ينتظر الناس انفراجات محتملة بداية العام، يراهنون على حلم فاشل، لا يهتمون بالسياسة قدر اهتمامهم بشؤونهم الحياتية، بات كل ما حولهم باهظ الثمن، حتى أصغر سندويش شاورما تخطت الـ100 الف ليرة، وحدها سندويش الفلافل حافظت على سعرها وأبقت على هويتها الشعبية، افتتح كثر عامهم الجديد بأطيب سندويش فلافل فهي أكلة الفقير من دون منازع.
لم تتراجع سندوش الفلافل عن شعبيتها، ما زالت تحتل المرتبة الأولى، رغم ارتفاع سعرها الى الـ40 ألف ليرة، غير أنها ما زالت الأرخص، رغم ارتباط كل موادها الأولية من الحمص الى الفول والبندورة والزيت والطحينة وغيرها بالدولار، ومع ذلك، تتربع الفلافل على عرش الفقراء، لم تخذلهم كثيراً، ما زالت ” أكلة الفقراء”.
مع دخول العام الجديد حيز التنفيذ، كانت الفلافل تسيطر على المشهد، شكل تهافت الناس عليها علامة فارقة، فهي صديقة ” المشاوير” كما تقول مروى، وطعام الفقير كما يعبر أبو يحيى، ومحبوبة الشباب وفق فول عيسى، فلم تهتز ولم تتراجع مع هزات الدولار، على عكس الشاورما واللحم وغيرها، حتى أنها لم تدخل في صراع الجودة والنوعية، بقيت على حالهم وفق قول الشاب اشرف أرناؤوط أحد العاملين فيها، الذي يؤكد على ارتفاع الطلب عليها عكس باقي الأصناف، فسندويش واحدة بحسبه ” بتشبع” عكس الشاورما مثلا والتي تحتاج الى اثنين أو ثلاثة، ناهيك عن أن دزينة الفلافل تطعم عائلة كاملة وبتكفي على حد وصفه.
منذ سنتين تقريباً وتولى أشرف العمل في الفلافل بديلا عن والده، اتخذ القرار لتكون الفلافل فرصة عمله، إسوة بكثر من جيله، يراها ملاذه من البطالة في زمن الأزمات الاقتصادي، يكفي أنها لا تنهار أو تتأثر كثيرا بالأزمات، فالإقبال عليها لم يتراجع قيد أنملة، على العكس باتت العائلة تبحث عن الرخص وتشتريه.
لا تهدأ حركة أشرف داخل محله الصغير في مدينة النبطية، فهو يعمل مع عمه وعدد من الشباب، ويشكل نهار الاثنين علامة فارقة في البيع، على اعتبار أنه يوم سوق النبطية الشعبي حيث يرتاد الأهالي من مختلف القرى السوق للتبضع وشراء الفلافل، يؤكد أشرف أهمية يوم الاثنين بالنسبة له، فهو يوم استثنائي، يذكره بجده الراحل حيث كان يقف الناس في الطابور لشراء ساندويش فلافل، صحيح أن المشهد تبدل غير أن الناس لم تتخل عن هذه الأكلة الشعبية.
لا يخلو العمل من التحديات والمعوقات لعل أبرزها ارتفاع أسعار السلع الرئيسية لصناعة الفلافل، من الزيت الى الطحينة والخضار وغيرها وفق اشرف ڤإن يشتري الأجود، لأنه يحرص على إعداد أطيب سندويش فلافل، لافتا الى أن الفرق بين الكلفة والسعر ضئيل جدا، ألا أنه يؤكد أن سندويش الفلافل يجب أن تبقى للجميع من دون استثناء مردفاً بالقول السندويش خارج النبطية تجاوزت الـ70 ألفاً وفي النبطية تتفاوت بين الـ40 والـ50 الف ليرة لبنانية.
أشرف ارناؤوط يعد الفلافل
تنتشر محال بيع الفلافل في النبطية والقرى، لجأ اليها الشباب كفرصة عمل، أضف أن هناك من توارثها أبا عن جد، وتعد إرث نبطاني قديم، أتى بها أرناؤوط الجد الى النبطية من عكا الفلسطينة قبل ثمانون عاماً تقريباً، وحازت على إعجاب الناس، وبقيت أكلت الفقراء طيلة كل السنوات، لم يهز عرشها الا الأزمة ولم يرفع سعرها الا الدولار، ومع ذلك ما زالت أرخص حتى من منقوشة الجبنة.
كخلية نحل يعمل أشرف مع الشباب، يعد الفلافل ليلا ويأتي بها الى محله الصغير، حيث يتم قليها أقراص دائرية وتوضع مع البندورة والخضار المشكلة والطرطور وهو الأبرز في السندويش وفق قول اشرف الذي حافظ على نكهة فلافل جده ويمضي بها.