مقالات خاصة

شعبٌ مكسور وبلد منهار.. ورمضان كريم

الإفتتاحية بقلم ج. م

يعود شهر رمضان علينا هذا العام بينما اللبناني مثقلٌ بالهموم والأعباء والرسوم، يطل شهر الرحمة بينما المواطن غارقٌ في التكاليف والديون محتاراً بكيفية تحمّل مصاريف هذا الشهر الكريم، فلبنان يعاني منذ أكثر من عامين أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية، ما جعل إحتفالات اللبنانيين بإستقبال شهر رمضان شبه معدومة…

من المعروف أن لرمضان في لبنان رونقٌ خاص وتقاليد وعادات خاصة به دون غيره من الشهور والمواسم ، لكننا بخلاف السنوات الماضية، بدأنا نلاحظ غياب تلك العادات شيئاً فشيئاً، حتى أن الشوارع لم تعدْ تُزيّن إستقبالاً، فغابت القناديل والفوانيس التي كانت تُعلّق في كلّ مكان، وهجر الناس الأسواق…

بالعادة ومن الطبيعي أن ترتفع أسعار السلع والخضر في شهر رمضان، لكن الارتفاع استثنائيٌ هذه السنة، مع استغلال التجار الفوضى التي تسود أسواق الصرف وإنهيار العملة الوطنية، ما أدى إلى إرتفاعٍ خيالي بأسعار السلع، فاق قدرة اللبناني على مجاراته، ووسط هذه الهموم المعيشية، باتت لقمة العيش هي الشغل الشاغل للبنانيين، حتى أنهم لم يعودوا مكترثين لبقية التفاصيل المرافقة لشهر رمضان أو غيره…

ووفق الأمم المتحدة، فإن معدل الفقر ارتفع في لبنان ليشمل اكثر من 70 بالمئة من السكان، بينما تزايد معدل الذين يعانون الفقر ثلاثة أضعاف، وهذه المعدلات مرجح ارتفاعها مع استمرار تصاعد الأزمة الاقتصادية..

يعود الشهر الكريم هذه السنة على بلدٍ وشعب منهار من كثرة الأزمات، وعلى أرباب بيوتٍ لا حول لهم ولا قوة، فأمواج الفواتير من اشتراك المولدات لفاتورة الكهرباء وأسعار المحروقات قد هدّت ظهورهم، ورسومها فاقت رواتبهم بأضعافٍ مضاعفة…

يعود شهر المغفرة على مسؤولين لم يرحموا شعبهم، بل أمعنوا في تجويعه وإفقاره وسرقته، مسؤولون يخرجون على المنابر ليقدموا وعوداً فارغة وخطابات رنانة، دون أن يملكوا أدنى المقومات لتطبيق تلك الوعود بالمراقبة والمتابعة والعمل..

يعود شهر العتق من نار على تجار فاجرين لم يتقوا الله فينا، ولم يشبع جشعهم بعد من حصد الأموال، وتجميع الثروات مستغلين ضُعف ربّ عائلةٍ إضطر لشراء مستلزمات بيته بسعر يفوق الخيال…

ختاماً، رغم المثل القائل “وبأي حالٍ عدتْ ياعيد”، يبقى شهر رمضان شهر الرحمة والتقوى والتكافل، وعلى الرغم من غلاء أسعار السلع بشكل كبير، يُحاول البعض ألا يحرم نفسه من فرحة حلول الشهر، فمهما إشتد ظلم ونفاق المسؤولين وفساد وجشع التجار، ومهما ازدادت الهموم والأوجاع، يبقى الأمل بالله كبيراً ويبقى رمضان كريم..

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى