أكد نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني أنه من الضروري التركيز على الهدف النهائي اي الحفاظ على الوطن وهويته وتاريخه وحضارته وصناعة مستقبله – كما نطمح كشعب لبناني لا كما يسعى بعضهم الى الفرض علينا – والحفظ على الحضور الفاعل لمكوناته كافة لا التلهي بالمواجهات الجانبية.
كلام حاصباني جاء خلال تلبيته دعوة الرابطة اللبنانية للروم الأرثوذكس للقاء حواري مفتوح، بحضور رئيس وأعضاء الهيئة الإدارية للرابطة وعدد من أعضاء الجمعية، حيث ألقى رئيس الهيئة الإدارية الدكتور صلاح رستم كلمة رحب فيها بمرشح بيروت الأولى عن المقعد الأرثوذكسي نائب رئيس الحكومة السابق غسان حاصباني، وعرض سيرته الذاتية، قبل ان يعرض حاصباني خارطة طريق للخروج من الأزمة التي يمر بها لبنان والدور الأرثوذكسي في بناء الدولة.
واعتبر انه “قد نختلف بالمقاربات السياسية والآراء وتوصيف الوضع لكن ما لا نختلف عليه اننا نواجه وضعا كارثياً كبيراً وبلدنا على شفير الانهيار الذي بدأ يتجلى على اكثر من صعيد واصبحنا على عتبة الدولة الفاشلة فيما بعضهم منهمك بتوسيع الفروقات بين اللبنانيين”.
كما أشار الى “ان هناك سياسيي صدفة وسياسيين بالصميم وسياسيين وجدوا لهدف اساسي وهو تدمير دولتنا منهجياً”، معتبرا اننا “نشهد اليوم على نسخة جديدة من السياسيين المدمرين والاخطر من السرطان وهو دواء سرطان فاسد”.
كذلك، دعا كل مواطن لبناني اياً يكن انتماؤه السياسي او الطائفي او المناطقي ان يعمل لقيام دولة تتمتع بوحدة المؤسسات والجيش والقوى الامنية ووحدة القرار في العلاقات الخارجية والدفاع عن الحقوق وتمنع من ان نتورط في مشاكل نحن بغنى عنها.
أضاف: “اللبناني يريد صون كرامته وازدهار اعماله وتأمين الامن الاجتماعي والصحي، فلا يبقى قلقاً على آخرته وهذه الامور من ابسط متطلبات اي حضارة. نحن كمستقيمي الراي من صنّاع هذه الحضارة ومن المكافحين للحفاظ عليها، وبغض النظر عن اختلاف الآراء دورنا ان نبقى مستقيمي الراي فيجتمع حولنا الباقون. علينا ان نتمسك بهوية الانفتاح وقبول الاخر واحترام الجميع ومد اليد للجميع طالما لا ينتهكون كراماتنا ولا يهددون وجودنا ولا يستغلون حسن نيتنا لتهميشنا وتدميرنا او جعلنا مواطنين درجة ثانية”.
هذا وشدد حاصباني على ان الدور الارثوذكسي جضور وفكر وانفتاح وتعاون، لابتكار الحلول لا لتدوير الزوايا ولتصحيح الوضع لا للدخول بتسويات واردف: “نحن نناقش ولا نساوم”.
تابع: “الرؤية للانقاذ واضحة: التمسك بمؤسسات الدولة الرسمية والديمقراطية والشرعية وتحرير الدولة من الاختطاف التي تتعرض له اليوم أكان بقوة السلاح او بالسياسة او الفساد. علينا الا نكتفي بتصحيح الواقع بل ان نعمل لازالة المسببات التي اوصلت لبنان الى ما هو عليه. بعد تحرير الدولة علينا الانتقال الى بنائها على اسس ديمقراطية وقانونية صلبة. علينا الحفاظ على ارضنا وهويتنا وعلى شعبنا واعادة بناء مؤسساتنا الرسمية والخاصة والدينية والاجتماعية. علينا تقليص القطاع العام المتخم بالتوظيفات والزبائنية، فنحن كمواطنين من نموله. لذا يجب وضع حد للهدر والفساد والمحسوبيات والمحاصصة والانتقال الى فعالية اكبر في القطاع العام تحت رقابة هيئات ناظمة. علينا تعزيز القطاع الخاص التنافسي لخدمة الناس وترخيص الخدمات مع السعي لرفع جودتها لا القطاع الخاص الذي يتواطأ مع القطاع العام للحصول على عقود والتلزيمات”.
أضاف حاصباني: “علينا اعادة تكوين رأس مال المصارف واستخدام اصول الدولة لتغطية جزء من خسائر الناس الذين ادانوها. علينا ضبط الجمارك والحدود وهذا دور الدولة، ففي آخر عشر سنوات خسرت خزينة الدولة جراء التهرب الجمركي 20 مليار دولار، ومن التهرب الضريبي خسرت 20 مليار دولار اخرى. بهكذا اصلاحات نستطيع ادخال مداخيل. علينا تطبيق القانون الصادر عام 2002 لاصلاح قطاع الكهرباء وتشكيل هيئة ناظمة واعادة هيكلة القطاع وادخال استثمارات لبنائه وتشغيله. كذلك الامر بالنسبة للقانون المتعلق بقطاع الاتصالات الذي صدر عام 2002 ايضاً. يجب انشاء ادارة كاملة لمرفأ بيروت عبر امتياز لا ادارة موقتة والعمل بطريقة شفافة ورقابة عالمية كي يكون اهم مرفأ على البحر المتوسط. من ضمن الاموال التي ستتدفق من ذلك يجب التعويض على سكان بيروت الذين تغيرت حياتهم في انفجار 4 آب وتدمرت احياؤهم وممتلكاتهم وبناهم التحتية. بالطبع لا شيء يعوض عن خسارة الحياة لكن التعويض المادي جزء من العقاب على المرتكب”.
حاصباني شدد على انه بالتوازي مع هذه الاصلاحات، يجب وضع خارطة طريق بالتعاون مع صندوق النقد الدولي للسنوات الخمس او العشر المقبلة، مضيفاً: “قد لا نحتاج الى مساعدات خارجية كبيرة لان لبنان لا يزال يمتلك اصول دولة مهمة وبالامكان اعادة تكوين رأسمال القطاع المصرفي وهيكلته من الارباح التي حققها سابقا. كما هناك استعداد ان يتحمل المقيم والمغترب مخاطر بعض الاستثمارات لاعادة النهضة بلبنان ولكن بعد استعادة الثقة بالحكومة ومجلس النواب والطبقة الحاكمة”.
ختم حاصباني: “هذه المقاربة تتطلب ارادة شعبية كبيرة كي تنفّذ. دورنا ان نجمع الناس حول مشروع اصلاحي متكامل ووطني بامتياز ونعيد الانفتاح العالمي على لبنان. كما نهضنا بالتاريخ من قيام الجمهورية الى وضع شرعة حقوق الانسان في الامم المتحدة، علينا استجماع قوانا واستنهاضها للحفاظ على دورنا وهويتنا وصورتنا الارثوذكسية المستقيمة الراي على مستوى الوطن والمنطقة والعالم”.