Facebookمقالات

طرابلس تلملم أشلاء “زورق الموت”

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”: 

تعيش مدينة طرابلس أياماً وليالي حزينة وهي لا تزال تلملم أشلاء أبنائها الغرقى وتبحث عن ناجين محتملين ممن فقدتهم المدينة في حادثة غرق «زورق الموت» الذي كان يقلّ أشخاصاً إلى إيطاليا عبر البحر، في رحلة محفوفة بالمخاطر اختارها الناس من فقراء المدينة علّها تخلّصهم من واقع سيئ ومأزوم ومقفل على كل الصعد.

عقب الحادثة توتر الشارع، وقطعت الطرقات في عدة أماكن من المدينة وسجل صدام متقطّع مع الجيش اللبناني، بعدما أورد ناجون من الرحلة بأن زورقًا تابعاً له اقترب منهم وصدم زورقهم عدة مرات ما أدى إلى تسرب المياه الى داخله.

وشيّعت مدينة طرابلس أمس عدداً من الضحايا الذين قضوا في حادثة غرق الزورق، وسط إطلاق نار كثيف وعلى وقع صيحات التكبير. الحادثة أعادت إلى الواجهة من جديد مسألة الهجرة غير الشرعية عبر البحر التي ما انفكّت تحصل منذ سنوات؛ ولكنها اشتدت بعد الإنهيار الإقتصادي الذي ضرب لبنان، على الرغم من الملاحقات الأمنية للمهرّبين وتتبُّعهم للرحلات ومنظِّميها.

وفي معلومات حول زورق الموت فإنه «يعود إلى شخص طرابلسي كان قد جهزه بطابقين من أجل رحلة من لبنان إلى إيطاليا أقلت عدداً من المهاجرين تضاربت المعلومات حول عددهم بين 70 و 100. لكنّ المفوضية السامية لشؤون اللاجئين قالت في بيانها إن العدد هو 84. وبينما لم تحدد الجنسيات، فإن المعلومات تتحدث عن وجود سوريين وفلسطينيين على متن الزورق.

واستعان صاحب الزورق بشخصين لتأمين المهاجرين، وكانا على تماس مباشر معهم، لتأمين المبالغ المطلوبة (1000 دولار) عن كل مهاجر. انطلق الزورق مساء السبت ولم يمض على إبحاره إلا ساعات قليلة حتى وصلت أخبار غرقه. وفي شهادات لناجين تم انتشالهم عبر الجيش أن «زورقاً تابعاً للجيش اللبناني هو من حاول اعتراض طريقهم ما أدى إلى تسرّب المياه إلى داخل المركب الذي كان يقلّهم فغرق بمن فيه».

وقال أحد الناجين في اتصال مع «نداء الوطن»: «من جهتي لم أشعر إلا ان شيئًا بدأ يصطدم بنا وكأنه يحاول إغراقنا عنوة وإذا به زورق تابع للجيش. كانت لحظات مرعبة لا أريد أن أتذكّرها».

الا ان قائد القوات البحرية في الجيش اللبناني العقيد الركن هيثم ضناوي نفى رواية الناجين وقال في مؤتمر صحافي إن «المركب ذا الصناعة القديمة والذي لا يتسع لأكثر من 10 أشخاص قد غرق بسبب حمولته الزائدة وانعدام وسائل الأمان داخله». أضاف: «لقد حاول الجيش منع المركب لكنه كان أسرع منا».

ووفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أمس، فقد تمّ إنقاذ 45 شخصاً، وتم تأكيد وفاة ستة اشخاص من بينهم طفل يبلغ من العمر 40 يوماً، بينما لا يزال العديد مفقودين. ومن بين الركّاب أطفال ونساء ورجال وكبار في السن. وتناقلت وسائل التواصل الإجتماعي أمس صوراً لشبان من داخل مركب قيل إنها رحلة جديدة انطلقت من طرابلس إلى قبرص، من دون أن تشكّل واقعة غرق الزورق رادعاً. ولا يمكن فصل مسار هذه الحادثة عن الوضع العام في طرابلس. حيث تعيش المدينة وعائلاتها لا سيما في أحيائها الفقيرة، ضغوطاً اقتصادية واجتماعية صعبة للغاية، في ظل انعدام الخدمات على اختلافها، الأمر الذي يدفع بهؤلاء إلى ركوب البحر هرباً من الواقع المؤلم.

المصدر
نداء الوطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى