نقصٌ خطير ومستقبل مقلق لأوروبا.. !
“مستقبل إمدادات الغاز في أوروبا غير مؤكد”، هذا هو الاستنتاج الرئيسي للتقرير الذي أعده مركز الأبحاث “ذ شيفت بروجيكت” بإشراف وزارة القوات المسلحة والدفاع الفرنسية.
ينذر شتاء 2022-2023 بفصول شتاء صعبة أخرى على جبهة الغاز، فإذا تلاشت صعوبات إمدادات الغاز خلال فصل الشتاء الحالي، فمن المحتمل أن تواجه أوروبا نقصًا خطيرًا في السنوات القادمة.
وبحسب التقرير الجديد، يُعد الاتحاد الأوروبي مستورداً هائلاً للغاز الطبيعي، حيث يستورد حوالي 70٪ من إمداداته حتى الآن عبر خطوط أنابيب من ثلاثة بلدان أساسية تتمثل حسب الأهمية في روسيا والنرويج والجزائر.
وبلغة الأرقام، يثبت أنه في حالة استمرار حظر الصادرات الروسية، فإن أوروبا ستعاني من عجز في العرض بنسبة 40 في المئة بين عامي 2025 و 2030. ولن يكون الغاز الطبيعي المسال هو الحل الأمثل، وذلك بسبب القيود التقنية التي ستستمر لمدة عامين على الأقل والمنافسة في هذا السوق.
وبدون انتقال فعال للطاقة للتخلص من الاعتماد على الوقود الأحفوري والغاز، ستتعرض دول الاتحاد الأوروبي لمنافسة شديدة في إمدادات الغاز من الدول المستوردة للغاز الطبيعي، وحتى للعجز المزمن في سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي على المدى القصير والمتوسط والطويل.
نقص كبير
هذا ما يؤكده مدير مركز الأبحاث ومؤلف التقرير، ماتيو أوزانو في تصريحه لموقع “سكاي نيوز عربية” قائلا: “في حالة التوقف المطول لإمدادات الغاز الروسي- وهي الفرضية الأكثر احتمالا اليوم- سيصل النقص الأوربي إلى نحو 40 في عام 2025.
وأضاف أن هذا النقص “يعتبر تحديا كبيرا لا يمكن حله عن طريق زيادة الواردات من النرويج والجزائر أو حتى عن طريق حرب الأسعار على سوق الغاز الطبيعي المسال”.
وأضاف أنه “حتى إذا احترمت موسكو العقود الموقعة بالفعل مع الشركات الأوروبية وانخفض الطلب على الغاز بشكل حاد في الاتحاد، فلن تتم تغطية جزء كبير من الاحتياجات الأوروبية. لهذا الحفاظ على المستوى الطبيعي للطلب هو من نسج الخيال”.
تتعدد الأسباب والعجز حتمي
ويرجع أوزانو أسباب هذا الوضع الراهن إلى “حالة عدم اليقين التي تلقي بثقلها اليوم على مستقبل عقود استيراد الغاز الروسي. كما أنه ناجم عن قرابة عقدين من التراجع في إنتاج الغاز في أوروبا الغربية، ومن التأخير الطويل نفسه في تنفيذ الأهداف المناخية للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري”.
ولتدارك الأمر وفي خطوة لاستبدال الغاز الروسي، سارع الأوروبيون إلى توقيع عقود طويلة الأجل مع الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال الذي يتم تبريده أولاً إلى 161 درجة مئوية بحيث يمكن نقله بواسطة ناقلة الغاز الطبيعي المسال، قبل تحويله مرة أخرى إلى غاز في الموانئ الأوروبية.
ويفسر الطلب القوي والمفاجئ عليه الارتفاع المذهل في أسعار الغاز في السوق العالمية التي تضاعفت خمسة أضعاف في غضون بضعة أشهر، لتصل إلى مستويات لم يسبق لها مثيل من قبل. ما أثر على اقتصادات عدة دول، أوروبية كانت أو أسيوية، وفقا لتعبير أوزانو.
وأمام صعوبة الإمداد وغلاء الأسعار، ازدادت المخاوف من انقطاع التيار الكهربائي في العديد من الدول الأوروبية التي تعتمد بشكل كبير على محطات الطاقة التي تعمل بالغاز وتأذي الصناعة لا سيما في ألمانيا التي اعتادت على الإنتاج المرتبط بالغاز الروسي غير المكلف نسبيًا.
التحول إلى الطاقات منخفضة الكربون
ويفترض التقرير أنه في حال إلغاء التبادلات بين روسيا والاتحاد الأوروبي، سيعاني السوق العالمي بحلول عام 2025 من عجز يبلغ حوالي 85 مليار متر مكعب وسيتراوح ما بين 120 و 175 مليار متر مكعب بحلول عام 2030 .
لهذا يرى مدير مركز الأبحاث أن “التحول إلى الطاقات منخفضة الكربون أصبح تحديًا وجوديًا للاتحاد الأوروبي الذي يواجه الكثير من المخاطر والشكوك بشأن إمدادات الغاز. كما يجب على الاتحاد الاستعداد لمنافسة شديدة مع آسيا خصوصا بنغلادش والهند وباكستان والصين التي تعتبر مستوردا ضخما للغاز وحتى للعجز المزمن في السوق العالمية للغاز الطبيعي المسال”.
ويظهر التقرير أن الغاز الطبيعي المسال يمثل ثلاثة أرباع واردات شرق آسيا من الغاز الطبيعي. وكما هو الحال مع أوروبا، من المتوقع أن تلعب الولايات المتحدة وقطر دورًا رئيسيًا في تأمين الإمدادات بشرق آسيا.