محلي

المرتضى ممثلا الرئيس عون منح نزيه كبارة وسام الإستحقاق الفضي ذا السعف

 مثل وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في اللقاء التأبيني للرئيس السابق للمجلس الثقافي للبنان الشمالي الدكتور المحامي نزيه كبارة، في ذكرى مرور أربعين يوما على وفاته، بدعوة من المجلس، في مقر الرابطة الثقافية في طرابلس.
 
وألقى المرتضى كلمة قال فيها: “طرابلس ذاكرة الملح والعبير، مدينة البشر والحجر والشجر، بقية فينيقيا وبيزنطة وبني عمار والصليبيين والمماليك والأتراك والعرب، ومجتمع هؤلاء كلهم، ها هي اليوم في حضرة الأربعين تحتشد قلعة وأسواقا ومكتبات ومنتديات وقامات ثقافة، في وقفة وفاء لمن كان ابنا لها، وأبا لمثقفيها، وراعيا لحراكها التنويري على امتداد عقود. وها هي وزارة الثقافة تشارك الفيحاء غصتها وتأخذ حصتها من هذا الحزن الطرابلسي الأليم”.

أضاف: “وفي المناسبة ترتسم أمام عيني مفارقة كبيرة. فمدينة العلم والعلماء دحرجت من فضاء تاريخها إلى حضيض واقع جعلها أفقر المدن المتوسطية، وهي في الأصل أغناها. ذلك أن ظروفا كثيرة اقتصادية واجتماعية وأمنية غيرت من طبيعتها الجامعة، فصار “يضيق بابن الجار جيران”، وازداد الإهمال الرسمي لها، حتى تراجعت فيها قطاعات الإنتاج كافة، وآل أمرها إلى ما تعلمون. وفي المقابل تألقت فيها حركة ثقافية مميزة، على أيدي بعض من المثقفين الذين انتبذوا من منتدياتها مكانا عليا، وراحوا يبثون فيها رونق اللون وبهجة الحرف وروعة النغم، وينفضون عن إرثها المعماري غبار الإهمال، وينشرون إبداعاتهم على المنابر وفي المحافل وفي تضاعيف الكتب وسائر الأعمال الفنية. كان الراحل الدكتور نزيه كبارة في مقدمة هؤلاء، فقد جعل الثقافة همه الأوحد، سواء في التدريس الجامعي أم في رئاسته للمجلس الثقافي للبنان الشمالي، أم في الندوات والمحاضرات التي أقامها وشارك فيها، أم في الكتب التي صنفها في مختلف فنون المعرفة، أم في عشقه الصافي للغته الأم. ولا تزال محفورة في ذاكرتي بعض الفعاليات الثقافية التي أقامها ودعيت إليها أيام عملي القضائي في طرابلس. هذه المفارقة بين واقعين: مر وجميل، تثبت أن الثقافة، ولو ادلهمت الأزمات، تبقى تحت الرماد جمرا متحفزا لبث الدفء في القلوب، ونورا لا بد له من أن يشرق ويضيء الحياة”.

وتابع: “فضل نزيه كبارة على هذه المدينة أنه جهد لكي يستحق يومها صفة أمسها، وتعود الحياة الثقافية علامتها الفارقة المسجلة في دفاتر المستقبل. ولقد نجح في الأمر نجاحا يشهد له به الخطباء الذين سيستقبلهم بعدي هذا المنبر وشهدت له به من قبل إنجازات تراكمت، وبات من الواجب جمعها في أعمال كاملة تكون ذخرا للوطن والناشئة والباحثين”.

وأردف: “أيها الأحباء، يوم رحيله نعته وزارة الثقافة ببيان، مما جاء فيه: “طرابلس، حاراتها، أسواقها، نهرها، قلعتها، بحرها، عطرها وبساتينها، تقف كلها حزينة لفقدان الدكتور نزيه كبارة العلامة الثقافية البارزة في الفيحاء وكل لبنان سحابة عقود طويلة. كان رحمه الله أنموذج العطاء في أي منصب شغله؛ ولأنه مستحق كل تكريم قرر فخامة رئيس الجمهورية، بناء على طلب وزير الثقافة وبمتابعة مشكورة من دولة رئيس مجلس الوزراء، منحه وسام الاستحقاق الفضي ذا السعف تقديرا لما أسداه للبنان من خدمات ثقافية مميزة”.

وختم: “أعرف أن صدره كان أحق بأن يعلق عليه الوسام وهو حي. وكنا أعددنا للأمر، لكن القدر كان سباقا. وبكل أسف يحضرني في هذه المناسبة قول عمر أبي ريشة:
ما اعتاد هذا الشرق أن يهدي إلى نبغائه الأحياء أجر مناصر.
وإنني إذ أسلمه الآن إلى عائلته في يوم ذكراه، أعلن واثقا أنه كان هو بذاته الوسام والفضة والسعف”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى