مقالات خاصة

عندما ينكس علم القوات في طرابلس رغم فوزها


كتب المحامي ناصر الصالح لقلم سياسي

عاش لبنان يوماً إنتخابياً بامتياز خاضت فيه كافة القوى والأحزاب والتيارات السياسية والعقائدية المعركة، على الرغم من مقاطعة الأكثرية الصامتة له بتفاوت بين الدوائر. وخاضت فيها القوة الثورية التجربة لأول مرة بالإضافة إلى المجتمع المدني.

غير أن تعبير معركة لم يكن تعبيراً “شعبوياً” بل هو أقل ما توصف به العملية في العديد من الدوائر التي أدت إلى إقفال العديد من البيوتات السياسية، كما وشهدت خرقات في معاقل كان ينظر لها على أنها حصون آمنة بعيدة كل البعد عن إمكانية المنافسة فيها، وقد كان للقوى التغييرية نصيباً وازناً في هذه الخرقات تخطت ١٣٪؜ من أعضاء المجلس النيابي بوصول ١٧ مرشح ثوري إلى ساحة النجمة من بوابة مجلس النواب هذه المرة بدلاً من بوابات حرس المجلس الموصدة.

ومن الأحزاب التي أبدعت في لعبة الخرق حزب القوات اللبنانية الذي سعى لوراثة التيار الوطني الحر الذي أنهكته الثورة، خاصة بعد توجيه كافة القوى أصابع الإتهام نحوه في الأوضاع العصيبة التي تمر بها البلاد في السنوات الثلاث الأخيرة، والتي أرادها التيار المنهك أن تكون سنوات العز لعهده “القوي”، وإن لم تكن القوات قد تمكنت من الحصول على كامل التركة، إلا أنها أثخنت الجراح بكافة اللوائح وفي مختلف الدوائر كان أهمها بعلبك ودائرة الشمال الثانية التي دخلتها من بوابة حليفها اللواء أشرف ريفي الذي أعاد للأذهان مشهد الانتخابات البلدية في طرابلس في ٢٠١٦.

ولكن وصول مرشحين من حزب القوات وحلفائهم في طرابلس إلى مجلس النواب لم يبرر رفع علم الحزب – الفاعل في الحرب الأهلية – في طرابلس، بل كان المشهد صادماً في ساحة عبد الحميد كرامي – ساحة النور – عندما شاهد المارة علم القوات اللبنانية على الخيمة بدلاً من شعارات اللائحة، ما دفع البعض للتلعثم والبعض الآخر للتساؤل.
ولكن غرابة المشهد لم تمنع البعض من الذهاب إلى خيمة القوات والتساؤل عن رمزية رفع علم الحزب الذي أمعن في الحرب الأهلية بقتل أهل طرابلس ورموزها. وقد دار نقاشاً أقل ما يوصف بالحضاري تبادل فيه الطرفان وجهات النظر فوصف الطرف الأول القوات بالمليشيا المتطرفة ، فكان مبرر الطرف ثاني بأن الحزب ليس الفريق الوحيد الذي قتل بل إن المردة لم تكن حمامة سلام، وأن القوات وان كانت حزباً مسيحياً مقاتلاً في الحرب فهي الآن حزباً لبنانياً جامعاً، فرد الأول بأن مصالحة جمعت طرابلس بزغرتا إثر اغتيال القوات لطوني فرنجية انتهت معها كل التشنجات دون حصول أي مصالحة مع القوات، وأنه لا مجال للقول بأن القوات ليست حزباً مسيحياً يمينياً بدلالة “أوعى خيك”، وأن لا شيء يبرر العمالة لا لاسرائيل ولا لإيران ولا لأي دولة أخرى.

وعلى الرغم من شراسة النقاش، إلا أن المزاح والإبتسامات سادا الموقف، ولم يترك الشباب الخيمة إلا بعد التأكيد على أن الخلافات السياسية لا يمكن أن تتحول إلى خلافات شخصية، وتوجهوا إلى خيمة أنصار اللواء أشرف ريفي – حليف القوات – وأظهروا امتعاضهم من أن علم حزب القوات ما كان ليرفع في طرابلس لولا اللواء، فكان مبررهم بأنها مسألة تحالفات انتخابية.

لم تمض ساعة حتى مر الشباب في نفس الشارع فوجدوا العلم اللبناني مرفوعاً بدلاً من علم القوات على الخيمة، فأظهروا سعادتهم وترحيبهم بجمال العلم اللبناني الذي يجب أن يرفع دوماً منفرداً. ولكن القصة لم تكن بهذه البساطة، فالقصة بحسب أنصار اللواء ريفي الذين استدعوا الشباب إلى خيمتهم وأخبروهم – على حد قولهم – بأنهم ذهبوا إلى خيمة القوات وأنذروهم بضرورة إنزال العلم كي لا يطروا لانزال الخيمة كلها كون امتعاض الشباب لم يكن الأول، وأن حالة من الإنزعاج سادت الشارع خاصة من أنصار أبو العبد – رجل الصوت الأبيض الشهير – وغيرهم من المناصرين.

وبصرف النظر عن رواية أنصار ريفي ومدى صحتها، ولكن نتيجة ثابتة وحيدة تمثلت بتنكيس علم القوات اللبنانية في طرابلس على الرغم من فوزها في ذات اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى