سياسة

دولة “نتف المواطن” : إشتباك مفتوح بين بري وعون يُطيح بالكهرباء

يوم واحد فقط، وتغيب سنة كاملة، بكل ويلاتها وأزماتها واخفاقات الطبقة السياسية التي أُعيد التمديد لحكمها عبر انتخابات ايار من العام الذي يوشك على الانصرام.

ومع هذه النتيجة الدامية والمؤلمة التي قد تضع البلد في عداد تصنيفات الدول الفاشلة، بقي التوتر سيد العلاقات الداخلية، سواء خلال تجربة الحكم الماضية، عبر سجال الرئيس السابق ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، او بين الوزارات المعنية بتوفير الطاقة او الخدمات للمواطنين، اذ اتهم وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال وليد فياض وزارة المال بعرقلة السلفة التي كان من المقرَّر ان يدفعها مصرف لبنان لزوم مؤسسة كهرباء لبنان لشراء الفيول واعمال الصيانة، ولم يتأخر ما سمي بـ «التوضيح» الذي جاء من وزارة المال التي تحدثت عن عدم وجود سند قانوني، لجهة مرسوم يوقع عليه رئيس الحكومة والوزراء المختصون، وهو ما ليس متوافرا، على ان توجه الوزارة اليوم كتابا الى وزارة الطاقة يفصّل الثغرات في هذا الملف.ومهما يكن من امر الخلاف، فالثابت ان لا كهرباء حسب الوعود في الشهر المقبل، وهذه واحدة من الخيبات المتعددة، إلَّا أن للخلاف وجهاً سياسياً آخر، لا يخرج عن السجال الحاد الناشئ بين عون وبري.وبدا، في ضوء صورة «التناتش» هذه، ان الطبقة الحاكمة حولت الدولة، من دولة رعاية اجتماعية، الى دولة نتف المواطن، على المستويات كافة، من تحجيم الزيادة على الرواتب الى رفع اسعار الخدمات من ماء وكهرباء، الى فقدان الأدوية، ورفض دفع الرواتب المحوَّلة للمدنيين والعسكريين من عاملين ومتقاعدين على سعر صيرفة المعمول به الى 31200 ل.ل. الى 38000ل.ل. الى آخر.. الانهيارات على كل المستويات.على وقع هذا التآكل الممهور بعجز الطبقة الممسكة، بالامور عن تحقيق أي خرق ايجابي، وبانتظار ما ستسفر عنه التحقيقات الجارية بموضوع مقتل الجندي الايرلندي قبل اكثر من اسبوع، استعاض الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن المجيء الى لبنان لتفقد كتيبة بلاده، بارسال وزير الدفاع سيباستيان لوكورونو اليوم الي بيروت، ليمكث حتى الاثنين المقبل في 2 ك1 المقبل، حيث يمضي ليلة رأس السنة مع كتيبة بلاده، وعلى جدول اعماله لقاء مع الرئيس نجيب ميقاتي ونظيره موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزاف عون.

وحسب المصادر المطلعة على اجواء الاليزيه فالرئيس ماكرون سيحمل وزيره رسالة مشدّدة على ضرورة الاسراع بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل حكومة اصلاحات، للسير بها قدماً، تمهيدا لتوقيع الاتفاق التنفيذي مع صندوق النقد الدولي.وعليه، توقفت الحركة السياسية خلال العطلة بين عيدي الميلاد ورأس السنة عند اللقاءات البروتوكولية للمعايدة وبعض المواقف المكررة، بينما ينتظر لبنان العام الجديد لمواكبة الحراك السياسي الذي سيتجدد، لا سيما حراك رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي وعد انه «مش رح يفرّص» وستكون له مبادرة جديدة الاسبوع الاول من العام الجديد يشاور بها الخصوم قبل الحلفاء الباقين، كحزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب وتيار «المردة» واطراف اخرى ربما غير مسيحية، عارضاً ما وصفه البرنامج الانقاذي عبر اختيار رئيس توافقي بعدما استسلم الى انه لن يرى الرئاسة لكنه يطمح الى ان يكون ناخباً قوياً عبر اقتراح اسم شخص ثالث بينه وبين من تتردد اسماؤهم بقوة لا سيما سليمان فرنجية، وقائد الجيش العماد جوزاف عون المعتصم بالصمت والعامل بحيوية على توفير الدعم للجيش من كل النواحي.لكن مصادر في «القوات اللبنانية» قالت لـ «اللواء»: «مين جرب المجرب كان عقله مخرّب»، وقد جربنا باسيل ووصلنا معه الى ما وصلنا اليه، لذلك لا اتصال ولا لقاء حصل او سيحصل بيننا وبينه حتى لا نكرر التجربة معه، فهو اما يريدنا ان ننتخبه رئيساً او نوافق على من يقترحه ثم يتركنا بعد ذلك، علماً ان ما يتردد من احد الاسماء التي يقترحها لن يلقى القبول من اغلب الكتل النيابية (اشارة الى ما يتردد عن طرح باسيل اسم الوزير الاسبق جهاد ازعور).سجال بري – عونوبرغم فسحة الميلاد المجيد وقبيل السنة الجديدة تجدد السجال بين رئيس الجمهورية السابق ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي رد على ما جاء في مقابلة الرئيس عون على قناة الـ OTV امس الاول ، بالقول: بدءًا، وبدلاً من أن نقول كل عام وأنتم بخير ألزمتني لأقول لك ما يلي:

«لم تك بحاجة لمن يعرقلك، فقد وعدتنا بجهنم وكفّيت ووفّيت. للذكرى وليس للحنين 74 قانوناً صدروا ولم تُنفذ وليست في الجوارير، أولهم وليس آخرهم الكهرباء. حرمتنا رؤية النجوم ليلاً وشوّفتنا نجوم الظهر.
وكان عون قد قال في حديثه: «أنّ بري وأتباعه عرقلوا عهده ومنعوه من الإصلاح. وإستعرض قائمة من 18 بنداً قال إن من عرقل إنجازها هو رئيس المجلس النيابي الذي حكم محل القضاء واعتدى على أنظمة الحكم متجاوزاً صلاحياته التشريعية».
وردّ عضو «تكتل لبنان القوي» النائب جورج عطالله على الرئيس برّي بتغريدةٍ على حسابه عبر «تويتر» كاتبًا: «إجا مين يفرجيك يللي فرجيتو لكل اللبنانيي… نجوم الضهر».
وكان بري قد ابلغ المعنيين انه لن يكرر مبادرته لعقد الحوار بين الكتل النيابية للتوافق على رئيس للجمهورية، لكن بعض المصادر تؤكد انه لن يترك الساحة للفراغ وقد يحاول مجدداً تحريك المياه الراكدة في العام الجديد، قبل او بعد او بالتوازي مع حراك باسيل.
وسجلت في حركة المعايدات، زيارة الشيخ حسن المصري مع وفد من حركة «أمل» للبطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي في الصرح البطريركي في بكركي، موفداً من الرئيس بري للتهنئة بعيدي الميلاد ورأس السنة.
وقال المصري بعد اللقاء: تحدثنا في كل الأمور، وما يؤمن به صاحب الغبطة والرئيس نبيه بري، يجمع بينهما تثبيت عمل المؤسسات الرسمية لهذا البلد، وملء الفراغات الكثيرة من رئاسة الجمهورية الى رئاسة الحكومة.
وعن اتهام البعض للرئيس بري بتعطيل جلسات الانتخاب، أكد الشيخ المصري «أن هم صاحب الغبطة والرئيس بري، هو نفسه، إنتخاب رئيس للجمهورية».

.. ويمقاتي يرد
ولم يقتصر الاشتباك السياسي بين بري وعون، بل توسع الى ردّ الرئيس ميقاتي ما جاء في بيان التيار الوطني الحر في ما يتعلق بعدم توقيع وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار على مرسوم يتعلق بنقل احتياطي من الموازنة العامة الى موازنة الشؤون الاجتماعية، فنفى ان الوزير وقع على المرسوم، وكذلك نفى ما يتعلق توقيع وزير الدفاع.
واتهم التيار العوني بتزوير في اصدار مراسيم لا ميثاقية ولا دستورية ولا قانونية، معلنا ان التيار لا يمكنه السكوت، ولن يوفر طريقة لمنعها.8
مولوي: الانتخابات البلدية في أيار
أكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي ان التحضيرات لانتخابات البلدية بدأت ويجب ان تحصل بشهر ايار ولا تأجيل بالنسبة لنا».
مولوي وبعد لقائه البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي في بكركي، تمنى انتخاب رئيس للجمهورية لإعادة التوازن للحكم.
وعن موضوع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء، أشار الى ان رئيس الحكومة يقرره.
وشدد على «مؤازرة القوى الامنية لتمر الاعياد بسلام. وقال: نحن موجودون لنكون بجانب الناس ونعطيهم الامل والثقة بنفسهم ووطنهم»، لافتاً الى ان الاجهزة الامنية برغم ظروفها الصعبة تطبق القانون بما فيه من حفظ الامن والامان والاستقرار».
اسواق سوداء
على صعيد البلبلة في قطاع المشتقات النفطية، والقطاع المصرفي الذي شهد زحمة للمواطنين اسوة بزحمة محطات البنزين قبل زيادة اسعارها امس، وفق جدول تركيب الأسعار الصادر عن وزارة الطاقة والمياه – المديرية العامة للنفط، حيث سجل سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان زيادة 80 ألف ليرة، و98 أوكتان 83 ألفاً، وصفيحة المازوت 90 ألفاً، أما قارورة الغاز فارتفعت 53 ألفاً.

وأصبحت الأسعار على النحو الآتي: 

  • البنزين 95 أوكتان: 709000 ليرة لبنانية
  • البنزين 98 أوكتان: 729000 ليرة لبنانية
  • المازوت: 790000 ليرة لبنانية
  • الغاز: 466000 ليرة لبنانية. 
    وتعقيباً على الجدول، أوضح عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس أن «الجدول الجديد لتركيب اسعار المحروقات صدر وفقاً للآلية التي كانت معتمدة قبل تعميم المصرف المركزي، وأعاد الأمور إلى طبيعتها باحتساب سعر صرف الدولار عملاً بالأسواق الموازية وليس بسعر «صيرفة»، حيث كان من المستحيل شراء الدولار من المصارف لزوم المحطات. وارتفعت الأسعار بعدما حدّد سعر الدولار 44200 ليرة عوضا ًعن 39140 الذي كان معتمداً في جدول الاربعاء.
    وفي وقت أعلنت وزارة الطاقة أن تسعيرة المحروقات عادت إلى السوق الموازية بعد طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ومصرف لبنان، أوضح مكتب ميقاتي الاعلامي في بيان : منعاً لأي التباس أو تحريف او اجتزاء او استغلال لمضمون كتاب رئيس الحكومة الى وزير الطاقة ، بشأن تحديد سعر مبيع المحروقات السائلة ، يهمنا الايضاح انه بعد البلبلة التي حصلت امس (الاول) عقب قرار وزير الطاقة، ربطاً بسعر منصة صيرفة التي حدّدها البيان الصادر عن مصرف لبنان بتاريخ 27/12/2022 بـ/ 38,000/ ليرة لبنانية، وقبل اكتمال العملية التنظيمية لذلك ما أدى إلى عدم تلبية المصارف التجارية طلبات السوق كافةً تنفيذاً لبيان المصرف المركزي، وبعدما تفاقمت أزمة توزيع المحروقات ما انعكس سلباً على مصالح المواطنين في فترة الأعياد، جرى التواصل بين رئيس الحكومة ووزير الطاقة والمياه وليد فياض، فطلب الوزير تغطية رئيس الحكومة لقرار التراجع عن اعتماد السعر الجديد الى حين انتظام عمل المصارف وفق آلية التسعير الجديدة لصيرفة. وعلى هذا الاساس وجه الرئيس ميقاتي كتابا الى وزير الطاقة ، بناء للطلب المذكور، بالإبقاء على تسعيرة بيع المحروقات ربطاً بسعر الصرف في السوق الموازية لحين الانتهاء من وضع الآلية المذكورة

وفي السياق، اشارت معطيات صحافية الى انه و«بعد دراسة ملف الكهرباء من قبل وزير المال يوسف خليل والمعنيين، من أجل فتح اعتماد تمويل شراء مشتقات النفط من شركة vitol bahrain  لزوم تشغيل معامل انتاج الطاقة في مؤسسة كهرباء لبنان، تبيّن أن مبلغ السلفة المقدر بـ62 مليون دولار لا يمكن صرفه إلاّ بمرسوم حكومي». ووفق ما تقول مصادر سياسية مطلعة لـ«المركزية»، فإن هذه العقبة ستؤخر اقرار الاعتماد وتاليا ستعوق تأمين تغذية لـ4 ساعات، بما ان اجتماع مجلس الوزراء، اقله قبل رأس السنة، مستبعد، لاسيما في ظل الكباش الوزاري بين كل من الرئيس ميقاتي والتيار الوطني الحر.
ولاحقاً عقد الوزير فياض مؤتمراً صحافياً قال فيه: أنّ هناك عائقًا من وزارة المال فهي لا تعطي القرار لمصرف لبنان بصرف الأموال، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة أكّد توافر المال، ونتمنّى أن تحجز هذه الأموال لتوريد الفيول.
وأضاف: يجب إما تأمين سلفة الاعتماد لنتفادى الهدر، أو أن توضع النقاط على الحروف فيُلغي الموضوع من أساسه.
وتابع: تم الاتفاق على تكون الكهرباء أقل كلفةً اذا توجهنا الى خطة الطوارئ ولكن هذا الموضوع شائك والجهات الاجنبية التي يجب أن تساعد تتأخر. سائلاً: أما في الداخل فما الذي يؤخّرنا إذا مصرف لبنان أكّد وجود الاموال؟
لكن وزارة المال اوضحت لاحقا ان الفارق كبير بين توفر الأموال، وبين وجود ضمانة وسند قانوني خصوصاً ان المبلغ الكبير المطلوب تأمينه يتطلب مرسوماً يوقع عليه رئيس الحكومة والوزراء المختصون  وهو ما ليس متوافرا. ناهيك عن أن مؤسسة كهرباء لبنان لم توقع تعهداً باعادة أي سلفة يتم اقرارها  كما يفرض قانون المحاسبة العمومية، لا بل حتى انها نأت بنفسها عن سدادها .وأشارت الوزارة الى أنها ستوجه إلى  وزارة الطاقة والمياه يوم غدٍ الجمعة (اليوم) كتاباً مفصلاً يبيّن الثغرات كافة حيال هذا الملف، حسب بيان المكتب الاعلامي في الوزارة.

وبينما انتقلت الطوابير من امام المحطات الى امام المصارف التي تعطي اللبنانيين الدولار حسب تسعيرة صيرفة، وأبرزها مصرف «الموارد»، وعلى وقع تقلبات في سعر دولار السوق السوداء في ملعب الـ45 الفا… إستقبل رئيس الحكومة في السراي أمس وفدا من الاتحاد العمالي العام برئاسة بشارة الاسمر الذي قال «زيارتنا كانت لبحث الاجراءات الضريبية الناتجة عن المواد 27 و33 و35 من قانون الموازنة والتي ترجمت بمذكرة من وزير المالية وحاكم مصرف لبنان، وهي اتت مجحفة بحق الموظفين والعمال الذين يتقاضون جزئيا او كليا رواتبهم بالدولار الاميركي، كذلك الامر بالنسبة لجميع العاملين في القطاع الخاص، لذلك قدمنا مذكرة الى دولة الرئيس نقترح فيها بعض التعديلات».
دولة «نتف المواطن»: اشتباك مفتوح بين بري وعون يُطي

المصدر
اللواء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى