مقالات

باسيل يستفز الحزب

كتبت صفاء درويش في موقع mtv: 

أثارت تغريدة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل التي أدان فيها التعرّض للعاصمة الإمارتية أبو ظبي حفيظة بيئة حزب الله، التي رأت فيها استفزازًا في المضمون والتوقيت رابطة اياها بالانتقادات التي وجهها باسيل الى الحزب في الآونة الأخيرة.

لم تعلّق قنوات الحزب الرسمية على الموضوع بتاتًا، وإنّما تؤكد المعلومات أن أجواء قيادته شهدت انزعاجًا من كلام حليفها. هذا الانزعاج لن تكون له تبعات بالطبع، ولكنه يحتاج بلا شك لقراءة ومراجعة دقيقتين.
في الشكل أتت التغريدة ثقيلة على من يعتبر الصراع اليمني السعودي الإماراتي جزءًا لا يتجزأ من قضاياه الأساسية والوجودية، في حين يمارس قسم كبير من حلفائه سياسة عقلانية في متابعة المشهد والتعليق عليه، انطلاقًا من المصلحة العامة التي لا ترى ضرورة بأخذ طرف في المعركة هناك.
من ناحية ثانية، يأتي الانزعاج من كلام باسيل الذي لم يعلّق سابقًا على ما كان يدور من احداث طيلة فترة الحرب بين الجانبين، في حين كانت التغريدة واضحة لمن يقرأها كاملة وبحرفيتها حيث أشار فيها الى أن عملية أبو ظبي ستصعّد الأمور في اليمن بينما سيصبّ الحوار في صالح دول الخليج والشعب اليمني على السواء. 
سياسيًا، لم يتّخذ باسيل أي موقف من الصراع الخليجي اليمني حين كان وزيرًا للخارجية، وذلك انطلاقًا من قاعدة أنها مسألة خلافية لبنانية وأن اي موقف غير الحياد في هذا الاطار سيشعل خلافات داخل الحكومة يؤدي إلى تطييرها. وعوضًا عن الحفاظ على الاستقرار السياسي والحكومي، كان باسيل، بعدم اتخاذه موقفًا في حينها، متماهيًا مع موقف لبنان الرسمي الذي تمثله الحكومة مجتمعة. هذا الأمر دفع بالسعوديين في حينها إلى مهاجمة باسيل وتحديدًا يوم الهجوم على “أرامكو”. 
باسيل اليوم رئيس حزب وليس رأس الدبلوماسية اللبنانية، وهو إن تماهى مع قواعده الرافضة للتدخل بشؤون دول أخرى، يتماهى ايضًا مع موقف لبنان الرسمي الذي عبّر عنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والتعبير هنا من قبل باسيل لا يزعزع استقرار لبنان لا بل يحفظ مصلحته في اظهار أن ليس جميع اللبنانيين موافقين على استعداء الخليج.

يأتي هذا اضافةً إلى أنّ مسألة استهداف مطار ابو ظبي عملية استهداف لمنشأة مدنيّة يرتادها المدنيون، ولا تندرج ضمن اطار الصراع العسكري المتبادل بين الجانبين.
بالطبع هذا لا تقبله بيئة الحزب، ويزعج قيادتها أيضًا، ولكن في واقع الأمور هناك من يجب في مكانٍ ما أن يقدّر أن قيادة المعارك الاعلامية والسياسية باتت تُحرج حلفاء حزب الله جدًا، ويأخذهم خجلهم من الحزب في بعض الاحيان إلى التموضع حيث لا ينتمون أو لا يفضّلون. مصدر في قيادات الثامن من آذار يرى بأن هؤلاء خلعوا وجه المسايرة، وباتوا متماهين أكثر مع مصلحة البلد الاساسية اضافة لرأي شارعهم. ليس باسيل وحده من لا يجد نفسه طرفًا في الصراع بين الخليج واليمنيين، بل أيضًا معظم حلفاء حزب الله السنّة وهنا يمكن العودة الى تصريحات النائب فيصل كرامي، وكذلك بعض حلفائه الدروز حيث تبرز تغريدات رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب مدافعًا دائمًا عن أمن الإمارات واستقرارها ومصلحتها، اضافة الى دعواته المتكررة للحوار الخليجي الإيراني. 
مسيحيًا قد يكون باسيل واضحًا في موقفه ومتماهيًا مع شارعه، يضيف المصدر، وربّما يتفهّم حزب الله ذلك، ولكن ما لا يتفهّمه الحزب هو الصمت الذي يمارسه آخرون من حلفائه لا سيما أولئك الذين أرسلوا رسائل غزل الى الخليج قبيل استحقاقات لبنانية معينة. فبالنسبة الى شارع الحزب، هناك الواضح وهناك من يستحق التوجّس منه!

باتت نقاط امتعاض حلفاء حزب الله، ومنهم جبران باسيل، من الحزب كثيرة، فهل يجري الحزب مراجعةً لما يحصل أم أنّه سيعتمد مع حلفائه سياسة “التطنيش” التي لطالما مارسها معهم في ملفات تعادل بحساسيتها الداخلية مسألة اليمن؟! الإجابة يجب أن تُقرن بمدى صبر الحلفاء أنفسهم على هذا الواقع.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى