كتب داني حداد في موقع mtv:
ينام سمير جعجع أقلّ بكثير. الرجل الذي يسهر كثيراً بات يستيقظ باكراً أكثر من ذي قبل. تغيّر برنامجه. غابت عادات يوميّة. يتمحور يومه حول عنوانٍ وحيد: الانتخابات النيابيّة.
يعتمد رئيس حزب القوات اللبنانيّة على الاستحقاق الانتخابي لإحداث تغييرٍ في المشهد الداخلي. تكرّس حركته في الفترة الأخيرة، كما إطلالته المكثّفة التي كلّلها في الـ Show الانتخابي أمس، مواجهة مفتوحة بين خيارَين: إمّا مع حزب الله أو ضدّه. يحاول جعجع اختصار جميع المعارضين للحزب بـ “القوات”. من هنا شعار “بدنا وفينا”. كأنّه يقول إنّ هناك من يريد ولا يستطيع.
تتوزّع يوميّات جعجع بين اطلاعٍ على أبرز ما يُنشر في الصحف والمواقع، وبعض التغريدات المهمّة، والاجتماعات المكثّفة التي يعقدها مع مرشّحين ومع شخصيّات فاعلة انتخابيّاً، بالإضافة الى اتصالاتٍ هاتفيّة يجريها للبتّ ببعض المسائل التي لا تنتظر تحديد موعدٍ في معراب.
يدخل جعجع في التفاصيل. في أدقّ التفاصيل التي قد تبدأ بدوامات موظفين في مؤسسات “القوات”، لتشمل ما يصدر عن الماكينة الانتخابيّة من أرقام يدقّق بها، ويقاطعها مع آراء مرشحين وخبراء ومفاتيح انتخابيّة. يسأل عن مواقف بعض الشخصيّات، يتّصل بها إذا دعت الحاجة. يراضي بعض “الحردانين”، ويجمع بين متخاصمين، ويهدّئ خواطر بعض القلقين في اللوائح التي عمل على تشكيلها.
ويصارح جعجع المرشّحين. يقول لأحدهم سندعمك بالأصوات، ويؤكد لآخر بأنّ الأصوات “القوّاتيّة” ستذهب الى مرشّحٍ معيّن. لا يساير ولا يخادع.
ويكشف جعجع عن إعجابه بمرشّحين. يضع على بعضهم آمالاً كبيرة في مجلس ما بعد ١٥ أيّار. ويعبّر عن خشيته من خسارة مرشّحين آخرين. ويبدي عنايةً مختلفة بقضاء بشري، لما يحمل من رمزيّةٍ بالنسبة اليه.
يعرف أنّ هناك من يستهدفه في هذا القضاء تحديداً. ولكنّه يبدو واثقاً من الفوز بالمقعدين. هو صلب ولا يساوم أبداً ولا يعتمد سياسة الاستيعاب حين يتعلّق الأمر ببشري.
لا يرتاح جعجع في هذه الأيّام إذاً. هو لم يخرج من معراب أبداً بعد أحداث الطيّونة، إلا لتلبية دعوة السفير السعودي الى إفطارٍ حضر اليه بشكلٍ مفاجئ وغادره بشكلٍ مفاجئ أيضاً. يعرف أنّ هذه الانتخابات مفصليّة، قبل خمسة أشهر من موعد الانتخابات الرئاسيّة.
بعد الانتخابات تنتظره ثلاثة استحقاقات: الأول، انتخاب رئيس المجلس النيابي. هو لن ينتخب نبيه بري ولكنّه لا يستطيع أن يمنع وصوله.
الثاني، تكليف رئيس حكومة وتشكيل حكومة جديدة. الأرجح أنّه لن يشارك ولن يبدّل موقفه.
والثالث، انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة، وهو استحقاق يرغب بأن يكون لاعباً أساسيّاً فيه. وما الانتخابات النيابيّة التي يخوضها سوى التمهيد.
يستيقظ سمير جعجع باكراً وينام متأخراً. لا يرتاح ولا يريح. يقول مقرّبون إنّه لا يتغيّر. السياسة هي كلّ شيء بالنسبة اليه. يستخدم البعض كلمة أخرى. “القضيّة” هي كلّ شيء بالنسبة اليه…