مقالات خاصة

الإنترنت عمنصة “صيرفة”.. الـ Missed call راجع وعيش يا لبناني !!

الإفتتاحية بقلم ج.م

لم يمضِ حتى أسبوعاً واحداً على الإنتخابات النيابية حتى أتحفتنا حكومة نجيب ميقاتي في جلستها الرسمية الأخيرة برفع تعرفة الاتصالات والانترنت بقرارٍ يتماشى مع رفع الدعم ودولرة أسعار السلع والخدمات، اعتباراً من اول تموز المقبل، بحيث ستُقسم الفاتورة الشهرية على ٣ وتضرب على سعر صيرفة، رافعةً بهذا القرار سكيناً جديدة على رقبة المواطن اللبناني، الذي كان يتأمل مع إنتخاب مجلسٍ جديد بقليلٍ من التحسينات..

القرار لم يأتِ من باب الصدفة، فقد تمّ التحضير له منذ أشهر، بياناتٍ تلو البيانات، وإعتراضات تلو اخرى، آخرها كان تهديد وزير الإتصالات بالإستقالة، ناهيك عن سوء إرسال الشبكات وخدمة الإنترنت السيئة التي دفعت بالعديد من المواطنين لرفع الصوت، لتجيبهم الوزارة وشركتي الهاتف “الفا وتاتش” بأن الأزمة ضاقت ذرعاً بقطاع الإتصالات، الذي يعاني كما غيره من إنقطاع الكهرباء وشحّ المازوت وإرتفاع الاسعار وسوق الدولار المتأرجحة، وهو يحتاج بدوره لتأمين الدولار سريعاً لاجراء الصيانة وشراء المعدات وقطع الغيار والكابلات وغير ذلك..

لقد رُوّج لرفع التعرفة على أنها المنقذ الوحيد للقطاع، دون أن تُعطى الجوانب الأخرى الأهمية المطلوبة، ومنها النفقات المرتفعة سواء النفقات التشغيلية أو الرواتب الهائلة لكبار المدراء، فضلاً عن الهدر عبر التوظيف العشوائي والوهمي، ناهيك بعدم الالتفات إلى تحسين نوعية الاتصالات والانترنت وإعادة النظر بالخدمات التعسفية المفروضة، ومنها إلزام المشتركين بشراء خطوطتهم المسبقة الدفع، بشكل دوري شهرياً، عن طريق تشريج ما يُعرَف بـ”الأيام”، للحفاظ على الخط وعدم استعادته من قبل شركتيّ الخليوي، إلى جانب الحزم المجحفة للانترنت والمكالمات، أما إنهاء الاحتكار وخلق المنافسة وتحسين جودة الخدمات وخفض أسعارها، فهو أمر غير وارد لدى وزارة الاتصالات أو الحكومات، ونحن لم ولن نعرف السبب!!

المعروف بأن قطاع الاتصالات مدّ الدولة بأرباح كبيرة، فلبنان تقريباً الدولة الوحيدة في العالم التي تفرض على المواطن “تشريج” خطّه شهرياً بتكلفة 23 دولارا (على سعر صرف 1500 ليرة) وهو رقم كبير جدا، في وقت لا تتجاوز فيه كلفة 3 أشهر في أي دولة في العالم 3 أو 4 دولارات، وقد أعلن المدير العام لهيئة أوجيرو عماد كريدية أن ما حصل من ارتفاع بالأسعار هو أفضل الممكن للمواطن والمؤسسة، مشيراً الى أنّ “الاسعار ازدادت للتمكن بالاستمرار بالقطاع بالحد الادنى”.

لكن الغريب أنه وبعكس ما حصل في تشرين الأول عام 2019، عندما فرضت الحكومة رسم مالي (6$)على الاتصالات المجانية عبر تطبيق واتسآب، والذي أسهم بإنطلاقة انتفاضة شعبية كبيرة، مر إعلان الحكومة الحالية برفع تعرفة الاتصالات والإنترنت مرور الكرام، وسط حالةٍ من الرضوخ الشعبي، بعدما اعتاد اللبنانيون على الأسعار المضخمة لمختلف السلع والخدمات التي زاد سعر بعضها عشرات المرات، دون حولٍ له ولا قوة…

فما إن تمّ إعلان القرار، حتى سارع العديد من المواطنين إلى متاجر بيع بطاقات التشريج، وذلك من أجلِ تعبئة خطوطهم بالدولارات و”الأيام”، كما لجأ البعض منهم إلى شراء أكثر من بطاقة تشريج وذلك بهدف الاحتفاظ بها ظناً منهم أنه يمكن الاستفادة من رصيد تلك البطاقات في وقتٍ لاحق، متناسين أنهم في لبنان، وبأنه لن يخفى على هذا العهد وهذه الحكومة طريقةً تمصّ فيها دم المواطن، فبالتأكيد سيتم برمجة تلك الأرصدة بناءً للتعرفة الجديدة، وسنكون مضطريين للاحتكام لها…فعبساً تحاولون

وفي قراءةٍ لأسعار باقات الانترنت الجديدة بحسب الصورة أعلاه، يبدو أن أغلبية اللبنانيين ستُضطر أيضاً للإستغناء أو التخفيف من خدمات الإنترنت، كما خففت من استهلاك الكثير من السلع والخدمات، فلا بد أن يسري ذلك على الاتصالات والإنترنت ليكون المواطن اللبناني كالعادة المتضرر الأول، ويُصبح واقع عزله عن العالم قريب في هذا المشهد السوداوي، في ظلّ دولرة جميع القطاعات والسلع والخدمات دون حتى تصحيح الحد الأدنى للأجور بشكلٍ يُمكّن المواطن أن يدفع هذه الزيادات المنتظرة، فهل تمّ الأخذ بعين الاعتبار أنّ معظم أعمال اللبنانيين اليوم عصبها الإنترنت؟ أما يريدون إبادة المواطن بالكامل؟…

ختاماً، كحال جميع القطاعات في لبنان يتحملها تبعاتها المواطن اللبناني الذي يبدو وأنه سيعود لأيام  ال “Missed call “، بإنتظار الفرج الذي يبدو وكأنه يبتعد عن شاطئنا أكثر فأكثر.. وعيش يالبناني..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى