قطر لقائد الجيش: بدنا وما فينا!
لم يعد خافياً على أحد أن اللقاءات التي يعقدها رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، مع بعض القيادات السياسية، تهدف بالدرجة الأولى، إلى إيصال رسالة واضحة إلى “حزب الله”، بأن باسيل قادرٌ على التحرك سياسياً من خارج عباءة وتعليمات حارة حريك. أمّا الهدف الثاني لباسيل، فهو ضرب ترشيح كلٍ من رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد ميشال عون.
معظم لقاءات باسيل، وهو يعلم، لا تجدي نفعاً في قلب الموازين الرئاسية رأساً على عقب، وأكثر ما يمكن تحصيله منها، هو تكريس دوره كممرٍ إلزامي لأي مرشّح نحو قصر بعبدا. لكن رئيس التيار، يسلّط تركيزه بالكامل على فرنجية وعون، ويريد إسقاط ترشيحهما بمختلف الطرق والسبل الممكنة وغير الممكنة.
يحظى قائد الجيش بحظوظٍ أكبر من حظوظ فرنجية، وزيارة العماد عون إلى قطر، والتي أتت بعد زيارة باسيل إلى الدوحة، كانت جيدة في الشكل وفي المضمون، إذ حظي عون، باهتمامٍ قطري واضح في زيارته التي استمرت لأيام معدودة.
ووفق المعطيات، تبلّغ قائد الجيش من القطريين، أنه سيتمّ تشكيل لجنة في وزارة الخارجية القطرية للتشاور والتحاور مع الأفرقاء اللبنانيين، لتسويق إسمه لرئاسة الجمهورية. لكن القطريين أبلغوا عون، أنهم يتمنون وصوله للرئاسة، لكنهم لا يستطيعون فرضه كمرشّح أمر واقع، خصوصاً وأن قطر تعمل على الملف اللبناني من دون أن تتخطّى الجانبين السعودي والفرنسي.
ومن المعروف أن باريس بإدارة ماكرون، تبحث عن رئيسٍ يؤمّن لها مصالحها في لبنان ويكرّس نفوذها المفقود منذ الإنتداب الفرنسي في القرن الماضي. أمّا المملكة العربية السعودية، فموقفها واضحٌ وهي تنتظر من السلطة في لبنان، إنصافها بصراعها مع إيران، وقبل تحقيق هذا الأمر، ستبقى المملكة على مسافة من الملف اللبناني بكل تفاصيله.
بالعودة إلى قائد الجيش، فإن انتقاله من اليرزة إلى بعبدا مشروط بتخلّي الثنائي الشيعي “حزب الله” وحركة “أمل”، عن ترشيح فرنجية، وهذا الأمر بعيد المنال، إن لم نقل مستحيل، أقلّه في المدى المنظور. كما أن هناك مواقف تصدر من بعض النواب، تطالب قائد الجيش بحسم خياره إذا كان يريد الترشّح أم لا، وإذا كان راغباً لماذا لا يقوم بتقديم استقالته من قيادة الجيش والتفرّغ لعرض رؤيته السياسية والإقتصادية على النواب لإقناعهم بتبنّي ترشيحه؟
إذاً كلٌ من فرنجية وعون ليس باستطاعتهما حتى الساعة، تجاوز اختبار رئاسة الجمهورية. رئيس تيار “المردة”، يحتاج الغطاء المسيحي غير المؤمّن لا من “القوات اللبنانية” ولا من “التيار الوطني”، وقائد الجيش يحتاج إلى تعديلٍ دستوري يبدو صعباً، كي لا نقل مستحيلاً.
في المحصّلة، يبدو أن باسيل سينجح في فرض خيار الرئيس التوافقي الذي سيأتي برضى غالبية الكتل النيابية، لكن حتماً الرئيس التوافقي، لن يكون من بين الأسماء التي يرغب ويطمح رئيس التيار بإيصالها وباتت معروفة، بل يصحّ القول إنها احترقت إلى غير رجعة.