محليمقالات

إحتدام المواجهة السياسية بين نواب “القوات” و”الحزب” في زحلة

لوسي بارسخيان – نداء الوطن 

بعد تغيب النائب عن المقعد الشيعي في دائرة قضاء زحلة رامي أبو حمدان عن إجتماعين عقدا حول طاولة لقاء نواب القضاء التي أعدتها لهم بلدية زحلة بمبادرة من رئيسها، في محاولة لخلق حالة نيابية تهتم بشؤون المنطقة الإنمائية وتعوض عن توزع مقاعد المدينة السبعة على طاولات تكتلات الأحزاب النيابية، دعا الأخير يوم الجمعة الماضي الى لقاء تعارف مع صحافيي زحلة وقضائها، هو الذي أقل في الكلام الإعلامي خلال حملته الإنتخابية، ليربط صمته بما سرب عنه من تصريحات شكلت بمضامينها السياسية إحراجاً لزملائه.

اللقاء كان تعارفيا بإمتياز، ولم يكن الصحافيون يستصرحونه إعلامياً حول أي من المواقف. وعليه دار نقاش بينه وبين الحاضرين تفرع الى عدة مستويات، وكان من الطبيعي أن يتوقف مطولاً عند مسألة تغيبه عن جولتين من اللقاءات المباشرة مع زملائه، وصولاً الى إستبيان إستعداده للمشاركة في الجولات المقبلة.

بدا الحوار إيجابياً مع أبو حمدان إلى حدّ بعيد، وخصوصاً عندما تحدث عن سياسة الإنفتاح على الآخر التي وعد بإتباعها، متحدثاً عن خطة تلاق تستهدف القرى السنية والمسيحية أسوة بمحاكاة قضايا بيئته الشيعية. وإذ أكد أن توصية الأمين العام لـ»حزب الله» هي بمد يد العون للكل وخصوصاً من خارج بيئته الإجتماعية، أصر على أن هذا الإنفتاح ليس سعياً من الحزب لمصادرة دور الآخرين في بيئتهم، وإنما هو محاولة لتجاوز ما تعانيه المنطقة والقضاء كما وصّف الحال من «إصطفافات سياسية».

عند هذه النقطة تحديداً كان لا بد من الدخول في الأساس. فإذا كانت سياسة أبو حمدان هي الإنفتاح ورفض الإنعزالية السياسية، لماذا تغيّب إذا عن جولتين من اللقاءات النيابية المشتركة التي تشدد على تقديم مصلحة المنطقة الإنمائية وحاجات الناس، وهو ما حاول أبو حمدان أن يؤكد أنه سيشكل أولوية عمله في المرحلة المقبلة؟

تمسك أبو حمدان بداية بالذرائع التي قدمها سابقاً، حيث كان تغيبه عن اللقاء الأول لأسباب عائلية وعن اللقاء الثاني لإرتباطه بموعد مسبق وثابت محدد في كل يوم سبت مع وزير الأشغال. وكاد يعرب عن إستعداده للإنضمام الى الإجتماعات إذا تبدل موعدها، لولا أنه كشف عن أسباب أخرى تمنعه من الإنضمام الى زملائه. فتحدث عن هواجس لدى جزء كبير من أبناء القضاء، وشدد على أنه لا يتبناها، من حصر اللقاءات في زحلة، مفضلاً أن تتم مداورة في مختلف البلديات، مستنكراً في المقابل إستخدام عبارة «أبناء السهل» في وصف أهالي هذه القرى وانه يعمق الشرخ بين المدينة وباقي قرى القضاء. مستطرداً في نقاشاته بإعتبارها تخلف إنطباعات عنصرية وطائفية تجعل الإعتقاد بأن زحلة «عاصمة القرار السياسي» بالنسبة للقضاء عبارة من فترة السبعينيات وما قبلها.

تطور الحديث مع تذكير الحاضرين بأن رئيس بلدية زحلة أسعد زغيب كان المبادر لدعوة النواب الى التلاقي دون سواه. ليكشف أبو حمدان عن أسباب أخرى تحول دون مشاركته في اللقاءات، وهي أنه كما قال لا يريد إحراج نائبي «القوات» بإجتماعه معهم حول طاولة واحدة، خصوصاً أنه لم يصدر عنهما ما يمكن أن يبدد هذا الحرج بالنسبة للجميع.

كلام أبو حمدان الذي خرج من بين جدران مكتبه مجرداً من سياق النقاشات التي دارت، أثار ردات فعل وخصوصاً من نائبي «القوات»، فأكد النائب جورج عقيص «أن زحلة ستبقى عاصمة القضاء والمحافظة بارادة جميع البقاعيين الذين يحفظون لها دورها ويحفظون للزحليين مروءتهم وضيافتهم واخلاقهم»، مشيراً الى أن «موضوع المداورة لم يطرح على طاولة البحث إطلاقاً، حتى يكون لنا موقف منه». وقال مخاطباً أبو حمدان: «ليس وجودك مع نواب «القوات» هو الذي كان سيحرجك، بل وجودك انت بالذات كان سيحرجنا مع ذوي الآف الضحايا، وآخرهم ضحايا انفجار المرفأ الذين تعطلون التحقيق في جريمته عنوةً وغلّاً. ومع ذلك لم نكن لنمانع في جلوسك معنا حرصاً على انماء منطقتنا ورفاه ابنائها، وناخبيك منهم، ولم نكن لنعطي جلوسنا معك اي بعدٍ سياسي، لأننا والفريق الذي تمثل على طرفي نقيض في السياسة والرؤية».

أما النائب الياس إسطفان فأكد أن «زحلة كانت وستبقى عاصمة كل الشرفاء شاء من شاء وأبى من أبى. كفاك هروباً من واقع ارتهانكم وتقوقعكم…»

ومع نائبي «القوات» في المدينة إنطلقت حملة من الردود التي إستعادت بعضاً من الكلام المتشنج الذي رافق الإنتخابات. ورد أبو حمدان أيضاً عليها ببيان مقتضب صدر عن مكتبه وجاء فيه «من الواضح أن هناك من هو بحاجة الى استعراض بطولات وهمية في الدفاع عن مدينة زحلة قلب القضاء، والتي هي وأهلها في قلوبنا أيضاً، من خلال تصدير تعليمات اعلامية كاذبة ثم التمترس خلفها، كدأبهم على مر السنوات الماضية. أما عن دمنا الذي سفك في الطيونة فهو ليس موضوعاً للمساومة وللترهات الاعلامية التي تنضح بها أقلام مأجورة ومأمورة. أما نحن فأهل الصدق وأهل العمل، وللحديث صلة».

لا شك ان هذا الجدل الكلامي يضع طاولة لقاء النواب أمام تحديات ليس اقلها إستمرار تغيب أبو حمدان بما يمثله بالنسبة لمكون أساسي في المنطقة عن اللقاءات، بعدما كان الأخير شدد في لقائه مع الصحافيين على أنه وإن لم يكن حاضراً فيزيائياً، ولكنه على إطلاع على كامل النقاشات والقرارات التي تتخذ من خلال أمانة السر. علما ان الطاولة كانت تعرضت لمطب آخر في الاسبوع الماضي إثر تغيب النائب ميشال ضاهر، الذي تبين لاحقاً أنه كان يعبر عن إستنكاره لإستبعاده كرئيس للجنة الإقتصاد عن زيارة نظمها النائب عقيص لوزير الإقتصاد في زحلة، من اجل البحث في مسألة الطحين ومخزونه المتوفر بالمنطقة.

غير أن رئيس بلدية زحلة اصر على ان هذه اللقاءات يجب أن تستمر، مشيراً الى أن بلدية زحلة لا تسعى إطلاقاً لتعليق النجوم بالنسبة لنجاح مسعاها أو فشله، إنما الهدف الأول والأخير هو أن تتكتل الجهود من أجل وضع حد للحرمان الإنمائي الذي تعانيه المنطقة. وسواء إجتمع النواب في قصر بلدية زحلة أو خارجها لا فرق بالنسبة لزغيب، إنما المهم كما قال تحقيق الأهداف المرجوة.

المصدر
نداء الوطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى