مقالات

أوقفوا سمومكم وإهمالكم لطرابلس

واقع لبنان اليوم لا يشبه الحالة الطبيعية للدولة، فالليرة المنهارة تُغير شكل الوطن برمته اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا، وجميع هذه العوامل نتيجتها لا شك أنها ستصب في الاطار الأمني.

وبما أنَّ ما يحصل في لبنان أرخى بثقله على مختلف الأقضية، وبما أن القتل والأحداث الأمنية اليومية تحصل بشكل فردي على مساحة الوطن، يسعى بعض الاعلام إلى توجيه أسهم الانهيار إلى طرابلس من أجل خطف سكوب اعلامي من هنا أو من هناك.

تأثير أحداث ١٧ تشرين

منذ إعلان بعض السفارات تحريك أدواتها في لبنان من أجل تنفيذ مخطط الانقلاب على الدولة من خلال الثورات الملونة، كانت طرابلس المرتع الأنسب لهذه السفارات، فساد جو شبيه كثيرًا بساحات حرّكت فيها الولايات المتحدة الأمريكية أدواتها لنفس الغاية، فكانت ساحة النور المكان الأنسب لتحريك ما سمي حينها بالثورة، بعدها كان مسلسل أعمال الشغب واحراق البلدية والفوضى التي لا تحدث إلا في طرابلس، واذا رأيناها في مكانٍ آخر فمن المؤكد أنك ستجد طرابلسيًا تم الاتيان به واستغلاله مقابل بعض الليرات الزهيدة من أجل تنفيذ هذا المخطط.

إهمال طرابلس انمائيًا

إنمائيًا حدّث ولا حرج، فطرابلس حيث ثاني أهم بلدية في لبنان بعد بيروت، لا انماء محلي فيها وهي مرتع للتفاهمات السياسية البغيضة. كما أن تصفية الحسابات التي خاضها تيار “المستقبل” مع أبناء طرابلس في جبل محسن والتي كانت نتيجتها تحريض الأخوة في الوطن في منطقتي باب التبانة وجبل محسن ومن ثم وضعهم في السجون أو في المنفى، أدت الى تدمير واقع طرابلس الانمائي بسبب ضرب كل امكانيات الاستثمار فيها رغم أهمية موقعها الاستراتيجي. كما لا بد من التطرق لسوء النوايا تجاه المدينة التي إن غابت عنها رئاسة الحكومة، لا تغيب عنها الوزارات التي من المفترض أن يولي أصحابها بعض الاهتمام لمنطقتهم.

تحميل طرابلس عبء النزوح السوري

من الاهمال الانمائي إلى مسلسل تحميل طرابلس عبء النزوح السوري دون أن ننسى كذلك الامر تحميلها ثقل الانقلاب على النظام في سوريا من خلال استغلال طيبة وسماحة وعفوية شبابها. اليوم ينادي البعض بالحلول للنزوح السوري لاسباب سياسية، لكن المعاناة الاكبر هي حيث الثقل الاكبر والنزيف الاكبر للبنية التحتية ولفرص العمل والمضاربة في السوق الطرابلسية.

اهمال وزارة الاقتصاد للرقابة في طرابلس

أما عندما نتحدث عن أزمة الدولار، فنجد أن غياب السلطات الرقابية هو الأقوى في طرابلس، ذلك أن الاشتراكات الخاصة للكهرباء هي الأغلى في طرابلس، وأسعار السلع هي كذلك الأمر خارج خطة وزارة الاقتصاد التي تغيب عن طرابلس وعن لبنان كجزء من مخطط الاهمال واللا مسؤولية.

التفلت الأمني مرده إلى غياب الاحساس بالمسؤولية

قد تكون الأشهر الأخيرة هي الأكثر تشويهًا للصورة الأمنية في طرابلس، بالرغم من أنها مشابهة لأي منطقة لبنانية. لكن المفارقة أن السجون في طرابلس مكتظة، ووزير الداخلية اهتماماته بعيدة عن حل أزمات المدينة على هذا المستوى ومنشغل في ترويج اسمه لرئاسة الحكومة من خلال الظهور الاعلامي وتقديم أوراق الاعتماد هنا وهناك.

في المعلومات الدقيقة، لا تتسلم قوى الأمن الموقوفين من الجيش اللبناني ضمن الاطار الطبيعي لعمل الأجهزة الامنية، مما يعرقل عمل مخابرات الجيش والشرطة العسكرية، ناهيك عن القضاء المعطل أو الذي يعمل غب الطلب. ألا يستطيع وزير الداخلية وضع آلية بسيطة لعمل القوى الأمنية من أجل السماح لباقي الأجهزة بالقيام بواجباتها؟

طرابلس اليوم هي أكثر منطقة آمنة مقارنة بواقعها الأليم واهمال الدولة لها، لكن بعض الاعلام لا يستطيع تسويق نفسه إلا من بوابة طرابلس، كما أن بعض الوزراء لا يمكن أن يكون فاشلًا إلا عند تخلّيه عن طرابلس حيث لا حسيب ولا رقيب يطالب بحقوقها وينادي باسم أهلها. أما حقيقة الأمر، فإنَّ طرابلس أكثر منطقة لبنانية مظلومة في لبنان، لذلك أوقفوا سمومكم واهمالكم لطرابلس.

المصدر
د. زكريا حمودان - العهد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى