محلي

المطران عودة: مــاذا ســتــتــركــون لـلأجـيــالِ الــقــادمــة؟

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها المطران الياس عودة القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس، ألقى عظة قال فيها: “كــأنَّ شَـــيئــاً لَـــمْ يَــتَــغَــيَّـــرْ فــي أَيَّـــامِــنـــا، حَــيـــثُ تُــشَـــنُّ الــحَـــمَـلاتُ عــلـــى الــكَــنــيــسَـــةِ حِــيــنَــمـــا تَــنْــطِـــقُ بِـــالــحَـــقّ، لَــكِـــنَّ حُـــروبَ هَـــذا الــعَــصْـــرِ وجُــيـــوشَـــهُ أَصْــبَــحَـــتْ إِلِــكْــتـــرونِــيَّـــةً، يُــحَـــرِّكُــهــا أَهْـــلُ الــسُّــلْــطَـــةِ الَّـــذيـــنَ يُــنْــخَـــزونَ بِــحَـــرْبَـــةِ الــكَــلِــمَـــةِ الإِلَــهِــيَّـــةِ، فَــيَــتَــحَـــرَّكُ شَــيْــطـــانُ الــكِــبْـــرِيـــاءِ ويَــنْــفُـــثُ سُــمَّـــهُ مِـــنْ خِـــلالِــهِـــم”.

واضاف عودة “الــسُّـــؤالُ الــمــطــروحُ عــلـــى مَــســـؤولـــي بِـــلادِنـــا: كَــيـــفَ تُـــريـــدونَ أَنْ يَـــذكُـــرَكُـــم تـــاريـــخُ وَطَــنِــكُــم؟ ومــاذا ســتــتــركــون لـلأجـيــالِ الــقــادمــة؟ أبــلــداً بَــنَــيــتُــمــوه بـالــجِــدِّ والــسَــهَــرِ والــتَــعَـــبِ والــتــضــحــيــةِ، أم بــلــداً كــانَ مــفــخــرةَ أبــنــائــه والــمــنــطــقــة، وقــد أضَــعْــتُــمــوه بــســبــبِ مــصــالِــحِــكـم ونــزاعــاتِــكـم وأنـانــيـاتِـكـم وحــقــدِكـم؟”.

وتابع “عــلـــى الــمَــســـؤولِ أنْ يَــكـــونَ بِــحَــسَـــبِ قَــلْـــبِ الله، والــقِـــدّيـــسُ يـــوحــنّـــا يَــنــصَـــحُ الــمَــســـؤولــيـــن قـــائِـــلًا: “يَــجِـــبُ أَلَّا يَــضَـــعَ أَحَـــدٌ هَـــدَفًـــا لِــحَــيـــاتِـــهِ كَــيْـــفَ سَــيَــتَــسَــلَّـــقُ مِــنْــبَـــرَ الــسُّــلْــطَـــةِ، وكــيــف سَــيَــتَــمَــتَّـــعُ بِـــالــمَــنْــصِـــب، بَـــلْ كَــيْـــفَ سَــيُــصْــبِـــحُ بـــارًّا وإِنْــســـانًـــا حَــكــيــمًـــا. مَـــرَّاتٍ كَــثــيـــرَةً تَـجـــذِبُــنـــا الــسُّــلْــطَـــةُ إلـــى أَعْــمـــالٍ مُــخـــالِــفَـــةٍ لِــنـــامـــوسِ الله. إِذا مـــا اسْــتَــلَــمْــنـــا مَــنْــصِــبًـــا رِئـــاسِــيًّـــا، فَــنَــحْـــنُ نَــحْــتـــاجُ إلـــى شَــجـــاعَـــةِ نَــفْـــسٍ كَــبِــيـــرَةٍ لِــكَـــيْ نُــمـــارِسَ إِدارَةً صـــالِــحَـــةً، ولا نَــعْــمَـــى بِـــالــكِــبْـــرِيـــاءِ الَّـــذي يُـــوَلِّـــدُهُ الــمَــجْـــد”.

واشار الى انه “عَــلـــى مَــســـؤولــيــنــا، خُــصـــوصًـــا الــنُّـــوَّابُ الَّـــذيـــنَ شـــاؤوا بِـــإِرادَتِــهِـــم، واخــتــيــارِ الــشَّــعـــبِ، خِـــدْمَـــةَ الـــوَطَـــن، أَنْ يُــصــغـــوا إلـــى مـــا يَــقـــولُـــهُ الــقِـــدِّيـــسُ يـــوحَــنَّـــا الـــذَّهَــبِـــيُّ الــفَـــم: “إِذا طُـــرِدَ الــقُــبْــطـــانُ مِـــنْ قِــيـــادَةِ سَــفــيــنَـــةٍ مـا تَــبْــتَــلِــعُــهـــا الأَمْـــواج، أَو الــقـــائِـــدُ مِـــنْ قِــيـــادَةِ جَــيْـــشٍ مـــا فَــسَــيَــهْـــزِمُـــهُ الأَعْـــداء، أَو الــحُــكَّـــامُ مِـــنْ دَوْلَـــةٍ مـــا فَــسَــتُــصْــبِــحُ غــابَـــة. كَــمـــا هِـــيَ الـــدَّعـــامـــاتُ الــخَــشَــبِــيَّـــةُ لِــثَــبـــاتِ الــبَــيْـــتِ، كَـــذَلِـــكَ هُـــم الــحُــكَّـــامُ لِــحُــسْـــنِ سَــيْـــرِ مُــجْــتَــمَـــعٍ ودَوْلَـــةٍ مُــنَــظَّــمَـــة”.

واكد عودة “فـــي ظِـــلِّ الــشُــغــورِ فـــي كــرســيّ رئــاســةِ الـــدَّولَـــة، لا تُــســاهــمُ الـــخِــفَّــةُ الــسِّــيـــاسِــيَّـــةُ والــمــصــالــحُ الــضَــيِّـــقَـــةُ فــي إِنْــقـــاذِ الــسَّــفــيــنَــةِ مِـــنَ الــغَـــرَقِ الــمُــحَــتَّـــمِ. إنّ جــلــســةً تُــعــقَــدُ مــرةً فـــي الأســبــوعِ ولا تـــوحــي بــالــجِــدِّيَــة، ثــم يَــنــصــرفُ الــنــوابُ وكــأنــهـــم أتَــمّــوا واجــبــاتِــهــم، تُــشــعــرُنــا وكــأنَّــهــم يَــســتَــخِــفّــونَ بــعـــقــولِــنــا وبــمــســؤولــيــتِــهــم. مــاذا يَــمــنــعُــهـم مِـن عَــقْــدَ جــلـســةٍ مــفــتــوحــةٍ يــتــوالــى فــيــهــا الإقــتــراعُ تــلــو الإقــتــراع، حــتــى انــتــخــابِ رئــيــس؟ ألــيــس هــذا مــا يــجــبُ أن يــحــصــل؟ إلاّ إذا كــان الــتــعــطــيــلُ مــقــصــوداً والــمــمــاطــلــةُ أمــراً واقــعــاً يَــفــرِضــونــه بــانــتــظــارِ غــايــةٍ نَــجــهــلُــهــا، وهــذا يُــســيءُ إلــى سُــمــعــتِــهــم، ومــكــانــتِــهــم، ومــكــانــةِ لــبــنــان”.

ولفت الى ان “إنّ الانــتــخــابـاتِ، عــلـى أنــواعِــهــا، أمــرٌ طــبــيــعــيٌّ وروتــيــنــيٌّ فــي الــدول الــديــمــقــراطــيــة. وعــوض تَــضــيــيــع الــشــهــورِ والــســنــيــن بــانــتــظــارِ إتــمــامِ هــذا الــواجــبِ الــديــمــقــراطــي، يــنــصــرفــون إلــى أمــورٍ هــامــةٍ أخــرى كــسـعـــادةِ الـمـواطِـــنــيــن والــتَـغَـــيُّــرِ الـمُــنــاخـيّ والـبــيــئــةِ والإنــمــاءِ والــتــطــوّر ومــا شــابــه”.

واعتبر أن “وجــودُ رئــيــسٍ يُــطَــمْــئِــنُ الــشــعــبَ، ويَــعــمَــلُ مِــنْ أجــل إنــقــاذِ الــدولــةِ وإصــلاحِ إداراتِــهــا، بــالــتــنــاغُــمِ مــع حــكــومــةٍ مُــتَــجــانِــســةٍ تَــحــمِــلُ رؤيــةً واضــحــةً، وبــرنــامــجَ عــمــلٍ، هــو ضــرورةٌ. مــا يَــنــقُــصُ الــشــعــبَ هــو الــشُــعــورُ بــالأمــانِ الــنــاتِــجِ عــن تَــكــامُــلِ الــســلــطــاتِ وتَــنــاغُــمِ عــمــلِــهــا مِــنْ أجــلِ الــمَــصــلَــحَــةِ الــعــامَــة. يــقــولُ الـــذَّهَــبِـــيُّ الــفَـــم: “عــنـــدَمـــا يَــكــونُ الــحــاكِـــمُ سَــلــيــمًـــا، ولا لَـــوْمَ فــيــهِ، وبـــارًّا، ومُــحِــبًّـــا لِــلــبَــشَـــر، عِــنْـــدَئِـــذٍ يُــصْــبِـــحُ قَـــوِيًّـــا حَــقًّـــا وسَــيُــحِــبُّـــهُ الــشَّــعـــب. لا شَـــيْءَ يُــمَــيِّـــزُ الــحـــاكِـــمَ بِــقَـــدْرِ الــمَــحَــبَّـــةِ الَّــتــي يُــظْــهِـــرُهـــا تُــجـــاهَـــهُ الــشَّـــعْــــبُ الَّـــذي يَـــحْـــكُـــمُـــه. إِذًا، أَنْــتُـــم أَيُّــهـــا الــحُــكَّـــامُ احْــكُــمـــوا بِــنَـــزاهَـــةٍ، وبِـــرِّ اللهِ وخَـــوْفِـــه، طـــالِــبــيـــنَ دَومًـــا مَــنْــفَــعَـــةَ الــشَّــعـــب”.

وختم عودة قائلاً: “دَعـــوَتُــنـــا الــيَـــوْمَ أَنْ نَــعْـــرِفَ أَخْــبـــارَ قِـــدِّيــســيــنـــا، الَّـــذيـــنَ عـــاشـــوا الــكَــلِــمَـــةَ الإِلَــهِــيَّـــةَ، وشَــعَـــروا بِــلَـــذَّتِــهـــا، وأَرادوا نَــقْــلَــهـــا إلـــى الــجَــمــيـــع، حَــتَّـــى الــحُــكَّـــام، مِـــنْ أَجْـــلِ تَــحـــويـــلِ الــحــيــاةِ عــلــى هَـــذِهِ الأَرْضِ إِلـــى تَـــذَوُّقٍ مُــسْــبَـــقٍ لِــلــمَــلَــكـــوتِ الــسَّــمـــاوِيّ. دُعـــاؤُنـــا أَنْ يَــسْــمَـــعَ الــحُــكَّـــامُ صَـــوْتَ الـــرَّبِّ ويُــحِــبُّـــوا شَــعْــبَـــهُ الَّـــذي ائــتَــمَــنَــهُـــم عــلـــى رِعـــايَــتِــهِ”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى