القوات تنسف خطة الحزب وباسيل
كتبت راكيل عتيّق :
يعمد فريق «الممانعة» و»التيار الوطني الحر» إلى رمي كرة تعطيل الاستحقاق الرئاسي في مرمى حزب «القوات اللبنانية»، عبر ترويج فكرة أنّ «القوات» ترفض أي حوار رئاسي، وهو الأساس للوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية. هذا في حين أنّ «القوات» تلتزم المشاركة في كلّ الجلسات الانتخابية والاقتراع للمرشح نفسه، فيما كلّ من «الثنائي الشيعي» و»التيار» يُعرقل العملية الانتخابية، إن عبر الاقتراع بالأوراق البيضاء أم عبر تطيير نصاب الجلسات.
ليست الدعوة الى حوار رئاسي وطني أو مسيحي – مسيحي بالطرح الجديد، ولا موقف «القوات» من الحوار يتغيّر مع تجدُّد هذه الدعوات. وسبق أن قطع رئيس «القوات» سمير جعجع طريق الحوار على رئيس «التيار» النائب جبران باسيل عبر بوابة بكركي، وعلى «حزب الله» عبر بوابة عين التينة أو مجلس النواب. وبعدما قال باسيل، من بكركي، الأسبوع الفائت، رداً على سؤال، إنّ : «جعجع رافض كلّ شيء… لا بدّو يجي على بكركي ولا بدّو يعمل حوار»، أتى الردّ سريعاً من رئيس «القوات»، في «تغريدة»، قال فيها، إنّ «الحوار بدّو أهل حوار».
كذلك ترفض «القوات» المشاركة في أي جلسة حوارية يدعو إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولو بتمويهها، عبر تحويل الجلسة الانتخابية في مجلس النواب الى جلسة حوارية، إن غداً الخميس أو في أي جلسة أخرى. وكانت «القوات» رفضت دعوة سابقة لبري الى جلسة حوارية رئاسية في عين التينة. موقف «القوات» هذا مردّه الى الأسباب الآتية:
- الانتخابات الرئاسية عملية ديموقراطية، ولا يجوز الخلط بين القضايا والمسائل الحوارية وتلك الانتخابية التي تخضع لشروط اللعبة الانتخابية والحياة الديموقراطية.
- إنّ الحوار بتجاربه التاريخية، منذ عام 2006، لم يحقّق إلّا الفشل، فكلّ جلسات الحوار التي عُقدت وصدر عنها قرارات، لم تُنفذ مقرّراتها، ولم يؤدِّ الحوار الى أي نتيجة.
- أحد لا يرفض الحوار كمبدأ وقيمة، لكن أحد شروط الحوار، أن يكون الفريقان على استعداد للوصول إلى مساحات مشتركة للخروج من الأزمة، فيما هناك فريق وهو «حزب الله» لا يريد ذلك ومتمسّك بشروطه، وهدفه التلطّي خلف الحوار لشراء الوقت وليظهر أنّه يحاور فيما أنّه فعلياً يريد فرض شروطه على الآخرين، إن بعدم استعداده لتسليم سلاحه وإن بمواصفاته لرئاسة الجمهورية والحكومة.
لذلك لن تكون «القوات» في وارد إعطاء «الحزب» هذه الفرصة للتلطّي خلف الحوار بغية تعطيل الانتخابات الرئاسية، خصوصاً أنّ الشغور الرئاسي سببه أنّ «الحزب» لا يحترم الثقافة الديموقراطية ويضع الفريق الآخر أمام خيارين: إمّا الشغور وإمّا رئيس من فريقه. ولهذا قرّرت «القوات» عدم المشاركة في الجلسة الحوارية، أمّا الجلسة الانتخابية فستشارك فيها ككلّ الجلسات السابقة.
وانطلاقاً من أنّ أي حوار يجب أن يكون هادفاً وليس لإضاعة الوقت واستغلاله للتعطيل، فإنّ الحوار الذي تشارك فيه «القوات»، هو أن يجري بري جلسات حوارية بين الجلسات الانتخابية، بحيث يستدعي بعد انتهاء الدورة الأولى، بعض رؤساء الكتل النيابية أو جميعهم إلى مكتبه للاجتماع والتداول والتشاور، ثمّ تُجرى الدورة الانتخابية الثانية، وإذا انتهت بالنتيجة نفسها التي انتهت إليها الدورة الأولى، يستدعي بري الكتل مجدداً الى طاولة تشاورية تداولية، ليصار بعدها إلى الدخول الى دورة ثالثة… وهكذا دواليك، بحيث يُنتخب رئيس ضمن هذه الثقافة والآلية.
ما ينطبق على طاولة حوار وطني في الموضوع الرئاسي يسري أيضاً على أي طاولة حوار مسيحي، والتي هي مرفوضة بالنسبة الى «القوات»، لأنّ الإشكال الأساس في البلد هو بين مشروعين سياسيين وليس مسيحياً – إسلامياً، والمعارضة تعددية متنوعة بين مسيحيين ومسلمين، فيما الفريق المسيحي الآخر أي «التيار» هو في صلب قوى الثامن من آذار، وتختلف «القوات» معه على الرؤية للبنان وعلى دور رئاسة الجمهورية وتطبيق الدستور. وبالتالي لا جدوى لأي طاولة حوار مسيحي بالنسبة إلى «القوات»، وترى أنّ الحوار الأنجع على هذا المستوى، هو لقاءات ثنائية يعقدها البطريرك الماروني إذا رغب في ذلك، للتداول مع هذا الفريق وذاك للخروج بتصوّرات ومشتركات معينة يرفعها وطنياً ويترجمها نيابياً.
وفي هذا الإطار، إنّ التداول والتشاور واللقاءات بين «القوات» والبطريرك قائمة ومفتوحة، لكن ليس ضمن طاولة حوار، فبالنسبة إلى «القوات» إنّ الاستحقاق الرئاسي وطني كذلك الخلاف السياسي وطني. وخلال اللقاءات الثنائية التي يمكن للبطريرك أن يعقدها والمزاوجة بين الجلسات الانتخابية والتشاور في مجلس النواب، فإنّ «القوات» ستبقى على موقفها في ما يتعلّق بالاستحقاق الرئاسي، وهي ضد أي طاولة حوار نيابي أم مسيحي، ولن تمنح «الحزب» و»التيار» أي فرصة أو غطاء حواري لتأخير الاستحقاق الرئاسي وتعطيله.
وكانت الدائرة الإعلامية في «القوات»، أصدرت بياناً أمس، اعتبرت فيه أنّ «استبدال جلسات انتخاب الرئيس من قبل مجلس نيابي أصبح في حال انعقاد دائم بحسب أحكام المادة 74 من الدستور لانتخاب رئيس للجمهورية، يشكّل سابقة دستورية خطيرة»، محذرةً من «إرسائها». وطالبت برّي بـ»سحب دعوته إلى الحوار، والعودة الى نصوص دستورنا الواضحة من خلال دعوة المجلس الى عقد جلسات مفتوحة لا تنتهي إلّا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية».
جرّاء هذا الموقف «القواتي»، إضافةً الى ترجيح رفض «التيار» أيضاً المشاركة في جلسة الحوار التي كان بري يرغب في عقدها، يبدو أنّ بري تراجع عن هذه الدعوة، نظراً الى مقاطعة أكبر كتلتين مسيحيتين لها، واكتفى أمس، بالدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، عند الـ11 من قبل ظهر غد الخميس.