سياسة

عون موجود… إذاً “غادة باقية” !

لا تزال العودة الخليجية طاغية بقوة على المشهد الداخلي في ظل الحركة المكوكية التي يقوم بها السفير السعودي وليد بخاري في أكثر من اتجاه وطني، تفعيلاً لقرار استئناف العلاقات الديبلوماسية وتفعيل قنوات المساعدة السعودية الإنسانية للبنانيين في مواجهة الضائقة الاقتصادية والمعيشية الخانقة التي يمرون فيها، على أن يبقى تواصله مع المسؤولين ضمن الإطار البروتوكولي الذي سيشمل اليوم زيارة قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، قبل استكمال جولته على المقار الرئاسية، في كل من عين التينة والسراي الحكومي.

أما على شريط المتابعات اليومية للملفات الجدلية، فبرز أمس ما نُقل عن إحالة النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون على هيئة التفتيش القضائي لمساءلتها حول التصريحات التي أدلت بها خلال زيارتها باريس في الآونة الأخيرة على نفقة المرشح للانتخابات النيابية عمر حرفوش، وتناولت فيها شؤوناً قضائية وصلت إلى حد التشهير بزملاء لها في السلك القضائي، وذلك بعدما تمت إحالتها الأسبوع الفائت على المجلس التأديبي بموجب عدة شكاوى رفعت ضدها أمام “التفتيش” في الفترة السابقة… غير أنّ مصادر مواكبة للملف قلّلت من جدية أي إجراءات قد تتخذ إزاء أي من هذه الشكاوى، معربةً عن ثقتها بأنّ “غادة عون محمية رئاسياً وسياسياً… وباختصار طالما أنّ ميشال عون موجود في القصر الجمهوري فإنّ غادة عون باقية تمارس مهامها بعيداً عن أي تبعات قضائية على تصرفاتها لا في هيئة التفتيش ولا في مجلس التأديب”.

وأفادت المصادر “نداء الوطن” أنه “تم الاستماع فعلاً إلى القاضية عون أمام هيئة التفتيش القضائي لكن أيّ قرار نهائي بحقها لم يصدر حتى الساعة”، لافتةً الانتباه إلى أن رئيس هيئة التفتيش كان قد طالب بإحالتها إلى المجلس التأديبي “لكن هذه الإحالة هي عملياً إحالة شكلية لأنّ المجلس التأديبي غير موجود بمعنى أنه غير مشكّل بعد”، موضحةً أنّ “مجلس القضاء الأعلى يقوم مطلع كل عام بتشكيله لكن المجلس كان بدوره غير مكتمل العضوية وبالتالي تعذر عليه تشكيل المجلس التأديبي”.

وإذ لفتت إلى أنّ إحالة عون إلى المجلس التأديبي “تمت بطلب مباشر من رئيس التفتيش القاضي بركان سعد، بينما كان يجب أن تحصل عبر هيئة التفتيش”، نوّهت المصادر إلى أنّ هذه الإحالة “ستبقى سارية المفعول إلى حين تشكيل المجلس التأديبي لكونها لا تسقط بمرور الزمن”، مشيرةً في الوقت نفسه إلى أنّ “رئيس هيئة التفتيش له الحق بأن يطالب رئيس مجلس القضاء الاعلى بأن يطلب من وزير العدل كفّ يد القاضية غادة عون عن متابعة مهامها إلى حين البت بملفها من قبل التأديبي، لكن أغلب الظن أنّ هذه القضية ستبقى تراوح مكانها إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية لأن الرئيس عون لن يسمح باتخاذ أي إجراء بحق القاضية عون حتى آخر لحظة من عهده”.

وكان رئيس الجمهورية قد أكد أمام زواره أمس أنّ “اليأس لا مكان له في تفكيره” وأنه ماضٍ في تنفيذ أجندته “في المدة الباقية من العهد”، مشدداً من هذا المنطلق على أهمية إقرار قانون الكابيتال كونترول إضافةً إلى التدقيق الجنائي في سبيل دفع الأمور قدماً على مستوى الاتفاق المبدئي الذي جرى توقيعه الأسبوع الفائت مع صندوق النقد الدولي.

وفي هذا المجال، أثار وضع مشروع قانون “الكابيتال كونترول” كبند أول على جدول مناقشات اللجان النيابية المشتركة اليوم، الحذر والترقب في الأوساط الاقتصادية، منبهةً إلى مغبة تمرير السلطة المشروع بصيغته الاستنسابية تحت تأثير “نشوة” توقيع الاتفاق مع صندوق النقد، لأنّ ذلك سيكون بمثابة “إبراء ذمة كل من تسبب بالانهيار من السلطة السياسية، مروراً بالمصرف المركزي، ووصولاً إلى المصارف التجارية”، بحسب رئيس الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين المحامي كريم ضاهر، ليكون ذلك “على حساب تحميل المواطنين القسم الأكبر من الخسائر، وفقدان الأمل بالتعافي الاقتصادي لأجيال طويلة”.

ويوضح ضاهر أنّ تمرير قانون “الكابيتال كونترول” بمعزل عن تنفيذ بقية الاصلاحات المطلوبة، وفي مقدمها “تحديد المسؤوليات، وتوحيد سعر الصرف، وإعادة هيكلة المصارف”، سيؤدي إلى 4 نتائج بالغة الخطورة، وهي:

1- إبراء ذمة كل من المصرفيين ومصرف لبنان، والمتسببين بالانهيار من المسؤولين، وقطع الطريق على محاسبتهم، والمماطلة إلى أجل غير مسمى في إعادة هيكلة القطاع المصرفي، خصوصاً إذا نجحت المنظومة الحاكمة نفسها في تجديد شرعيتها في الانتخابات النيابية.

2- تسليم “رقبة” المودعين، وعموم المواطنين إلى لجنة مشكلة من رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان، ووزير المالية وخبيرين وقاض يحددون من قبل رئيس الحكومة، على أن تملك هذه اللجنة القرار النهائي الذي لا يمكن الطعن به أمام أي مرجع قضائي.

3- التمييز بين الدولار القديم والدولار الجديد، بما يطعن بمبدأ المساواة المكرّس بموجب المادة السابعة من الدستور.

4- تطبيق وزارة المالية سعر منصة صيرفة لجباية الضرائب والرسوم من دون أن يتم تعديل سقف السحوبات من الحسابات المصرفية المحجوزة. وعدم السماح للمودعين باستعمال أرصدتهم لتسديد النفقات الباهظة التي ستترتب عليهم. من دون أن يعني ذلك بالضرورة توقف المصرف المركزي عن تنويع أسعار الصرف بالنسبة للسحوبات المالية، وبالتالي الاستمرار بتذويب الودائع من خلال تعاميم غير دستورية وغير قانونية.

ويضيف ضاهر: “من جهتنا كائتلاف اتحاد نقابات المهن الحرة، مع جميع جمعيات وروابط المودعين وشريحة واسعة من القطاع العام ومجموعات أهلية ومجتمع مدني، نرفض رفضاً قاطعاً محاولات التشوية التي يعمل على تمريرها من خلال مشروع الكابيتال كونترول الراهن”، ويختم: “لن نسكت ولن نرضخ، فهناك سقف لا يمكن النزول تحته وهو تحديد المسؤوليات قبل توزيع الخسائر، بما يعني عدم تمرير الإصلاحات من دون عقاب، والبدء بتطبيق القوانين وفي مقدمها قانون الاثراء غير المشروع، تليه القوانين المصرفية التي تحاسب كل من أخل بواجباته”.

المصدر
نداء الوطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى