مقالات خاصة

مع نتائج الانتخابات النيابية …. هل سنشهد تغييرا حقيقياً نحو الأفضل ؟

كتب المحامي اسامة ياغي لموقع “قلم سياسي” :

وعدوا يجيبولنا الكهرباء .. عالأقل يجيبولنا الكهرباء ونحن عم ننتخب “

عبارة ، قالها أحد الناخبين اليائسين كغيره من الشعب اللبناني ، لحظة الانتخابات النيابية الحاصلة على أرض الوطن المنكوب كلّياً والمتّجه نحو الجفاف بسرعة البرق .

هذا هو حالنا في ذاك الوطن المسلوبة فيه أبسط حقوقه والمخطوفة على أيادٍ خفيّة ، تتلاعب بمقاييسه ومقدّراته كما تشاء .

أهي أيدٍ خفيّة حقاً ؟؟؟ أم أنها أيادٍ واضحة المعالم والأنامل ، لكنها تحاول التملّص والهروب مما أوقعت الوطن به ورمي مخلّفاتها على غيرها ، علّها تخرج نظيفة الكفّ والصورة أمام الرأي العام والمجتمع الدولي.

في الحقيقة هي كذلك ، والحقيقة المرّة والأكثر قساوة هي أن تلك الأيادي السوداء الملطّخة بدماء الشعب ( قتلا ، إذلالا ، تهجيرا وبؤسا …) لا زالت تحاول التخفّي وراء إصبعها ، متجاهلة أن رائحة فضائحهم ودنسها لا يمكن أن تختفي ، فهي محفورة في أذهان وعقول الناس ، لا بل تخطت الى أبعد من ذلك ، فلعنتها لحقت المواطن اللبناني حتى في بلاد الاغتراب ..

وفي قراءة سريعة لواقع مرير ، رأيتها في جعبة الكثيرين ممن تغرّبوا وانا واحد منهم ، كنا نعيش دائما على أمل العودة … على أمل أن يعود لبنان مع كل استحقاق انتخابي جديد, لكن الواقع للأسف الشديد استمر في الانحدار الى أبعد الحدود ، لدرجة أن أبسط مقوّمات الحياة أصبحت شبه معدومة . وبالنسبة لنا كمغتربين او حتى كأي أجنبي آخر يسمع عن لبنان ( الشرق ) وما يحصل فيه يحترق قلبه مما يراه ويسمعه .

وفي ظل الاستحقاقات الانتخابية التي حصلت كان الانقسام واضحا تماما بين من حافظ على عبوديته لزعيمه ورايته الحزبية بأنه المخلّص ويحلم بالتغيير ( الميؤوس منه ) على يده ، وبين من كان يطمح في التغيير المطلق لتلك المنظومة السياسة البالية .

والملفت في المشهد الانتخابي ، انك لو قمت باحصاءات سواء على المستوى الداخلي ام الاغترابي ستجد ان نسبة 90 % يريدون (التغيير الحقيقي) رافضين الواقع المرير . إلا أن أكثرية هؤلاء لديهم نظرية (حصانة الزعيم السياسي) او ( أن التغيير لن يكون الا بنجاحه ) وهذه في الحقيقة طامّة كبرى ، متناسيين من هجّرهم ومن باعهم ومن سرق أموالهم من البنوك ومن اوقف إصدار جوازات السفر او تجديدها …

لكنه ورغم كل هذه المواقف توصلت نتائج الانتخابات الى ان لفظت بعضا ممن أثقلو على كاهل البلد بفسادهم ومساهمتهم لسنوات عديدة في تدميره ، كما وانجبت بالمقابل جزءا ولو يسيراً من أولئك الذين يحملون أقله فكرا تغييرياً عن مكوّنات السلطة ، فهذا الامر يعتبر أول مسمارٍ في صدر النظام الفاسد .

الا ان هذه النتائج الانتخابية التي – إذا أردنا ان نكون واقعيين – فهي في الحقيقة لم تكن على مستوى وطموح خيار الشعب اللبناني او أقله خيار اللبنانيين في بلاد الاغتراب الذين وضعوا آمالا كبيرة على قلب المعادلة تماما لصالح الشعب والثورة الوطنية التي اندلعت في اواخر عام 2019 ضد النظام واحزاب السلطة.

اليوم أسدل الستار عن الاستحقاق النيابي والسلطة التشريعية ، ولا زالت هناك استحقاقات أخرى سوف تظهر لنا إما جدّية التغييريين الجدد وإما انغماسهم في وحول من قبلهم واعادتنا الى نقطة الصفر . فقد تنتظرنا في المستقبل القريب استحقاقات جد هامة في مسار السلطة التنفيذية ومسار الاستحقاق الرئاسي ، ولا نرى أن الأمر سيتم بسهولة في هذه الاستحقاقات لكثير من الأسباب :
اولها ، حفاظ بعض أحزاب السلطة الفاسدة على مقاعدها في المجلس النيابي.
ثانيا : مشاريع وأهداف هذه الاحزاب التي تتخطى حدود الوطن بانتماءاتهم للخارج، مما سيجعل محاربة الفساد والانصراف الى الشؤون الداخلية للبلد من سابع اولوياتهم .

ثالثا:، التخوف الكبير من صعوبة جمع الفائزين في الانتخابات النيابية وتوحيد كلمتهم في مواجهة الفساد المستشري ، وجميعنا يعرف أن عددا كبير من اللوائح الانتخابية التي تشكلت تعتبر نفسها تغييرية او خارج منظومة الفساد.

فهل سنرى ذلك في الاستحقاقات القادمة ؟ هل سنرى تكتّلا كبيرا يجمع بين التغييريين والمستقلين ومن يعتبرون انفسهم أصحاب الثورة ؟؟
هل سنرى أحرارا تجمعهم رؤية واحدة مع بعض الاحزاب التي اعتبرت نفسها انها صاحبة قضية وتخاف على مصالح الوطن والشعب والتي خرجت من السلطة وانسحبت من المجلس النيابي السابق ؟؟
هل سنرى تغييرا حقيقيا نحو الأفضل ..؟؟

تساؤلات ، من الصعوبة ان نجد لها جوابا في الوقت الحالي … فلننتظر ..

إلا أننا ورغم كل شيء ، ورغم الفساد ورغم الذل الذي يعيشه اهلنا في وطنهم ورغم ما نعيشه من الم الغربة والحرقة على هذا البلد الحبيب ، لا زلنا نؤمن بأن هذا الوطن باقي مهما عصفت به الرياح ومهما اشتدّت عليه الأزمات …. طالما فيها شريف ومحافظ وغيورٌ على وطنه واهله . وهي ثقة لن تزعزعها إرادة الفاسدين ، مؤمنين بأن الغد قريب
” فما أجمل أن يبزغ الفجرُ بعد ليلٍ طويل ” .

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى