مقالات خاصة

لبنان والمونديال السياسي… مباريات مؤجلة والنتيجة صفر!

الإفتتاحية بقلم ج.م

ثمانية مبارياتٍ حتى الآن والنتيجة لا تزال صفراً، فالبرلمان اللبناني يفشل للمرة الثامنة في إنتخاب رئيسٍ للجمهورية وسط إنهيارٍ إقتصادي متسارع يعجز الجميع عن إحتوائه في ظلّ إنقساماتٍ وخلافاتٍ سياسية عميقة كلماّ إعتقدنا أن جروحها شُفيت، ضُغط على ذاك الجرح ليبدأ بالنزف من جديد …

ثمانية مباريات شاهدنا فيها العديد من الهجمات المباشرة والمرتدة، منها السريعة والسخيفة ومنها المدروسة بتمريراتٍ ذكية فيما بين أعضاء القوى السياسية الواحدة، الاّ أن حكم المباراة لا ينفّك حتى اليوم يضحك علينا، تارةً بنكاته وأحياناً بنظرياته، فيحرّك اللاعبين كيفما يشاء وقتما يشاء، فما يلبث ان يُطلق صافرة البداية لإنطلاق المباراة، حتى يُطلق صافرة النهاية بصفر أهداف، معلناً عن مباراةٍ جديدة الخميس المقبل التي ستكون بالطبع كأخواتها من المباريات دون أي نتيجةٍ تُذكر..

وللتذكير، يحتاج المرشح في الشوط الأول من المباراة إلى غالبية الثلثين أي 86 صوتاً لتسجيل الهدف، وفي الشوط الثاني” تصبح الغالبية المطلوبة 65 صوتاً من أصوات عدد اللاعبين في البرلمان الـ 128، وقد تقدمت الورقة البيضاء في المباراة الأخيرة محرزةً 58 صوتاً، فيما سُجل تراجع ملحوظ للنائب ميشال معوض بـ 42 صوتاً،عُلل بنتيجة قرار المجلس الدستوري وصراع الأصوات القائم، وحصل عصام خليفة على 4 أصوات، وزياد بارود على صوتين، فيما سُجلت 5 أوراق ملغاة بالإضافة لـ 9 أصوات للبنان الجديد وإسمين آخرين، ويُتهم لاعبو الحزب وحلفائه بتعطيل تسجيل الأهداف عبر التصويت بأوراق بيضاء في الشوط الأول ثم الإنسحاب كي لا يُكتمل نصاب الشوط الثاني، في حين يُصرّح مسؤولو الحزب بأنهم يريدون رئيساً لا يطعن المقاومة من الظهر على حد وصفهم.

ومع إستمرار الفشل في تسجيل الهدف، يبدو أن مونديال لبنان سيستغرق وقتاً طويلا، في بلدٍ يُعرف بعدم إحترام المهل الدستورية، فحتى الآن لا يملك أي فريق سياسي أكثرية برلمانية تخوله فرض مرشحه، فجميع الفرق السياسية اللبنانية أماكنها محفوظة بالطبع ضمن نظام المحاصصة وجميعها تعتقد بأنها تملك حقّ التأهل للسباق الرئاسي، بغضّ النظر عمّا إذا كان مرشحهم يُؤتمن على حراسة مرمى الوطن أم لا.

المونديال السياسي في لبنان لا يشبه مونديال العالم، فجمهوره فريد من نوعه لدرجة إنحيازه لفريقه ولاعبيه نفسهم الذين أوصلوه الى حافة الموت، وقوانين ألعابه استثنائية ولا تُشبه غيرها من القوانين، ومواقيت مبارياته غير منقطعة ” اذا مش هالخميس الخميس الجاية”، وحكمه نفسه منذ عشرات السنين، ولاعبوه اعتادوا اللعب بحياة الناس ومستقبلهم جاعلين من مقام الرئاسة الأولى طابةً تُركل بأقدام أبخس اللاعبين…

وبانتظار المباراة التاسعة الخميس المقبل سيبقى لبنان جمهورية دون رئيس، وحكومة دون تصريف أعمال، ومجلس نواب عدّاد للجلسات، وسيبقى المواطن اللبناني الذي يتبارى يومياً لتأمين قوت يومه، يتسلل الى المواقع الإلكترونية لمشاهدة مونديال العالم الذي مُنع حتى من مشاهدته نتيجة الشحّ المالي في البلاد…

وفي النهاية.. سيفوز الجميع في مونديال الكرة الذي يُعين كل أربع سنوات، ويخسر المواطن اللبناني الذي يتبارى يومياً ويحلم بالفوز بحياةٍ كالحياة، فيبدو أن الأمور تتجه للتدخلات الدولية وكأن اللعبة تنتظر من يُنهيها بالهدف الذهبي أو من خلال ضربات الجزاء .. فكلّ مونديال سياسي لبناني وأنتم بألف خير …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى