السوداء أو تسجيل انفجارات أشعّة غامّا ساطعة، لكنّ بعض العلماء وصفوا 2022 بأنّها كانت سنة استثنائية.

يقول فالكه إنّ صور جيمس ويب عن مجرّات بعيدة نشأت خلال 400 مليون سنة على الانفجار العظيم هي “صورة جديدة فعلاً”. لكنّه أضاف أنّه بالرغم من إعادة صياغة هذه الأدوات والبيانات التي توفّرها فهم العلماء للكون، لمّا يطوّرْ هؤلاء بعد “فهماً كاملاً” له.

على سبيل المثال، يظلّ مكوّن ضخم من الكون بعيد المنال. يُعتقد أنّ المادّة المظلمة هي جسيمات تشكّل 95 في المئة من كتلة الكون.

تؤثّر جاذبيّتها على كيفيّة تشكّل المجرّات والعناقيد حول بعضها البعض وكيفيّة دوران النجوم حولها. “لديها تأثير مباشر على كلّ شيء” بحسب بيسكي.

إنّ الأدوات التي تمّ تشغيلها في 2022 لا تبحث بشكل مباشر عن المادّة المظلمة لكن إذا تمكّنت من التقاط تأثيراتها غير المباشرة بأساليب جديدة فبإمكانها أن توجّه العلماء خلال بحثهم.

ما الذي يمكن توقّعه في المرحلة المقبلة؟

من المتوقّع أن يصل “مرصد فيرا روبين” وتلسكوبات ضخمة أخرى على الأرض إلى معالم إضافيّة في السنوات المقبلة.

وسيبدأ فالكه وزملاؤه العمل على تلسكوب راديويّ بموجات ميللمتريّة في ناميبيا وسيكون جزءاً من شبكة “تلسكوب أفق الحدث”.

تقول ميلام: “سنكون قادرين على رؤية تفاصيل دقيقة عن كيفيّة وتوقيت موت النجوم، وكيف تتفاعل مع أنظمتها الكوكبيّة الميتة”.

وأضافت أنّ “لحظة غاليليو الخاصّة بنا هي رؤية ما بداخل الثقوب السوداء؛ نحن ندرس تشكّل النجوم بطرق لم نكن قادرين قط على رؤيتها”.

المصدر
النهار العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى