مقالات خاصة

بعد انهيار جدار العار… هل اقتربت نهاية حلف الثامن من آذار؟

الافتتاحية بقلم مصطفى عبيد

من يحاول أن يوصف الواقع السياسي اللبناني يرى بأن هنالك جبهة سياسية مسيطرة بسلاحها ومتسلطة على الحكم تعيث فساداً ودماراً في البلد، يظن الناظر أنها جبهة ديمقراطية متنوعة وتمثل النسيج الوطني اللبناني بكيانه وتنوعه وكل عضوٍ فيها يزعم أنه سيد طائفته وسيد القرار، بينما هي جبهة ذات قرار واحد وزعيم واحد والبقية يأتمرون بأمره وينفذون طلباته على أمل أن يحصلوا على فتات الحكم والسلطة.

ولكن ومنذ حرب الرئاسة التي اندلعت وأودت بالبلد إلى حضن التيار الوطني الحر، ومن ثم ثورة السابع عشر من تشرين بدأت تظهر التصدعات والانقسامات في داخل الجبهة التي تعتبر نفسها معارضة تارة وتمسك بخناق الحكم والبلد تارةً أخرى، فبدأت تظهر حرب الردود والسجالات والتغريدات بين مكونات كل فريق من فرقاء الحلف.

ومن ثم أتت الانتخابات لتزيد من عمق الشقاق وتوسع الهوة بين أقطاب الحلف، وتلغي أسماءً وقوى سياسية وأسماءً تشبثت بالسلطة بفضل اسم العائلة عن خريطة المجلس النيابي.
فإذا نظرنا إلى المكون الدرزي المتمثل بالمير أرسلان ووئام وهاب فالواضح الجلي أنهما قد خسرا المعركة الانتخابية، فالطائفة الدرزية أعلنتها ثورة قلبت فيها كل الموازين والحسابات وأنتجت وجوهاً ثورية جديدة أملاً بانقاذ البلد.

كما واستطاعت الثورة أن تخرق الحزب في عقر الدار وتسلب منه مقعدين نيابيين رغم كل القمع والتهديد والاستقواء الذي مورس خلال فترة الانتخابات، بينما كانت الضربة الأساسية عند المكون المسيحي حيث تمكنت القوى التغييرية وحزب القوات اللبنانية من احداث مفاجأة كبيرة وسلب لقب زعيم الأكثرية المسيحية من زعيم التيار البرتقالي، وكان من الممكن أن يكون الخرق أكبر والجرح أعمق لولا قيام السلطة بحفظ أصوات المغتربين والموظفين لآخر عملية الفرز التي وكما يظن الكثيرون أنها كانت عملية انعاش وامداد بالأصوات ووسيلة للتلاعب والتزوير على حسب النتائج في كل دائرة انتخابية في محاولة لإنقاذ مكونات الحلف الحاكم، ولكن رغم كل هذا استطاع الثوار احداث الفرق وتغييب مكونات أساسية في حلف الثامن من آذار وسلب مقاعد استراتيجية في المجلس النيابي من المكونات الشيعية والمسيحية بالاضافة إلى تغييب حلفاء الحزب في مناطق رئيسية كطرابلس مثلاً التي أكدت أنها ثورة بكل معنى الكلمة.

كل هذه التغيرات دفعت بقوى الثامن من آذار كلٌّ على حدة بأن يتنصلوا من أخطائهم وفسادهم ويتهموا زميلهم في الحلف بأنه كان المعرقل والمسبب للانهيار، حيث قام زعيم التيار البرتقالي بفتح النار على الحركة واتهام بري بأنه كان المسبب للانهيار والفساد وبأنهم هم الشخصية الشريرة في مسرحية “ما خلونا”.

وما كان قبل الانتخابات مناكفات وتغريدات أصبح اليوم حرب بيانات واتهامات وتسمية الفاسدين بأسمائهم، كل هذا في سبيل جذب القوى التغييرية ورجال الثورة إلى صفوفهم، ولم يعد للحلف قيمة خصوصاً بعد اثبات أن أعضائه ليسوا زعماء طوائفهم ولا يملكون الأغلبية فيها وباتت مصالحهم مهددة وفسادهم قد ينكشف بين لحظةٍ وأخرى.

وفي ظل كل هذه التغيرات والانقلابات والتنصل من المسؤولية وتبادل تهم التخوين والعرقلة في صفوف الثامن من آذار، فهل سيظهر زعيم الحلف ليؤدب تلاميذه ويطلبهم إلى بيت الطاعة فيذهب باسيل “متل الشاطر” ليصوت للأستاذ ليترأس المجلس النيابي لدورة جديدة كما توقع المحلل السياسي جوزيف أبو فاضل، أم سيتشبث كلٌّ بموقفه عله يجد حلف جديد يستطيع الاستقواء به واستعادة السيطرة، ومع تأزم الأوضاع وتفاقم الانهيار في البلد هل سنشهد انهيار حلف الثامن من آذار كما شهدنا انهيار جدار العار؟

مصطفى عبيد

اسرة التحرير ، ناشط سياسي وإجتماعي، كاتب في عدة مواقع الكترونية، مهتم بالصحافة الإستقصائية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى