محلي

عون: لبنان ما زال يعاني من تداعيات الحرب في سوريا

أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أننا لا يمكن أن نعيش اليوم في ظل مقولة أنا قوي فأنا على حق، مشددا على أهمية الوحدة بين المجتمعات لتكون سياستها أكثر تأثيرا بإعادة الحق لأصحابه. ولفت الى أن لبنان عانى ولا يزال الاضطرابات والصراعات بين الدول التي أثرت عليه بشكل مباشر ولا سيما الحروب في المنطقة ودول الجوار، وهو لا يزال يدفع ثمن تداعيات الحرب في سوريا نتيجة استقباله النازحين السوريين وعدم مساعدة المجتمع الدولي على إعادتهم الى بلادهم، من دون أن يعلم لبنان حتى الآن لماذا الدول الغربية تضغط لإبقائهم على أرضه؟

مواقف الرئيس عون جاءت خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، رئيس أساقفة كانتربري رئيس الكنيسة الانغليكانية في العالم عضو مجلس اللوردات الدكتور جاستن ويلبي، في حضور النائب إدغار طرابلسي ورئيس الأساقفة الانغليكاني على كرسي القدس المطران حسام نعوم والسفير البريطانيا ايان كولار.

وكان رئيس أساقفة كانتربري وصل الى قصر بعبدا في العاشرة والنصف، وأدت له التحية ثلة من الحرس الجمهوري، ثم استقبله الرئيس عون في صالون السفراء مرحبا بزيارته لبنان، ورد الدكتور ويلبي شاكرا للرئيس عون استقباله مع الوفد، متمنيا لمناسبة عيد البشارة ان تحل على الرئيس عون ولبنان نعمة السيد المسيح وبركة أمه مريم العذراء. وقال: “التوترات الدولية كبيرة جدا، بحيث ان حاجات العديد من الدول تقع في طي النسيان بسهولة ولا سيما في هذه المنطقة. أما صلاتي فهي من أجل السلام والاستقرار والتعافي في لبنان من المشاكل التي يتخبط بها. ومن خلال الرحلات التي أقوم بها حول العالم ألتقي بالعديد من اللبنانيين وهم من أبرز القادة وأنجحهم وأكثرهم فعالية. وأنا أعلم ان هذا البلد يزخر بكل المواهب التي يطلبها الإنسان من الله وأصلي لتتمكنوا، فخامة الرئيس، أنتم ومن سيخلفكم من قيادة هذه المواهب لكي تكون في خدمة المعوزين والفقراء في هذا البلد”.

أضاف: “للأسف أن حمى الحرب الشريرة والمقيتة أصابت أوروبا للمرة الأولى منذ 80 عاما، وأنا أعلم أن لبنان هو أفضل من يدرك ثمن الصراعات والحروب، والتحدي الكبير الآن هو أن نتعلم كيف نختلف بالآراء من دون ان نلجأ الى العنف ونصل الى الكراهية، وهذا في صلب المصالحة. ولعل لبنان بإمكانه أن يكون مثالا للتعافي ويمكن لأوروبا أن تتعلم منه.”

وأشار الى أن “نداء لبنان لمساعدته في إعادة النازحين السوريين الى بلدهم، هو نداء نسمعه من دول أخرى بما فيها الأردن وأيضا من دول في مناطق أخرى، حيث هناك حروب منسية مثل اوغندا والسودان واثيوبيا وحول العالم. هذا واقع مخيف عن أشخاص ينتقلون من بلد الى آخر بسبب النزاعات والصراعات. ونحن برفقة المطران حسام، نفعل ما بوسعنا للتشجيع على السلام والمصالحة، ولكن الصعوبة دائما هي في الشر الذي يملكه القوي. وهناك مقولة قديمة تعود الى الحرب بين اسبارطا وأثينا، فالمؤرخ الاغريقي زينوفون قال: القوي يفعل ما يريد أما الضعيف فيفعل ما يجب أن يفعل”.

الرئيس عون
ورد رئيس الجمهورية بكلمة رحب فيها بالوفد، ونوه بالمهام الكثيرة التي يقوم بها في خدمة السلام العالمي والعدالة الاجتماعية ومحاربة العنف والحروب، إضافة الى الجهد الذي يبذله أعضاؤه لمساعدة الفقراء والدول لإعادة الأمور الى طبيعتها. ولفت الى أن العالم يعيش اليوم مرحلة صعبة نتيجة الصراعات والحروب منذ العام 1948 أي منذ تأسيس إسرائيل، مشيرا الى أن الاضطراب بين الدول ينعكس على لبنان بشكل كبير. وقال: “نحن نعاني الحروب في المنطقة، ولا سيما الحرب التي اندلعت في سوريا وتأثيرها بشكل مباشر على لبنان نتيجة إقفال الحدود، مما أثر علينا اقتصاديا وزاد من حدة الأزمة الاقتصادية التي نعيشها”.

وتحدث عن تأثير النزوح السوري الى لبنان، مطالبا الوفد ببذل جهده إذا أمكن للمساعدة في إعادة هؤلاء النازحين الى بلدهم حيث استتب الأمن في مختلف المناطق السورية. وقال: “نحن لا نعلم حتى الآن لماذا الدول الغربية تضغط على لبنان لإبقائهم على أرضه؟ نطالب بمنحهم المساعدات الدولية على أرضهم بدل إعطائهم إياها في لبنان، مما يشجعهم على العودة الى بلدهم”.

أضاف: “لا يمكن اليوم أن نعيش مع القوي فقط، فأغلب الدول تعتمد مقولة “أنا قوي فأنا على حق”، بدلا من “انا على حق فإذا أنا القوي”. وهذا ما نراه يحصل اليوم في أوكرانيا، ونأمل أن يعود السلام”.

ولفت الى “أهمية الوحدة بين المجتمعات لتكون سياستها مؤثرة وأقوى. فالوحدة تستطيع أن تؤثر بإعطاء الحق لأصحابه، ونحن اليوم قطعنا مرحلة الحرب في سوريا التي أصبحت في مرحلة السلام، ونتمنى مساعدة انكلترا بصورة خاصة لمساعدة النازحين الى بلدهم”.

ورد ويلبي منوها بكلام الرئيس عون وقال: “أنتم على حق ونحن اليوم في هذه المناسبة نتذكر أن الله اتخذ خيارا بأن يصبح ضعيفا ليتمكن من الغزو. وان طبيعة القيادة الحقيقية والعادلة التي تتجسد في صورة الله تترجم بالفعل في الخدمة ومحبة الضعيف وليس في القوة والهيمنة. أنا أعمل مع الأمين العام للأمم المتحدة على تشكيل لجنة وساطة. هناك صعوبة في تخطي قوة الحكومات التي تتمتع بحق النقض، ولفت انتباه هذه الدول الى بلدان مثل لبنان وغيره التي تحتاج الى دعم والى تمكينها من تحمل مسؤولية مستقبلها. فمسؤوليتنا تكمن في تأمين الأمل، ونحن سنجد وجود الله يقوينا حين نتحمل مسؤوليتنا عن مستقبلنا”.

وشكر رئيس أساقفة كانتربري في ختام اللقاء للرئيس عون استقباله، مؤكدا أنه سوف يعود الى بلاده محملا بذكريات جميلة من لبنان. وقال: “أنتم لم تزعجوني بمطالبكم على الإطلاق بل ذكرتموني بمطالب الفقراء وبالحاجة الى الصلاة، وأنا أواكبكم وأواكب لبنان وأصلي من أجل من سيخلفكم وبالتأكيد سأتابع مطالبكم على نطاق محادثاتي الخاصة في المملكة المتحدة وفي البرلمان”.

كلمة في السجل
ودون ويلبي قبل مغادرته القصر الجمهوري كلمة في السجل هنا نصها:
“في عيد البشارة 2022، جاء الملاك الى مريم وبشرها “مباركة انت”.. لبنان كنز للعالم منذ آلاف السنين. نسأل سيدتنا، العذراء المباركة، أن تصلي لهذا البلد وقادته. أصلي من أجل التخفيف من عبء النازحين الذي تحملتموه بسخاء، وسوف أطلب الدعم من أجل هذا التغيير”.

وزيارة ويلبي لبنان هدفها الاطلاع على الأوضاع فيه وعلى واقع المسيحيين. ورافقه في الزيارة إضافة الى المطران حسام نعوم، راعي كنيسة جميع القديسين في بيروت مدير مركز القديس لوقا لذوي الحاجات الخاصة في بيت مري الارشديكون عماد زعرب، ومرافق المطران نعوم القس الكنن دون بندر، وراعي كنيسة القديس بولس الانغليكانية في مدينة شفا عمرو الجليلية القس الكنن فؤاد داغر، وراعي الكنيسة الناطقة باللغة الانكليزية القس مالكوم فورست. ومن المقرر ان يترأس ويلبي قداسا في كنيسة جميع القديسين الانغليكانية لمناسبة عيد سيدة البشارة حيث سيستقبل رئيس واعضاء اللجنة التنفيذية في المجمع الاعلى للطائفة الانجيلية في لبنان وسوريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى