محليمقالات

الديمقراطيّة الملغاة في مجلس النواب

كتبت مريم حرب في موقع mtv: 

جميلة الديمقراطية في بلد يتغنى بها ولكنّه يُقولبها ويضع مفاهيمها تبعاً لمصلحة الجهات السياسيّة. يوم نتغى بالتوافقية، ويوم آخر نعرّج على المنافسة تحت سقف الدستور ولا ندري ما إذا كنّا سنرى يوماً ما مفهوماً جديداً للممارسة السياسيّة. الأكيد أنّ الديمقراطية كانت نجمة جلسة مجلس النواب الأولى، من دون منازع.

دخلت المجلس النيابي أسماء جديدة أفرزتها الإرادة والخيارات الشعبيّة في انتخابات 15 أيّار، رغم تسجيل عدد من التجاوزات والممارسات التي أقّل ما يقال فيها إنّها محاولة لتطويع الديمقراطية خدمة لحزب أو مجموعة ما استشعرت أنّ المزاج الشعبي العام ضدّها.
دخلت هذه الأسماء بقوّة الديمقراطية ساحة النجمة، بعدما أقفلت أمامها وأمام كثيرين بجدران من الاسمنت. دخلت بحماية شرطة المجلس التي لم تتأخر في التظاهرات باستخدام الرصاص الحيّ والمطاطي الذي خسر بسببه عدد من الشبان والشابات عيونهم.

إنّها الديمقراطيّة التي تتيح للجميع التعبير عن رأيه باختيار اسم “على سبيل المثال ولا الحصر نبيه بري”، أو بورقة بيضاء أو بعبارة حتى وإن كانت ستُعتبر ملغاة. فبعد بلبلة، تُليت العبارات التي دوّنها النواب المعارضون. وقد يشكّل عدد الأوراق الملغاة في انتخاب رئيس مجلس النواب، والبالغ عددها 40 ورقة، سابقة، والأهم أنّها خلقت توازناً في البرلمان فُقد منذ زمن طويل تحت غطاء “الضمانة” و”العيش المشترك”.
ليس قليلاً أن يقترع النواب لـ”الجمهورية القوية” في وجه بري وحليفه الشيعي الذي طوّع الجمهوريّة خدمة لمصالحه العابرة للحدود. ولا أن يقترع بعبارة “العدالة لضحايا المرفأ” في وجه نائبين مطلوبين للقضاء، ولا عبارة “العدالة للقمان سليم” المعارض لـ”حزب الله”. ولا حتى “العدالة لضحايا شرطة المجلس” و”العدالة لضحايا قوارب الموت” و”العدالة للنساء المغتصبات” ولا “العدالة للمودعين”. العدالة ملغاة في هذه الملفات، وغيرها الكثير، بذرائع واهية.

ولعّل ما يستوقفكم في جلسة الثلاثاء، مطالعة النائب حسن فضل الله الذي انتظر نتائج الدورة الأولى من انتخابات نائب رئيس للمجلس، ليفتح كتاب الدستور مستعيناً بالمادة 12 من النظام الداخلي التي تحكي عن حساب الغالبية في محاولة للالتفاف على نتائج هذه الدورة التي حصل فيها النائب الياس بو صعب على 64 صوتاً بفارق صوت عن الغالبية المطلوبة لفوزه، بينما حاز النائب غسان سكاف على 49 صوتاً مقابل ورقتين ملغاتين و13 ورقة بيضاء.
قالها فضل الله “بالنظام”: “النواب بدن يتعوّدوا على النقاش القانوني والدستوري بهدوء… اسمعوا دستور واحكوا قانون وهلأ نحنا مش بالشارع نحنا عم نحكي بمجلس النواب”. إنّها لعبة الديمقراطيّة التي تتيح لمن يمتهن لعبة الشارع والاستقواء حيث تُلغى الديمقراطية تحت وطأة السلاح، أن يجتهد في تفسير القانون. وهنا، تتجلّى الديمقراطية في السجالات التي دارت بين النواب ليفصل الرئيس القديم الجديد للمجلس النيابي ويأخذ قراره تبعاً لما نصّ عليها القانون ويعلن بدء الدورة الثانية التي أفضت بوصول بو صعب بـ65 صوتًا، بينما نال سكاف 60 صوتًا، ووضعت ورقتان بيضاء وورقة ملغاة.

بعد الجلسة الأولى في أمّ المؤسسات التشريعيّة، هل استُردّت فعلاً الديمقراطية الملغاة؟ وهل ستُطبَّق في الاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل الحكومة؟

المصدر
mtv

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى