مقالات خاصة

مونديال العرب 2022 في دوحة العرب.. كلنا قطر

بقلم ج.م

النسخة الثانية والعشرين من بطولة كأس العالم تنطلق اليوم بنكهةٍ عربيةٍ مميزة أرادتها قطر لتُبهر العالم أجمع الذي يتوقع أن يشاهد نسخةً تاريخيةً تنظيمياً ورياضياً في دوحة العرب التي رفعت سقف التوقعات إلى أقصى الحدود، واستعدت على مرّ أعوامٍ لتوجه عبر المونديال رسالة للعالم بأن البلاد العربية والمسلمة قادرةً على تنظيم حدثٍ بهذه الضخامة، علّها تُغيّر بذلك نظرة العالم الغربي للعرب والثقافة العربية..

جهودٌ جبارة قامت بها دولة قطر تعجز عنها اكبر دول العالم في هذه الظروف الإقتصادية والصحية الصعبة، بطرازٍ دولي فاق من حيث التنظيم والجودة معظم البلدان التي إستضافت هذا الحدث الكروي العالمي وهذا مادفع دول الغرب للنظر بعين الحسد والغيرة، فلم يتوقعوا ابداً هذا التنظيم الرائع، فقد وضعت قطر قواعداً جديدة ستجعلهم عاجزبن عن تنظيم كأس عالمٍ مماثل فى المرات القادمة، واستثمرت المليارات ليُصبح مونديال 2022 الأغلى على الأطلاق منذ بدء بطولات كأس العالم، وسط تقديراتٍ بأن التكلفة قد تتساوى مع ما جرى إنفاقه على واحد وعشرين بطولة سابقة مجتمعة.

وبين الحاقد والحاسد، بدأت المشاكسات بعدة طرقٍ توزعت بين سياسية واقتصادية وحماية حقوق الإنسان وغير ذلك، في محاولاتٍ لإفشال الاستضافة
وسط تنبؤات وتوقعات بعدم حدوث الحدث وإقامته في دولة قطر، كما تعالت أصوات مسؤولين وإعلاميين ورياضيين في بريطانيا وفرنسا وألمانيا والدانمارك لمهاجمة قطر، مطالبين بمقاطعة كأس العالم، مرة بحجة الدفاع عن حقوق العمال الأجانب، ومرة أخرى بحجة حماية المثليين جنسيا، حتى وصل الأمر إلى قيام بعض المطارات الأوروبية بالتضييق على سفر المشجعين إلى الدوحة، كما بلغت حالة الهستيريا الغربية إلى حد قيام صحيفة “لوكانار إنشينيه” الفرنسية بنشر كاركتير يصور لاعبي المنتخب القطري لكرة القدم على أنهم “إرهابيون”…

وبعضّ النظر عن الأسباب، فالأكيد أن كثيراً من الأوروبيين لم يتقبلوا فكرة حصول دولة مسلمة وعربية على استضافة هذا الحدث الكروي العالمي الذي يعتبرونه حكراً عليهم، والذي وضعوا له قوانيناً ومبادئ يجب أن تطبق ولو بالإكراه في كل بلدان العالم، بغض النظر عن الاعتبارات الدينية والثقافية والاجتماعية، لكن السبب الأول والأخير يتمثّل بأن نجاح قطر في تنظيم أكبر تظاهرة رياضية عالمياً، سيكون بالنسبة إليهم خسارةً كبيرة لن يتمكنوا ابداً من تعويضها، فيما اعتبرت “فيفا” ان حملات مقاطعة مونديال قطر 2022 والهجوم المستمر من بعض وسائل الإعلام الأوروبية على تنظيم الدولة الخليجية أول بطولة كأس العالم في الشرق الأوسط سيكون بمثابة محرك أساسي لتحسين الأمور”، والأكيد أن هذه الدعوات الحاقدة والاستعلائية ليس لها صدى أو تأثير حقيقي على أرض الواقع، فقد بيعت جميع تذاكر مباريات كأس العالم، في حين تم تسجيل نحو 40 مليون طلب لشراء التذاكر لهذه البطولة.

كل هذا لم يمنع قطر من تطبيق شروطها والمحافظة على تراثها وتقاليدها واصالتها العربية الإسلامية،فللمرة الأولى في تاريخ كأس العالم نشاهد ملاعباً مجهزة بالمصليات وأماكن للوضوء، للمرة الأولى يُمنع التدخين والمشروبات الروحية في الملاعب، فقد رفضت قطر كلّ ما من شأنه أن يُخلّ بالحياء العام، وعملت على إضافة الصبغة الاسلامية على معظم الأماكن وهذا بحدّ ذاته إنجازٌ تُرفع له القبعة ويستحق بالطبع التحية والثناء..

وتجدر الإشارة الى الموقف المشرّف لدول الخليج العربي التي وقفت الى جانب شقيقتها قطر في هذا الحدث التاريخي، فتمّ توفير 180 الف غرفة فندقية في دبي، و600 الف غرفة في السعودية وعمان والبحرين والكويت، كما تم اصدار “بطاقة هيا” لتسهيل المرور بين دول الخليج، وتمّ تفعيل 60 رحلة يومياً بين الامارات وقطر، و 40 رحلة بين قطر والسعودية وقطر وعمان وبقيه دول المجلس..

للمرة الأولى اليوم لن يُنظر إلينا على أننا من دول العالم الثالث، فواجبنا كعرب اليوم ان ندعم قطر بكل مانملك من خبرات وخاصةً الدعم الاعلامي والتشجيعي، وأن نثق في قدرتها على تنظيم نسخة فريدة ومميزة من كأس العالم تليق بتراثنا وثقافتنا العربية، فنجاح مونديال قطر سيكون بالتأكيد نجاحاً للعالم العربي أجمع، فلنترك اليوم خلافتنا في “البيت الواحد” على حَدى، ولنتحّد معاً كعربٍ ومسلمين، ولنُطبق المثل الشعبي القائل ” أنا وأخي على إبن عمي، وأنا وإبن عمي على الغريب”، فإن لم تتحرّك فينا اليوم دماء العروبة، أقله لنتابع صامتين..

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى