محلي

المطران عودة: لانتخاب رئيس يعيد جمع ما تبعثر وإصلاح ما فسد

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، قداساً إلهيا في كاتدرائية مار جاورجيوس في بيروت بحضور حشد من المؤمنين.

وبعد الانجيل المقدس، ألقى عودة عظة قال فيها، إن “ضميرنا يشرف على علاقتنا بالأمور المادية. يقول القديس دوروثاوس إنه يجب أن نحفظ ضميرنا نقيا تجاه الأمور المادية. هذا يتطلب احتراما للخليقة يأتي نتيجة إحساسنا الروحي المرهف. علينا ألا نفرط بعطايا الله وألا ندع شيئا يتلف. هنا تثير انتباهنا حركة تلاميذ المسيح الذين جمعوا الكسر الفاضلة بعدما أكل الجميع وشبعوا. وفقا لإنجيل يوحنا، هذا تم بوصية من المسيح لكيلا يضيع شيء (6: 12). هنا يجب أن نشير إلى التقارير الواردة من المنظمات الغذائية، التي تظهر ضخامة الخطيئة البشرية القائمة على البذخ والإنفاق ورمي الطعام عوض إطعام الفقير والجائع والمحتاج. الإنسان لا يرى عيبا أو خطيئة في رمي الطعام، فيما ملايين البشر يتضورون جوعاً وعطشاً وفاقة. أيضاً، نقرب الخليقة لله بشكل الخبز والخمر المخصصين للقداس الإلهي، أو الزيت كعنصر مادي لمسحة الزيت، أو الماء في خدمة تقديس الماء، كما نقرب أتعابنا وبواكير الأثمار للكنيسة، لكي تتبارك، كما فعلنا أمس في عيد التجلي عندما قدمنا العنب، عربون شكر لله على ما أعطانا. يبقى السؤال الأهم، كيف نقرب أنفسنا لله؟ نفعل ذلك عندما نطيع الكلمة الإلهية، الأمر الذي يربطنا بأسرار الكنيسة، فنعتمد ونختم بالميرون ونتناول الجسد والدم الإلهيين، وعندما نحب إخوتنا، الذين هم أيقونات المسيح، ونخدمهم في كل ما يحتاجونه. يمارس تقريب النفوس لله بنقاوة خلال الصلاة. فالصلاة ترغم المصلي على إبعاد كل فكر شرير، وما يمت إلى المصلحة الشخصية، كما أنها تجذب النعمة الإلهية، فيقدم الإنسان كل كيانه لله، ذبيحة حية”.

وأضاف، “في بلدنا لا أحد من المسؤولين والزعماء أو التجار المحتكرين يقدم نفسه أو الخليقة لله. الجميع يبحث عن إرضاء أناه، وملء جيوبه، وكأن لا أحد على هذه الأرض يحبونه ويحترمونه ويرتفعون معه وبه نحو الملكوت، كأيقونة مخلوقة على الصورة الإلهية. مشكلة بلدنا هي الأنا القاتلة. الكل يريد السلطة والمال والحصص ولو على حساب البلد أو الإنسان الآخر. لقد خلق الله الإنسان وسلمه كل شيء ليعتني به. فإن كان الله شارك خليقته الخاصة مع المخلوق، لماذا يحتكرها الزعماء والمسؤولون والطماعون وهم يعلمون أنها ليست ملكهم، بل من فضل ربهم. الإنسان خلق خادماً للخليقة، كذلك المسؤولون وضعوا في مناصبهم خدمة للشعب. من هنا، ضرورة وجود بشر في السلطة يقرون بأن الآخر شريكهم، وبأنه مخلوق على صورة الله، وعليهم خدمته بأفضل وجه، كما يخدم الله نفسه”.

وأردف، “لذلك أملنا أن يضبط الجميع أعصابهم ويوقفوا حروب الحقد والتعطيل والإلغاء، ويحكموا العقل والضمير، ويتصرفوا بحكمة من أجل إنقاذ ما تبقى من هذه الدولة، ومن ماء الوجه. فبعدما تعثر تشكيل حكومة، عليهم الانصراف بجدية إلى انتخاب رئيس يعيد جمع ما تبعثر وإصلاح ما فسد. لا تدعوا الاختلاف في الرأي والموقف يفرقكم إلى حد يطيح بالدولة وما فيها. بقاء لبنان، واستعادة عافيته، أهم من المسؤولين ومن كل الأطراف الداخلية والخارجية، ومن كل النزاعات والتسويات. لبنان ليس فقط مساحة وحدودا. إنه شعب عريق، حر، مبدع، جعله الساسة مطية لأطماعهم وأحقادهم. وهو أيضا دستور يداس يوميا بوعي أو بغير وعي، لكنهم يرفعونه متراسا متى كان الأمر يناسبهم. وهو أيضا قوانين عوض احترامها يستغلها الجميع لمصالحهم، وغالبا ما يفصلونها بما يناسبهم. وهو إدارة يجب رفدها بالعناصر الفعالة والمنتجة عوض استغلالها لتوظيف المحاسيب والأزلام. وهو قضاء نزيه يرسي العدالة ويحفظ حقوق المواطنين، يعتمد المحاسبة ويتوسل العقاب حيث يجب، دون أن يعيق عمله عائق سياسي أو شخصي. وهنا لا بد من التذكير بجريمة 4 آب وضحاياها من أبناء بيروت وضرورة كشف حقيقتها ومعاقبة كل من تسبب بها، احتراما لأرواح الضحايا ولآلام ذويهم”.

وتابع، “أملنا أن يعود الجميع إلى رشدهم ويسلكوا بحسب ما يمليه الضمير والواجب. ودعوتنا ألا نأكل ونشبع فقط، بل أن نبحث عن الجائع لنشبعه معنا، هكذا لن تبقى فضلات وكسر، بل يأكل الجميع معا ويفرحون مسبحين الله الذي أعطى الناس العطايا الصالحة، فيما انتزع حكام الأرض كل أمر مفرح من النفوس والأجساد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى