عربي ودولي

بعد اتفاق التمويل.. ما فوائد مشروع ربط مصر والسعودية كهربائياً؟

يعد مشروع الربط الكهربائي أحد أهم المشاريع الاستراتيجية بين السعودية ومصر؛ لكونه يربط بين أكبر شبكتين للكهرباء في الشرق الأوسط من حيث القدرة على إنتاج الطاقة، والتي يصل مجموعهما إلى أكثر من 150 غيغاواط.

ومنذ توقيع اتفاقية ترسية مشروع الربط الكهربائي بين الشركة السعودية للكهرباء وشركة نقل الكهرباء المصرية، في 5 أكتوبر 2021، تتواصل جهود البلدين لإنجاز هذا المشروع الذي يسهم في تعزيز السوق الإقليمية لتجارة الكهرباء ويدعم مشاركة البلدين فيها.

تمويل المشروع
وبهدف تمويل هذا المشروع الحيوي ودعم نموها على المدى الطويل، اتجهت الشركة السعودية للكهرباء لعقد اتفاقيات تحصل بموجبها على تسهيلات مالية دولية مشتركة بقيمة تمويل 13.4 مليار ريال (نحو 3.6 مليارات دولار) من 15 جهة تمويلية إقليمية ودولية.

ويشمل تحالف البنوك، بنك “ستاندرد تشارترد”، و”إتش إس بي سي”، و”ميزوهو”، و”إنتيسا سانباولو”، و”إم يو أف جي”، ومؤسسة “سوميتومو ميتسوي” المصرفية، والبنك الصناعي والتجاري الصيني، وبنك الدولة الهندي، وبنك “أوف تشاينا” (بنك الصين)، وبنك أبوظبي التجاري، ومصرف أبوظبي الإسلامي، وبنك أبوظبي الأول، وبنك الكويت الوطني، وبنك “كي أف دبليو ايبكس”، و”سوسيتيه جنرال”، وقامت الشركة بتعيين بنكي “ميزوهو” وأبوظبي التجاري وكلاء للتمويل الدولي المشترك.

وبحسب تقرير وكالة الأنباء السعودية في أغسطس 2022، فإن مدة اتفاقية التمويل تمتد لخمس سنوات، سيتم من خلالها سداد اتفاقية تمويل مشترك آخر تم الحصول عليه في عام 2017 وتاريخ استحقاقه في أغسطس 2022، إضافة إلى تمويل متطلبات النفقات الرأسمالية للشركة.

كما وقعت الشركة السعودية للكهرباء اتفاقية تمويل وكالة ائتمان صادرات لتمويل مشروع الربط الكهربائي السعودي – المصري بقيمة 567.5 مليون دولار وبفترة تسهيل تمتد 14 عاماً، وذلك لتمويل مشروع الربط الكهربائي السعودي المصري.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للكهرباء، خالد القنون، بتصريح لوكالة (واس)، في 11 أغسطس 2022: “إن توقيع الشركة على اتفاقية التمويل الدولي المشترك وتمويل وكالة ائتمان الصادرات جاءا بشروط وأسعار مواتية”.

ويوضح “القنون”، أن هذا يعكس المستوى الائتماني المرتفع الذي تتمتع به الشركة، حيث يرتبط تصنيفها الائتماني بالتصنيف الائتماني السيادي للمملكة، مشيراً إلى أن تزايد اهتمام المجتمع المصرفي الإقليمي والدولي بالمملكة يعد “أمراً مبشراً يعكس الأسس الاقتصادية المتينة للمملكة، في ظل التقلبات التي تشهدها أسواق المال حالياً”.

وأضاف: “نتطلع قدماً إلى الاستفادة من هذا التسهيل الدولي المشترك في تلبية متطلباتنا من النفقات الرأسمالية، ومن ثم إرساء نمو طويل الأجل لأعمالنا ومستثمرينا، وسيدعم تمويل وكالة ائتمان صادرات مشروع الربط الكهربائي السعودي المصري”.

ووقع على اتفاقية الائتمان بنك ستاندرد تشارترد وشركة “سوميتومو ميتسوي” المصرفية، والتي تنص على أن التسهيلات سيتم ضمانها من قبل وكالة ائتمان الصادرات السويدية (EKN) وبتمويل من مؤسسة ائتمان الصادرات السويدية (SEK).

ويشارك البنك الإسلامي للتنمية والصندوق العربي والصندوق الكويتي في تمويل جزء من تكلفة المشروع؛ لما له من أبعاد اقتصادية وتنموية عديدة.

أهمية المشروع
يكتسب الربط الكهربائي المصري السعودي أهمية بالغة، إذ يعدّ أكبر مشروع لتبادل القدرات الكهربائية في الشرق الأوسط والمنطقة، وهو مقدمة لتنفيذ الربط الكهربائي بين الدول العربية من خلاله، بما يعزز مكانتها في سوق الطاقة.

ويمنح هذا المشروع فرصة تصدير الكهرباء للدول المحيطة، ويعزز رؤية الرياض والقاهرة نحو تحقيق الاستدامة وتحسين جودة التغذية الكهربائية.

ويحظى مشروع الربط الكهربائي باهتمام البلدين خاصة في الآونة الأخيرة، وتصدّر المباحثات خلال زيارة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لمصر في 21 يونيو الماضي.

وتلفت صحيفة “الطاقة” السعودية إلى أن وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة المصرية تسعى بالتعاون مع وزارة الطاقة السعودية، إلى تنفيذ مشروع الربط الكهربائي، وهو العنوان الذي كان حاضراً بقوة في اجتماعات الجانبين.

وتعود فكرة مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية إلى عدّة سنوات، لكنه دخل حيّز التنفيذ في أكتوبر الماضي، بالاتفاق مع الشركات الفائزة بمناقصات، طرحتها الجهات المختصة في البلدين.

ويولي ولي العهد السعودي والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المشروع اهتماماً كبيراً لدفعه إلى الأمام، لا سيما بعد سلسلة من التأجيلات، بسبب عدّة أحداث، كان أبرزها تعديل مسارات الخطوط، وهو الأمر الذي جاء لخدمة مشروعات سعودية، منها مدينة نيوم.

ويفتح مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية آفاقاً جيدة لتصدير الكهرباء إلى قارّتي آسيا وأوروبا، إضافة إلى التوسع في الربط مع الدول المجاورة، خاصةً أنه يهدف إلى تبادل قدرات كهربائية تبلغ 3 آلاف ميغاواط.

كما يعزز المشروع موثوقية الشبكات الكهربائية الوطنية ودعم استقرارها والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة فيها ومن فروقات التوقيت في ذروة أحمالها الكهربائية، وهو يتيح المجال أمام استخدام خط الألياف الضوئية المصاحب لخط الربط الكهربائي في تعزيز شبكات الاتصالات ونقل المعلومات بين البلدين والدول العربية والدول المجاورة لها، “مما سيزيد المردود الاقتصادي للمشروع”.

يقول الباحث الاقتصادي الأردني عامر الشوبكي، إن هناك جوانب إيجابية في ما يتعلق بخطط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية ضمن خطة الربط العربي المشترك، مبيناً أنها تأتي متزامنة مع الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون الخليجي والعراق، وبين السعودية والأردن، وكذلك بين مصر والدول الاوروبية عن طريق اليونان وقبرص.

وفي حديثه لـ”الخليج أونلاين”، يوضح “الشوبكي” أن الربط الكهربائي بين الدول يعمل على استقرار الشبكة الكهربائية فيها، وتقليص فرص حدوث الانقطاع الكامل.

ويؤكد أن حصول الربط الكهربائي بمقدار 3 آلاف ميغاوات سيتيح التبادل الكهربائي عبر كوابل بحرية وكوابل هوائية ومحطات التحويل، ومن ثم فإن فرص نجاحه وتحقيق أهدافه كبيرة، إضافة إلى الأهداف المستقبلية للربط الكهربائي بين السعودية ومصر من حيث إمكانية تزويد الاتحاد الأوروبي مستقبلاً بعد إتمام عملية الربط الكهربائي مع مصر.

ويشير الباحث الاقتصادي إلى أن تزويد الاتحاد الأوروبي يتيح له تخفيض كميات الغاز المستعملة في توليد الكهرباء؛ ومن ثم قد تكون هذه الكهرباء جزءاً من تعويض الغاز الروسي بالنسبة للاتحاد الأوروبي.

ويلفت إلى أن السعودية ومصر من الدول التي تملك فائضاً في إنتاج الكهرباء، ومن ثم فإن تصديرها مهم عبر مصر للاتحاد الأوروبي أو إلى الدول التي تحتاج كهرباء سواء في أفريقيا من جهة أو في أوروبا من جهة أخرى.

مشروع ضخم
وبالعودة إلى المشروع فإنه يعتبر ضمن مشاريع الطاقة الكبرى في المنطقة؛ نظراً إلى حجمه وطول امتداده وقدرته على نقل الطاقة الكهربائية.

ويبلغ إجمالي أطوال شبكات النقل الكهربائي بين البلدين 140 ألف كيلومتر، إذ يصل إجمالي أطوال شبكات النقل الدائري في مصر إلى 51 ألف كيلومتر، فيما تبلغ أطوال شبكات النقل الدائري في السعودية 89 ألف كيلومتر، وفق صحيفة “الطاقة” المتخصصة.

ويمتد المشروع أكثر من 1350 كيلومتراً بطول الخط الناقل، من محطة شرق المدينة المنورة، مروراً بمحطة الجهد الفائق في تبوك بالمملكة، ثم يعبر خليج العقبة بطول 22 كيلومتراً وصولاً إلى الأراضي المصرية، ليتصل هناك بمحطة تحويل بدر.

وتشير السفارة السعودية في مصر إلى أن تشغيل المشروع في المرحلة الأولى سيكون بعد 36 شهراً من تاريخ التوقيع مع الشركات المنفّذة للأعمال، في 5 أكتوبر 2021، على أن يكتمل بجميع أجزائه ومراحله بعد 52 شهراً من تاريخ التوقيع.

وتبلغ التكلفة الإجمالية لتنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية 1.8 مليار دولار، وتسهم مصارف وصناديق عربية في تمويل جزء من التكلفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى