محليمقالات

“صرخة المودعين”… غبّ الطلب وتحت الطلب!

لا يختلف اثنان، مودعان أو غير مودعيْن، على تحميل المصارف مسؤوليّة تبديد الودائع، جرّاء ضلوعها والمنظومة الحاكمة في تمويل شبكات الفساد والهدر والصفقات خلال العقود التي خلت، والتي ترافقت مع إيهام المودعين بفائض الثقة لإستقطاب المزيد من مدخراتهم قبل الإنقلاب عليهم مع إنطلاق حراك «17 تشرين» 2019، وإقفال المصارف أبوابها بوجه أصحاب الحقوق للتمادي في إذلالهم… وهذا ما أدى الى نشوء حالة اعتراضية شعبيّة عفويّة مناهضة للمصارف، قبل أن تنتظم لاحقاً في جمعيات «تدّعي» الحرص على أموال المودعين… كتلك التي تعمل باسم «صرخة المودعين».

وعلى الرغم من أحقيّة الأهداف التي تحملها الجمعيّة، إلّا أنّ بعض تحركاتها يطرح العديد من التساؤلات، وكأنّها صارت أشبه بمسرحيات هزليّة لا تختلف عن المسرحيات التي يشهدها مجلس النواب تحت عنوان مناقشة قانون الكابيتال كونترول وخطة التعافي المالي والتي دفعت «الجمعيّة» إلى تنفيذ وقفة إعتراضيّة أمام قصر العدل في بيروت قبل يومين، قبل أن تتبنى الحركة الاعتراضية مؤازرة أحد المواطنين في اقتحامه الإدارة المركزيّة لمصرف الإعتماد اللبناني على بعد أمتار في محلة كورنيش النهر.

التحرّك الذي استدعى تدخّل القوى الأمنيّة ومكافحة الشغب لم يخلُ من تحطيم السور الحديدي للوصول إلى المدخل الأساسي للمبنى الذي شهد تدافعاً بين رئيس جمعيّة «صرخة المودعين» علاء خورشيد وعناصر الحماية للمصرف، سرعان ما تمّ فضّه على وقع الهتافات المنددة بأصحاب المصارف عبر مكبرات الصوت… ليعمد المحتجون إلى الخروج من الساحة الخارجيّة للمصرف بعد ما يقارب الساعة من دون تكبّد أيٍّ جهد من جانب القوى العسكرية في ذلك. لينتقل «الحدث» على أثرها، من المطالبة بحقوق المودعين وإقتحام المصرف إلى مناشدة الصليب الأحمر اللبناني لنقل أحد الجرحى من المحلّة.

ولاحظ بعض المتواجدين في المحلّة التواجد الكثيف لعناصر أمنيّة بلباس مدني في مواكبة لتحركات المعترضين بشكل يفوق عدد هؤلاء، ويعمدون إلى تأمين الحماية وتنسيق تحركاتهم. وهذا ما بدا جلياً من خلال إبراز صفتهم الأمنيّة بوجه أحد المواطنين الذي قال لأفراد الصليب الأحمر لدى وصولهم إن «لا إصابات تتطلب هذا الإستنفار»… قبل أن يتحوّل رئيس الجمعيّة مع سماعه أصوات سيارة الإسعاف من قائد للمقتحمين إلى مصاب يستدعى نقله إلى المستشفى جرّاء تعرضه قبل ساعات لجرحٍ صغير في يده اليمنى لدى اقتحام السور الحديدي للمصرف. ما دفع أحدهم إلى القول: «إنتهت المسرحيّة اليوم.. وانتهى دوام عملهم».

وهذا ما يقود إلى طرح سلسلة تساؤلات: هل باتت تحركات هذه الجمعيات التي تدّعي مساندة المودعين «غبّ الطلب»… و»تحت الطلب»؟ هل ثمة مصالح محددة وراء هذه التحركات؟ وهل باتت «مهنة» بعض العاطلين عن العمل؟

ومع رفض عضو «الجمعيّة» المحامية فرنسواز كامل وجود أيٍّ من الجهات وراء التحركات التي يقومون بها، أوضحت أن الوقفة الأساسيّة لهم أمام قصر العدل أتت من أجل تسجيل اعتراضهم على خطة التعافي، قبل أن تتحوّل إلى مصرف الإعتماد اللبناني لمواكبة المودع سيمون برّاك بعدما تعذر عليه لقاء المسؤولين في المصرف… ما استدعى تدخّل الأمن الخاص للمصرف من أجل صدّهم قبل أن تتولى القوى الأمنيّة ذلك لدى وصولها، ما دفعهم إلى المغادرة.

المصدر
طوني كرم - نداء الوطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى