مقالات خاصة

لبنان و فدرلة الرغيف..

كتب المحامي طلال ندّه لقلم سياسي

حين تتلاطم أمواج اليأس في مصير شعب، تكثر في وجهه الأزمات حتى يعتادها ويتقن فن التعامل معها، فتطفو على السطح فوراً ثقافات جديدة وأنماط حياة يبتدعها محاولا الهروب من الواقع المذري الى الأمام فيعود فعلياً درجاتٍ للخلف بمستوى انحداري يسبق السقوط المدوي..

إستفاق الشعب اللبناني مؤخرا على أزمة الرغيف و هو مسار طبيعي لشعب أتقن فن التأقلم والعادة، فاللبناني بطبيعته يألف المتغيرات ويتعايش معها بشكلٍ هيستيري، فكما ألف مشكلة صرف الدولار و تآلف مع أزمة المحروقات وانصاع لمافيا المولدات وأزعن لدفع فاتورتها المرتفعة، سيزعن ويرضخ لسعر الرغيف حتى نصل لليوم الذي يرتفع فيه السعر بشكل ثابت ومستقر..

سنرى الطوابير التي ستنظم نفسها أمام الأفران للحصول على فتات الخبز لتقتات به العائلات بغض النظر عن التكلفة، وستبتدع الأفران الخطط و المحسوبيات والفدرلة لتعطي الاولوية للمقربين وأصحاب الحظوة والنفوذ والتقنين القاسي بالتسليم و ستعتاد الشعوب و ينحصر أكبر همها بتنظيم ذلها أمام الأفران و الوقوف بانتظام دون فوضى.. والشعب اللبناني الغارق في الأزمات والتي ترتدي طابع الأنانية و ترتسم عليها صور العنصرية والفدرلة يرتكب بحق نفسه أعظم الجرائم، فجريمة التأقلم جريمة لا تُغتفر و ستدفع الأجيال القادمة ثمنا باهظا من حياتها بسبب ما نفعله اليوم ..

سنعتاد على الطوابير التي ستدخل عمق ثقافتنا ونمط حياتنا اليومي، و سنقف في طابور البنزين والخبز والمصارف والدواء.. ومرد هذا كله للطابور الأكبر الذي اصطفينا فيه صباح الخامس عشر من أيار المنصرم حين اخترنا بكامل إرادتنا أن نبقى أرقاماً في طوابير وأن نسير بخطى ثابتة نحو فدرلة كل شيء الا الكرامة..

فكرامتنا أزهقناها عند كل وقفة ذل ارتضيناها لأنفسنا دون أن نقدر العواقب… والآتي أذل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى