مقالات

يللي بيدمّر ما بِيعَمّر

ستّ سنوات من حكم ميشال عون في عهد متوّج بانهيار لبنان.

لقد حاول اللبنانيون عند مغادرة عون قصر بعبدا الجمهوري متجهاً الى مقرّه في الرابية، تنفّس الصعداء.

لقد عرف عهده في سنواته الست تحركات شعبية واسعة عام 2019 وعزلة خارجية خانقة، وصراعاً داخلياً حادّاً وانهياراً نقدياً وتدهوراً اقتصادياً، وانفجار مرفأ بيروت. كما شهد هذا العهد محطات استثنائية تاريخية ألبسته رداء جهنم، التعبير الذي أجاب به رداً على سؤال إحدى الصحافيات.

تعبير جهنم طبع عهد عون، وهو الذي عطّل البلد عامين ونصف العام مع حليفه حزب الله، لتحقيق حلمه الرئاسي بين عامي 2014 و2016… فبعد عودته من المنفى ارتدّ كابوساً على اللبنانيين.

وأذكّر بأن قسم الرئيس السابق ميشال عون تُرْجم عكسياً على لبنان، فكان انهيار العملة الوطنية، والانحدار الاقتصادي، مع توقف لبنان عن سداد ديونه الخارجية، وتدهور القدرة الشرائية، وغلاء الأسعار غير المسبوق، واحتجاز المصارف ودائع الناس بسبب تمنّع الدولة عن سداد ديونها لمصرف لبنان.

يُضاف كل ذلك الى تعطيل مواقع الدولة والسلطات الدستورية وتعطيل القضاء من خلال التدخل في شؤونه، وضرب الادارات العامة بالمحسوبيات، وضرب العدالة والقضاء والحريات، ما نتج عنه صراعات داخلية، اضافة الى الأزمات الديبلوماسية، والعتمة الشاملة (صفر كهرباء)، وتوسّع نفوذ السوق السوداء، والمهرّبين والمحتكرين، وطوابير الذل على محطات الوقود والأفران والصيدليات، والإشكالات في «السوبرماركت»، واقتحامات المصارف ورفع مستوى الخطاب التحريضي بحجة استعادة حقوق المسيحيين، إضافة الى غرق الطرقات بالمياه والنفايات، وارتفاع معدلات الفقر والجوع والبطالة والهجرة الشرعية وغير الشرعية هرباً من «جهنم»، وجرائم القتل والسرقة، وتراجع مستوى الخدمات الصحية والاتصالات والانترنت وغيرها.

كما سجل العهد العوني الجهنمي أيضاً ارتفاع وتيرة مراكب الموت (أي الهجرة غير النظامية بحراً خصوصاً في الشمال)، وضحايا انفجار بلدة التليل في محافظة عكار… هذا الانفجار المتصل بالأزمة الاقتصادية وتخزين المحروقات، وغيرها من الأحداث المأسوية.

ويكفي أنّ العهد العوني (عهد جهنم) عانى من قطيعة دولية وخليجية، وعزلة داخلية، حالت دون تمكنه من جمع كل الأفرقاء السياسيين الى طاولة حوار.

والأنكى من ذلك كله انحياز عون الفاضح والواضح لصهره المدلّل جبران باسيل (و»لعيون باسيل عمرا ما تتشكل حكومات») حتى صار الصهر المدلّل رئيس الظل بلا منازع والحاكم بأمره، لا تشكّل حكومة إلاّ بأمره، ولا يُخْتار وزير إلاّ بعد استشارته… وما «يفلق» حقاً، ان فشل باسيل وتياره وعون وعهده الجهنمي، تحوّل الى أهزوجة ترددها ألسنة أنصار التيار الوطني الحرّ «ما خلّونا».

ولن أنسى قانون قابيل وهابيل الانتخابي الذي فُصّل على قياس الصهر المدلّل ليفوز في الانتخابات النيابية التي فشل فيها مرتين من قبل لولا هذا القانون «الجائر»، وهنا لا بد أن أستحضر «تصويتاً» أجرته «أورينت» على موقعها الالكتروني عن اسم أسوأ رئيس في تاريخ لبنان، فحمل التساؤل: (من هو أسوأ رئيس في تاريخ لبنان؟) فحصل ميشال عون على 88٪ من نسبة المقترعين الـ625.

لقد أكدت غالبية الأصوات ان ميشال عون هو الرئيس الأسوأ في تاريخ لبنان، حيث شهدت البلاد في عهده أسوأ أزماتها الاقتصادية والسياسية، تطبيقاً لشعاره السابق «رايحين على جهنم». وبالفعل وصل لبنان الى جهنم، وفقاً لرؤية الجنرال حين توعّد اللبنانيين بمصير أسود.

كما أستحضر أيضاً خبراً بثته إحدى شاشات التلفزة اللبنانية مؤداه ان الفساد تغلغل في عروق هذا الوطن في عهد ميشال عون وتحكم صهره المدلّل جبران… وذكّرت المحطة التلفزيونية بمفارقة مضحكة بطلتها النائب في البرلمان الأوروبي البلجيكية ماري أرينا، والتي تترأس اللجنة الفرعية لحقوق الانسان فيه، وهي كانت قد زارت الرئيس السابق ميشال عون قبل شهرين تقريباً من انتهاء ولايته، حيث أكدت من بعبدا -يومذاك- ان الاتحاد الاوروبي أصدر قراراً يقضي بإنزال عقوبة بالفاسدين في لبنان، وهم كثر في هذا العهد.

ما دفعني الى هذا الشرح المسهب في تبيان فساد وسوء عهد ميشال عون وصهره باسيل ما قاله الرئيس السابق بإطلالته الاعلامية الأولى بعد رحيله عن «القصر» الى الرابية، انه (أي عون) سيتابع العمل مع تياره من أجل تحقيق الأهداف في كشف الفاسدين ومحاسبتهم.

والمضحك ان عون الذي أمضى ست سنوات عجاف في قصر بعبدا، لم يفعل شيئاً لمكافحة الفساد، بل على العكس، غطّى وحمى الفاسدين من فريقه السياسي، وسخّر بعض القضاة وعلى رأسهم غادة عون، لمحاربة خصومه السياسيين، بشكل كيدي، وهو الذي شلّ السلطة القضائية بالكامل حين جمّد التشكيلات القضائية كرمى لعيني الغادة عون.

والمصيبة الأعظم أننا لم نعرف في هذا العهد الفاشل من هو الرئيس الفعلي، فعون هو الرئيس المنتخب وباسيل الصهر المدلّل هو الرئيس الفعلي (رئيس الظل) الحاكم بأمره.. وهنا أتذكر دولة الرئيس نبيه بري الرجل الذكي المحنّك الذي قال لعون يوم جاءه طالباً تأييده: لن أؤيّدك، لأنني لو فعلت لكنت سأنتخب رئيسين: أنت وجبران، وهذا ما لن أفعله أبداً.

بوركت يا دولة الرئيس بري، كم كنت عارفاً ببواطن الأمور.

ويفاخر عون من ميرنا الشالوحي بإنجاز ترسيم الحدود البحرية، يعني «حضرته أقوى من أميركا»… وأرد قائلاً: الترسيم جاء بقرار أميركي، فُرِضَ على طهران، وطهران فرضته على «الحزب العظيم»… فلا تُفاخر ببطولات غيرك.

وأتساءل أيضاً: أين قوة حلفائه في الحزب العظيم.. بل أين المئة ألف مقاتل و150 ألف صاروخ؟

وأسأل ميشال عون: أين عنترياتك يوم كنت رئيساً للحكومة العسكرية في بعبدا عام 1988 يوم هدّدت بتكسير رأس المرحوم الرئيس حافظ الأسد، ثم ذهبت الى دمشق بعد ذلك تستجدي العطف والتأييد.

ولن أسترسل أكثر في تعداد فشل عهدك وفشل صهرك في كل الوزارات التي تسلمها فدمّرتها أنت وهو، وأوصلت لبنان الى جهنم.. ولن «أهضم» أخيراً ما قلته في ميرنا الشالوحي من انك أنجزت 75٪ من الاصلاحات في لبنان… وعلى تيّارك ورئيسه جبران إكمال الربع.. فهل تريدون إنهاء لبنان من الخارطة؟..

إننا نقول وباختصار شديد، لقد انتظر لبنان لحظة زوال عهدك، ولن يجدّد لأحد من مؤيديك.. لأنّ من يُدمّر لا يمكن له أن يُعَمّر.

المصدر
عوني الكعكي - الشرق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى