محليمقالات

الخزينة فارغة وأوهام ومفاوضات مع صندوق النقد

كتبت غادة حلاوي

يمكن التوقع أن الأيّام المتبقية من عمر عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ستكون من الأصعب. ليست مرحلة انتقالية بل مرحلة تصفية حسابات عمرها ست سنوات بلغت ذروتها اليوم بين فريق يعتبر انه حورب حتى لم يعد لديه قدرة على الحكم، وفريق آخر خصم يريد للايام المتبقية ان تكون الاسوأ في عهد عون وإفراغه معنوياً واعلامياً من اي مضمون إيجابي. ولذا يستحيل تسجيل اي تقدم على مستوى الحكومة كما يستحيل الاعلان عن أي انجاز مالي او اقتصادي يخدم العهد ورئيسه.

على مدى خمس ساعات استمر اجتماع مجموعة من خبراء صندوق النقد الدولي مع وزير المالية يوسف الخليل ونائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، ومدير المالية العامة جورج المعراوي. والهدف التداول في إمكانية تعزيز واردات الخزينة والسياسات الضريبية، وسبل تكييفها مع تبدلات سعر الصرف، وتعزيز واردات الخزينة بغية تمكين الدولة من القيام بدورها في تقديم الخدمات الأساسية لا سيما الاجتماعية منها والصحية.

لغاية اليوم لم يتمكن صندوق النقد من الوصول الى تصور واضح لكيفية معالجة الازمة المالية والاقتصادية في لبنان. اساس البحث تركز امس حول السياسات الضريبية الممكنة لتمويل الخزينة كي تتمكن الدولة من تقديم خدمات اجتماعية وصحية وما هي الخدمات الاساسية التي يمكن توفيرها بداية.

الموضوع بالغ الصعوبة في بلد منهار. حتى اليوم لا يملك صندوق النقد تصوراً لما يمكن فعله ومن اين تكون البداية والمطلوب خطوات اصلاحية صعبة المنال بدليل قانون السرية المصرفية الذي اعاده رئيس الجمهورية الى مجلس النواب بعد شهر على تسلّمه. وقانون الكابيتال كونترول الذي لم يبت في أمره بعد وتوحيد سعر صرف الدولار المتوقف على اقرار الموازنة. التوقعات تقول ان جلسة اقرار الموازنة ستشهد مخاضاً عسيراً. لن تمر كباقي الموازنات وكان أول الغيث اعلان حزب القوات التصويت ضدها. جلسة المجلس المتعلقة بالموازنة ستشهد هجوماً قوياً على الحكومة لانها موازنة لا تحاكي الازمة وفق تقديرات الاقتصاديين.

في المقابل اذا كان الاعتماد على تقديمات دول خارجية اوروبية او خليجية، فالامر لا يعدو كونه حلماً من نسج الخيال لا سيما على ابواب نهاية عهد عون وانتخابات رئاسية غير واضحة المعالم بعد في ظل غياب المرشحين ورص الصفوف بين الكتل البرلمانية. مجلس كالذي انتخب مؤخراً لن يكون بمقدوره الاتفاق على رئيس لا توافقي ولا صدامي. نتحدث هنا عن اصطفافيين بالجملة هي عبارة عن بلوكات تعطيل لا انتخابات منظمة او تحقيق وهم رئيس صنع في لبنان كالذي يتوهمه التغييريون الجدد. اما لناحية المساعدات فيمكن الجزم بانه طالما أبواب السعودية مقفلة وموصدة بوجه اي مساعدة مالية فالاوضاع ستستمر على سوئها واكثر. عودة السعودية مرهونة وفق المعلومات المتداولة بانتخاب رئيس يضع حداً لنفوذ «حزب الله» وايران من خلفه، ومثل هذا المطلب صعب المنال في الوقت الحاضر. وكما حال السعودي فالفرنسي ليس افضل حالاً. تدخله من عدمه سيان. كان اتكاله بالدعم المالي للبنان على المملكة فكيف له ان يلتزم المساعدة اليوم؟

اي اتكال لصندوق النقد على المساعدات الخارجية في الوقت الراهن لا يلامس الواقع، وداخلياً المسؤولية كبيرة والمطلوب اجراءات جريئة غير شعبوية من الحكومة «لاستعادة الخزينة إمكاناتها التمويلية، خصوصاً بعد تدهور الإيرادات بسبب تدهور سعر الصرف الليرة اللبنانية، وانعكاسه على مختلف الصعد الاقتصادية والاجتماعية» كما قال وزير المالية. ويعني تحقيق ذلك رفع تعرفة الكهرباء وتوحيد سعر الصرف ورفع الدعم كلياً وغيرها من الاجراءات.

مصادر معنية بالمفاوضات الجارية قالت ان صندوق النقد لا يزال في الأمتار الأولى لعمله وأن العيون شاخصة باتجاه اقرار الموازنة وجلسة مجلس النواب. يدور لبنان في دائرة مفرغة. مفاوضات وتقطيع وقت ومراوغة وتصفية حسابات سياسية بينما امكانياتنا لن تسعفنا لا لسد العجز ولا لإيجاد مصادر تمويل للخزينة والسبب غياب اي توافق سياسي بالدرجة الاولى وغياب أي دعم مالي وسياسي خارجي في المقابل.

منذ أشهر أي منذ بداية المفاوضات مع صندوق النقد والوضع يدور في الحلقة ذاتها، إصلاح، تمويل وخزينة فلا الأول تحقق ولا الثاني متوافر أما الثالثة وهي الخزينة ففارغة إلّا من الأوهام.

المصدر
نداء الوطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى