بيروت اكبر من ان تختصر او تغتصب، بيروت المكان والزمان قصة تجدد وعطاء اجيال واجيال واجيال تجرعوا مرارات الغدر والقهر والعدوان، وبيروت يا ينابيع الامومة للتائهين المبدعين المبعدين من المحيط والجوار، وبيروت قاهرة الاحقاد من الكبار والصغار وآخر مدن التاريخ القديم والحديث، وكيف يا بيروت لا احبك وكيف لا استكين لسكينتك وانت ترنمين و تنشدين وتعيدين الجار للجار بعيدا عن خواء الساسة المتحجرين صناع الوهم والفشل، وكيف اتجاهل قوتك وصلابتك وكل مدن العالم هزيلة ضعيفة تهتز عند ابسط مظاهر الغوغاء، وانت يا بيروت تحتجزين كل وحوش السلطة في متحف الشمع البرلماني حيث العطالة والشغور والضياع .
سامحيني يا بيروت اذا تأخرت عن وفاء عطاءك اللامحدود وحنانك الذي بلسم جراحنا الموروثة منذ قرون، انا يا بيروت احبك واحبك الى حد الجنون فنحن بدونك لن نكون، في مواجهة حكام الوهم وصغار النفوس الذين لا يخجلون ويستبيحون ذاكرة بيروت المدينة وحرياتها المجيدة ويتوهمون انهم سادتها وبانهم قادرون على استباحة مناعتها بفسادهم المشهود، وبيروت تعرف انهم صغار واهمون واهمون.
بيروت يا بيروت كل الحب لكل من يسكنك وكل من يحترم مناعتك وخصوصيتك وكل من يقرأ في كتاب تألقك وتسامحك وكيف تآلفت في احضانك القلوب والنفوس والعقول، وتشكلت على ارصفتك مرافق الابداع والحرية والعلوم، اه يا بيروت القصيدة كم اوجعت الشعراء والقلوب وكم كان فراقك مؤلم وانت تغفرين الذنوب، اه يا بيروت الجريدة كل صباح ومساء تحركين الجمود وتوقظين العقول من سبات القبائل والطوائف، اه يا بيروت كيف تحملتي كل تلك الطعنات والخيانات وموجات الكراهية والجحود، وكيف استطعتي ان تسامحي الذين ارتكبوا بحقك كل تلك الذنوب، واستباحوا حرمات الوطن وعبثوا بمستقبل الاطفال بكل جبروت وجحود.
اه يا بيروت المدينة حيث الافراد احرار من قيود الرعيان وسياسة قطعان التخلف والتعصب والجنون، اه يا بيروت يا منارة الحريات الابداعية في كل الفنون، هنا في بيروت عرفنا حنان المقاهي والشوارع ودفء البيوت واختبأنا من وحوش السلطة وصغار النفوس، وهنا كتبنا ما كنا نخاف ان نقول وعبّرنا عن سخطنا ومرارتنا من طغيان وعنف التعصب المجنون، اه يا بيروت يا كل الوطن وكل الماضي وكل الحاضر والمستقبل وكل ما هو جميل ونقي في تاريخنا المشؤوم، فأنت يا بيروت اجمل ما كنا عليه واجمل ما قد نكون.
شكرا يا بيروت على سنوات التنعم بتسامحك و تنوعك وتجددك، وشكرا يا بيروت على كرم اهلك وطيبتهم، وشكرا يا بيروت على صمتك على من تحجرت قلوبهم وعقولهم وتنكروا لنعمتك عليهم بإيوائهم واحتضانهم ايام غربتهم وعزلتهم، شكرا يا بيروت لكل من اشعل شمعة في ايام ظلمتك، وشكرا لكل من رنم في ايام ميلادك المجيد وشكرا لكل من اعاد الالفة بين الجار والجار بالشعر والموسيقى والغناء ورفع رأس بيروت بالمحبة والوفاء، وشكرا يا بيروت لكل من اعاد الحياة والتواصل الى قلب مدينتك التواقة لكل ابناء لبنان، وكل الحب لبيروت ولكل من احب بيروت وستبقى بيروت ترنم وسيبقى الجار للجار.
