مقالات

«طبخة بحص» اقليمية ودولية لا تؤشر الى انفراجات قريبة لبنانياًً

تنزلق البلاد الى مزيد من الازمات الاقتصادية الصعبة مع خروج سعر صرف الدولار عن «السيطرة»، وسط فوضى في الاسعار، وانهيار المزيد من القطاعات الحيوية، فيما تبقى الآمال المرتبطة بالحراك الدولي الاقليمي مطلع العام المقبل او قبل نهايته، مجرد «طبخة بحص» لا معالم واضحة لها، بل مجرد تكهنات وتسريبات و«خبريات» لا يمكن التعويل عليها بغياب اي تفاهمات جدية على كيفية مقاربة الاستحقاقات الدستورية، وسط خلافات مستجدة بين المقاربة الفرنسية التي تسعى لانجاز تسوية تتجاوز حدود التفاهم على الاستحقاق الرئاسي والحكومي الى البحث بتطوير النظام السياسي وهو امر تؤيده قطر وترفضه السعودية التي لا ترى بديلا عن الطائف ولا تقبل مجرد النقاش بأي بدائل، فيما يقف الاميركيون على «الحياد» ولا يبدون اي انحياز لاي من المعسكرين في موقف يعكس عدم وجود لبنان على قائمة اولويات واشنطن، فيما يبقى كل هذا الحراك دون جدوى في غياب اي تواصل جدي بعد مع طهران غير المعنية باي مقايضة على ملفها النووي حيث عاد «حبس الانفاس» من جديد الى الواجهة مع نجاح رئيس الحكومة الاسرائيلية المكلف بنيامين نتانياهو بتشكيل حكومة يمينية متطرفة تسرب عبر «ابواقها» الاعلامية والسياسية لضرورة ضرب المشروع النووي الايراني لو تسبب ذلك بحرب اقليمية لن يكون حزب الله بعيدا عنها. وفي الانتظار، خرق المجلس الدستوري حالة الجمود السياسي في البلاد وردّ بالامس، الطعنين المقدَّمين من قبل جاد غصن في المتن وحيدر عيسى في عكار. وتمّ تثبيت نيابة رازي الحاج وأحمد رستم.

امنيا، تقدمت التحقيقات في حادثة العاقبية مع دورية اليونيفيل خطوات جدية في ظل بدء عمليات توقيف بعض المشتبه بهم، وتشير المعلومات الى تعاون جدي من جميع الاطراف حيث لا توجد اي تدخلات لحماية اي من المتورطين، حيث يفترض ان يسلم الاهالي المشتبه الرئيسي في الساعات المقبلة. اما في السياسة فلا توجد اي مؤشرات على احتمالات «تبريد» الاجواء وسط انسداد افق الحوار واستمرار استخدام جلسات الحكومة الاستثنائية ساحة «للكباش» السياسي مع انفجار الخلاف مجددا بين التيار الوطني الحر ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اثر «تمرد» وزير الدفاع موريس سليم على توقيع المراسيم المتعلقة بالمساعدات الاجتماعية للجيش، بل واجراء تعديلات عليها، ما يجعل العسكريين ضحايا لهذا الصراع السياسي المحتدم؟!

«طبخة بحص»
على الصعيد الدولي لا تزال الامور ضبابية، كما فهم زوار السفارة الفرنسية في بيروت، فقبل دخول السلك الدبلوماسي في «كوما» الاعياد، التقى موظفون رفيعوا المستوى في قصر الصنوبر مع عدة شخصيات حضرت للتهنئة بالاعياد، وفهم من اجواء تلك اللقاءات، ان باريس تسعى الى ايجاد تسوية تتجاوز مسألة الاستحقاقات الدستورية الى ما يمكن ان يؤمن الاستقرار على المدى المتوسط والطويل، وهي تحاول تقديم اقتراحات عملية لايجاد صيغة تراعي اجراء التعديلات اللازمة على اتفاق الطائف بعد ان ثبت وجود ثغرات كبيرة تمنع تقدم الحياة السياسية وتنعكس على الاوضاع الاقتصادية والامنية، ولان باريس تعرف جيدا حساسية الموقف السعودي من المسألة، فانها حرصت على ابلاغ المملكة بعدم وجود اي نية لاجراء مراجعة شاملة لوثيقة الوفاق الوطني التي تحولت الى دستور، وانما تدويره نحو الافضل، وهو امر يؤيده القطريون وسيطلقون حملة استمزاج واسعة لرأي القوى السياسية مطلع العام الجديد. ووفقا للمعلومات، لا تزل الرياض على تعنتها في رفض الدخول في اي بحث حول «الطائف» مهما كانت التسمية، لانها تخشى «فتح» ابواب تعديلات لن تنتهي الا بنسفه، ولهذا لم تبد اي انفتاح حتى الآن، لا على مناقشة الموضوع من اصله، ولا على تقديم مقاربة انقاذية في المقابل، غير ترداد الشروط المعتادة والتي باتت مجرد «تفصيل» في ملف اكثر تعقيدا براي الفرنسييين.

في المقابل، ترى اوساط دبلوماسية عربية ان الخلاف صحيح بين هذه الدول ولكن ليس كما يسوق له الفرنسيون، فالرياض تعرف ان الاهداف الفرنسية والقطرية لا ترتبط بتطوير النظام السياسي اللبناني، وانما تتعلق بطموحات غازية ولا شيء آخر، وهو امر تهتم به واشنطن ايضا، فيما ترى السعودية ان «الف باء» وقف الانهيار يبدأ بانتخاب رئيس «محايد» لا يكن العداء لدول الخليج، والاتفاق على رئاسة الحكومة ومشروعها الاصلاحي، ولا مجال لبحث اي شيء آخر.

المصدر
الديار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى