محلي

المطران عودة: بعض النواب لا يخجل من الاعتراف بالتدخل الخارجي!

أكد متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده أنّه “نَــحْـــنُ نَــعــيـــشُ الــيَـــوْمَ فـــي عـــالَـــمٍ مَــلــيءٍ بِــمَـــنْ سَــكِـــروا بِـــالــسُّــلْــطَـــةِ والــمَــجْـــدِ الــبـــاطِــلَــيْـــنِ، فَــبـــاعـــوا الــضــمــيــرَ والأخــلاقَ والــقِــيَــم. نَـــأْســـفُ أَنَ بــعـــضَ الــمَــسِــيــحِــيِّــيـــنَ أَصــبَــحـــوا ذَوي إِيــمـــانٍ هَـــشٍّ، يَــنْــكَــسِـــرُ أَمـــامَ مَــنْــصِــبٍ أو مــصــلــحــةٍ أو حَــفْــنَـــةٍ مِـــنَ الــمـــالِ. كـذلـك نَــسْــمَـــعُ عَـــنْ أُولَــئِـــكَ الَّـــذيـــنَ يَــظْــهَـــرونَ عــلـــى وَســـائِـــلِ الــتَّـــواصُـــلِ بِــمَــظـــاهِـــرِ الــخَـــلاعَـــةِ والــبَــشـــاعَـــةِ فَــقَـــطْ مِـــنْ أَجْـــلِ جَــنْـــيِ الــمَــكـــاسِـــبِ الـــزَّائِــلَـــة. حَــتَّـــى إِنَّــهُـــمْ يَــسْــخَـــرونَ مِـــنْ والِـــدِيــهِـــمْ ويُــحَــقِّـــرونَــهُـــم مِـــنْ أَجْـــلِ الــمَــغـــانِـــم، وبَــعْـــضُ الأَهْـــلِ يُــشَــجِّــعـــونَ أَولادَهُـــم عــلـــى هَـــذا لأَنَّــهُـــم سَــيَــســتَــفــيـــدونَ أَيــضًـــا. نَــسْــمَـــعُ فـــي إِنْــجــيـــلِ الــيَـــوم تَـــذكــيـــرًا بِـــالـــوَصـــايـــا الإِلَــهِــيَّـــة، ومِـــنْ بَــيْــنِــهـا: «أَكْـــرِمْ أَبـــاكَ وأُمَّـــك»، فَــكَــيْـــفَ يُــكَـــرَّمُ الأَبَـــوانِ الــلَّـــذانِ يُــشَــجِّــعـــانِ الأَوْلادَ عــلـــى سُــلـــوكِ طَـــريـــقِ الــضَّـــلال؟ كَـــمْ يَــنْــقُــصُــنـــا أَهـــلٌ وزَوْجـــاتٌ مِــثـــلَ والِـــدَةِ الــقِـــدِّيـــسِ يَــعْــقـــوبَ الــفـــارِسِـــيِّ الــمُــقَــطَّـــعِ وزَوْجَــتِـــه، الــلَّــتَــيـــنِ لَـــمْ تَـــرْضَــيـــا بِــسُــلـــوكِـــهِ فـــي الــشَّـــرِّ، فَـــأَنَّــبَــتـــاهُ لِــيَــعـــودَ إلـــى الـــرَّبّ”.

وقال عوده في عظة الأحد: “دورُ الأهــلِ جــوهَــريٌّ فــي تــنــشــئــةِ الأولادِ الــذيــن هــم بــنــاةُ الــمــســتــقــبــلِ وصُــنّــاعُ تــاريــخِ الأوطــان. الـــرَّخـــاوَةُ فـــي الــتَّـــربِــيَـــةِ هــي الــتــي أَوصَــلَـــتْ الأَبْــنـــاءَ إلـــى الــتَّــمَــسُّـــكِ بِــمَــفَــهْـــومٍ خـــاطِـــئٍ عَـــنْ الــحُـــرِّيَّـــةِ، فَـــأَصْــبَــحـــوا يُــقَـــدِّســـونَ الــمــالَ والــســلــطــةَ والــجَــسَـــدَ وكــلَّ الإنـحــرافــاتِ، ويُـــدافِــعـــونَ عَـــنِ الــخَــطــيــئَـــةِ بِــشَـــراسَـــةٍ، بَـــدَلًا مِـــنَ الــتَّــمَــتُّـــعِ بِــــ«حُـــرِّيَّـــةِ أَبْــنـــاءِ الله» الــمُــقَـــدَّسَـــة”، مضيفاً: “نَـــوْعٌ آخَـــرُ مِـــنْ ســـوءِ الــتَّـــربِــيَـــةِ، خُــصـــوصًـــا فـــي بَــلَـــدِنـــا، هُـــوَ عَـــدَمُ تَــنــشِــئَـــةِ الأَجــيـــالِ عَــلـــى الــمُـــواطَــنَـــةِ وحُـــبِّ الأَرض، مــا أَوصَـــلَ بِـــلادَنـــا إلـــى أَنْ تُــصْــبِـــحَ مَــحــكـــومَـــةً مِـــنْ ثُــلَّـــةٍ لا تَـــأبَـــهُ لا بِـــالـــوَطَـــنِ ولا بِـــأَبْــنـــائِـــهِ، وجُــلُّ اهــتــمــامِــهــا الــمــنــاصــبُ والــمــراكــزُ والــمــصــالــحُ ولــو عــلــى حــســابِ الــبــلــدِ والــشــعــب. مــا هَـــمَّ إنْ تَــعَــطَّــلَ الــبــلــدُ أو تَــوَقَــفَــتْ الإداراتُ عــن الــعــمــلِ والإنــتــاجِ، أو ســاءتْ حــالــةُ الــمــواطــنــيــن أو احــتــرقــتْ الــغــابــاتُ أو نُــحِــرَتْ بــطــونُ الــجــبــال. الــمــهــمُّ الــوصــولُ ومَــلْءُ الــجــيــوب. لِــهَـــذا نَــسْــمَـــعُ الـــرَّبَّ قـــائِـــلًا فـــي إِنــجــيـــلِ الــيَـــوم: «مـــا أعْــسَـــرَ عــلـــى ذَوِي الأَمْـــوالِ أَنْ يَـــدْخُــلـــوا مَــلَــكُـــوتَ الله»”.

وتابع عوده: “لَــقَـــدْ مَـــرَّ عــيـــدُ الاســتِــقْـــلالِ هَـــذا الــعـــام حَـــزيــنًـــا، فــلا رئــيــسٌ لــلــبــلادِ ولا حــكــومــةٌ ولا شــعــبٌ يُــحــاسِــبُ طــبــقــةً ســيــاســيــةً مُــمْــسِــكــةً بــالــقــرارِ الــســيــاســيّ مــنــذُ زمــنٍ طــويــلٍ، ومُــعَـــطِّــلَــةً لــلإصــلاحِ، ومــعــرقــلــةً لــلــقــضــاءِ، ومـانِــعَــةً أيــةَ مُـســاءلــةٍ ومُــحــاســبــة، والــفَـــراغُ بِـــالــنِّــســبَـــةِ إلــيــهــا أفــضــلُ مِـــنْ إِيــجــادِ حُــلــولٍ، ومِـــنَ الــمَــجـــيءِ بِـــرَئــيـــسٍ يَــقـــودُ سَــفــيــنَـــةَ الـــوَطَـــنِ، إلـــى جـــانِـــبِ حُــكـــومَـــةٍ تَــعــمَـــلُ عــلـــى انــتِــشـــالِ شَــعْـــبٍ غــارِقٍ، يَــتَــخَــبَّـــطُ بَــيْــنَ أَمــواجِ جَـــشَـــعِ الــمَــســـؤولــيـــنَ وانـعِــدامِ الــمـسـؤولــيـةِ لـديـهـم”.

وقال: “لـقــد فَـقَـدَ لــبـنـانُ مــنـذُ أيـام، رومــيــو لــحــود، أحــدُ رجــالاتِ الــثــقــافــةِ والــفــنِّ والإبــداع، الــذي عــاش لـبــنــانَ الــمــاضــي الــجــمــيــل وســاهــمَ فــي تــألُّــقِــه، ولــعــلّــه رَحَــلَ فــي ذكــرى الاســتــقـلالِ قَــرَفــاً وألــمــاً واحــتــجــاجــاً عــلــى الــمــســرحــيــةِ الــهَــزْلــيــةِ الــتــي تــتــوالــى فــصــولُـهــا أســبـوعــيــاً، ولا تــبــدو لــهــا نــهــايـة، لأنّ أبــطــالَــهــا يَـتَجـاهَـلـون قــواعــدَ الــنــظــامِ الــديــمــقـراطــي، أو يُــريــدونــه مُــعَــلّــقــاً كــمــا جــعــلــوا الــدســتــورَ مُــغَـــيَّــبــاً”، متسائلاً: “أهــي قِــلّــةُ مــســؤولــيــةٍ أم قِــلّــةُ وطــنــيــة؟ وأيُّ وفــاقٍ أو اتــفــاقٍ يَــدعــون إلـيــه وأيُّ تــوافُــقٍ يَــدَّعــونــه وهــو تــكــاذُبٌ، وأيّــةُ ديــمـوقــراطــيــةٍ يَــتــغــنــون بــهــا وهـم لا يــســتــطــيــعــون انــتــخــابَ رئــيــسٍ إلاّ بــعــد مــخــاضٍ عــســيــرٍ ووقــتٍ ضــائــعٍ وتَــراجُــعٍ وانــحــلالٍ وانــهــيــار؟ ألا يــعــرفــون أنّ عــلــيــهــم أن يــعــقــدوا جــلـســةً مــفــتــوحــةً تــتــوالــى فــيــهــا الــدوراتُ الإنــتــخــابــيــةُ ويــتــنــافــسُ الــمــرشــحــون بــوضــوحٍ فــيــخــتــارُ الــنــوابُ مَــن يــشــاؤون والــرابــحُ يــكــونُ رئــيــسَ الــبــلاد؟ أمــا بــدعــةُ الــتــعــطــيــلِ فــهــي جــريــمــةٌ بــحــقِ الــوطــنِ وبــحــقِ الــنــاخــبِ الــذي أوصــلَ الــنــائــبَ لــلــقـيــام بــواجــبِــه، فــلا ســلــطــةَ اســتــنــســابــيــةَ لــلــنــائــبِ مــن أجــلِ الــقــيـامِ بــواجــبِــه الــدســتــوري وإلاّ فــهــو يَــخــون ثِــقَــةَ الــشــعــبِ ويَــضــرُبُ مــصــلــحــتَــه. حــالــةُ الـبـلــدِ مــأســاويّــةٌ والــنــوابُ يــتــلــهّــون ويــقــاطــعــون ويُــعَــطّــلــون الــنــصــابَ ويــمــنــعــون انــتــخــابَ رئــيــس. وبــعــضُــهــم لا يَــخــجَــلُ مــن الإعــتــرافِ أنّ لــلــخــارجِ كــلــمــتَــه فــي هــذا الأمــرِ الــوطــنــيّ الــذي يَــخُــصُّ الــداخــل. هــل تَــنــقُــصُــنــا الــقــدرةُ والــكــفــاءةُ لــنُــديــرَ أمــورَنــا بــأنــفــسِــنــا ونــقــطــعَ الــطــريــقَ عــلــى أيِّ تَــدَخُّــلٍ، أم أنَّ الــتَــدَخُّــلاتِ الــخــارجــيــةَ تُــنــاسـِـبُ الــمــصــالــحَ؟”.

وتابع عوده عظته: “سَــمِــعْــنـــا فِـــي نَـــصِّ رِســـالَـــةِ الــيَـــوم: «حَــجَـــرُ الـــزَّاوِيَـــةِ هُـــوَ يَــسُـــوعُ الــمَــسِــيـــحُ نَــفْــسُـــهُ، الَّـــذِي بِـــهِ يُــنْــسَـــقُ الــبُــنْــيـــانُ كُــلُّـــهُ فَــيَــنْــمُـــو هَــيْــكَـــلًا مُــقَـــدَّسًـــا فـــي الـــرَّبِّ». لَــقَـــدْ نَــسِـــيَ الــمَــســـؤولـــون أَنَّــهُـــم لَــيــســـوا حِــجـــارَةَ الـــزَّاوِيَـــة، وأنَّ الــبَــلَـــدَ لا يُــبــنـــى عَــلَــيْــهِـــم ولا مِـــنْ أَجْــلِــهِـــم، إِنَّــمـــا هُـــمْ مُــجَـــرَّدُ عُــمَّـــالٍ فِـــي حَــقْـــلِ الـــوَطَـــنِ، يَــكِـــدُّونَ ويَــفْــلَــحـــونَ حَــتَّـــى يُـــزْهِـــرَ مِـــنْ أَجْـــلِ جَــمــيـــعِ أَبْــنـــائـــه. فَــمَــتَـــى يَــحــيـــنُ مَـــوْعِـــدُ الــفِـــلاحَـــة؟ هَـــلْ عِــنْـــدَمـــا تَــتَــصَــلَّـــبُ الــتُّـــرْبَـــةُ ولا يَــعـــودُ هُــنـــاكَ أَيُّ مَــجـــالٍ لِــلــغَـــرس؟ أَيْ عِــنْـــدَمـــا تَـــزدادُ الــكَـــراهِــيَّـــةُ والــمَــســـافـــاتُ بَــيْـــنَ أَبــنـــاءِ الأَرضِ الـــواحِـــدَةِ أم عـنـدمـا يـفـرَغُ الـبـلـدُ مِـن أبـنـائـه؟ أَفــيــقـــوا مِـــنْ سَــكْـــرَتِــكُـــم كَــمـــا اسْــتَــفـــاقَ الــقِـــدِّيـــسُ يَــعْــقـــوبُ الــفـــارِسِـــيُّ مِـــنْ سَــكْـــرَةِ خَــطـــايـــاه، وتـــوبـــوا عَــلَّــكُـــم تُــصــلِــحــون مــا أفــســدتُــمــوه”.

وختم قائلاً: “دَعـــوَتُــنـــا الــيَـــومَ أَنْ نَــنْــتَـــزِعَ كُـــلَّ الــخَــطـــايـــا مِـــنْ نُــفـــوسِــنـــا، وأَنْ نَــتَــطَــهَّـــرَ بِـــدُمـــوعِ الــتَّـــوبَـــةِ الــحـــارَّة، حَــتَّـــى نَــسْــتَـــأهِـــلَ الــخَـــلاصَ الآتِـــي نَــحْـــوَنـــا بِــمــيـــلادِ رَبِّ الــمَــجـــد”.

المصدر
المركزية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى