إجتماعمحلي

تراجيديا المرأة… تراجيديا الإسلام

الى جانب بعض المصطلحات الشائعة حول تأويل النص القرآني (التأويل الدموي، التأويل الميكانيكي، التأويل القبلي…)، نحاول ـ ربما عن جهل ـ استحداث مصطلح آخر لتوصيف الحالة الراهنة «التأويل التوتاليتاري للنص» بعدما بدا أن الايديولوجيات تحولت الى أديان في القرن العشرين، وأن الأديان تحولت الى ايديولوجيات في القرن الحادي والعشرين.

كل ديكتانور لديه فقهاء غب الطلب لتبرير صلاحياته الالهية باعتبار أن الرعايا مخلوقاته هو لا مخلوقات الله. كل يجتهد على هواه. حتى في المسيحية أزمة لاهوتية. في خلاصة لكرّاس دوري تصدره «اللوموند» الفرنسية (Le Monde des religions ) أن الدين بات تفسير الدين. ما يقوله البشر لا ما يقوله الله…

ماذا تفعل «طالبان» بالمرأة، بل ماذا تفعل بالاسلام؟ اسلام ما قبل الاسلام، اسلام ما دون الاسلام. امام أحد المساجد التابعة لـ «الاخوان المسلمين» لاحظ أن «الله أمر بمعاقبة المرأة حتى يوم القيامة». حجته أن حواء أغوت آدم فكان الهبوط من الجنة الى الأرض،»… ولو أخذتنا باغواء المرأة لهبطنا من الأرض الى الجحيم»!

المرأة للغواية. ألهذا شعار السلطة في أفغانستان، وفي أمكنة أخرى أيضاً؟ «يا كور ياقور». اما البيت أو القبر. حيث يحظر على الفتيات الدخول الى الجامعات. هنا لا منزلة بين المنزلتين. اما أن تكون الليدي غاغا بمفاتنها الصارخة أو تكون خيرية صابر، زوجة بن لادن، حيث العودة الاحتفالية الى ثقافة الكهوف. النقاب قبراً…

جاك بيرك، المستشرق الفرنسي، الذي كتب بلغة التعاطف (التعاطف العقلاني) مع الاسلام، رأى أن أحد الأسباب الجوهرية لتخلف الدول، والمجتعات، الاسلامية تحويل المنزل، بالأبواب المقفلة، وبالنوافذ المقفلة، الى زنزانة. الرجل من يمسك بحبل المشنقة. ما على المرأة الا أت تكون الخليلة ليلاً القهرمانة نهاراً.

معاناة المرأة لم تقتصر على المجتمعات الاسلامية. الأميركية لم تحصل على حق الاقتراع الا عام 1920، أي بعد نحو قرن ونصف من النضال والقهر. البريطانية عام 1948، الفرنسية عام 1944. أما أول امراة حظيت بحق الاقتراع والترشح فكانت النيوزلندية (1893 ). عربياً، اللبنانية عام 1952، والسورية عام 1953. الحق في الاقتراع أم الحق في الحياة؟

ثمة بلدان اسلامية وصلت فيها المرأة الى أعلى المراتب. تانسو شيلر، رئيسة للوزراء في تركيا، وان على أرضية أتاتوركية. بنظير بوتو في باكستان وقد انتهت اغتيالاً. الهندوس كانت لهم انديرا غاندي، في الهند، والبوذيون سيريموفا بندرانايكا في سريلانكا. في أوروبا، المسألة باتت عادية. المراة الملكة، والمراة رئيسة الوزراء.

لكننا لم نر أي امرأة رئيسة للولايات المتحدة، بعدما كانت هيلاري كلينون قد لامست أسوار البيت الأبيض في المواجهة مع دونالد ترامب. كذلك في فرنسا. كثيرات دخلن الى الماتينيون (مقر رئاسة الحكومة) ما لم يحدث، قطعاً، في الاليزيه، وان حققت مارين لوبن خطوات هامة في الطريق اليه أثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

لا تظنوا أن «طالبان» فقط تئد البنات وهنّ على قيد الحياة في بلد تباع القاصرات في السوق ببضعة مئات من الدولارات، ليتكمن الأب من تأمين القوت لبقية أولاده.

المرأة العربية لا تزال تحت الحصار في أكثر من بلد عربي. لا رئيسة للجمهورية، ولا رئيسة للحكومة، ولا حتى… ملكة. نظرة فوقية الى المرأة التي عرفناها في زنوبيا، وفي كليوباتره، وحتى في ليلى (قيس) وبثينة (جميل) وعزة (كثيّر).

تراجيديا المرأة انعكاس بانورامي لتراجيديا الاسلام الذي يخضع للنزوات النرجسية لأصحاب الايديولوجيات الميتة والأدمغة الميتة، دون أن يعني ذلك التخلي عن القيم التي تكرس انسانيتنا، ولا تضعها في سوق النخاسة.

ولكن أليس الرجل أيضاً ضحية تلك التوتاليتاريات التي تشد عقارب الساعة الى الوراء، وان كان علينا الاقرار بالاختلاف في التشكيل البيولوجي لكل من الرجل والمرأة التي تبقى، وعبر الأزمنة، ملكة القصيدة وحتى… ملكة الاسطورة؟

لا الرجال، ولا النساء، يمكن أن يكونوا الألواح الخشبية في مستودعات الأنظمة. حتى الألواح الخشبية تصرخ…

المصدر
نبيه البرجي - الديار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى