محليمقالات

بعد كلام برَّاك لبنان دولة فاشلة مَن يُفشِّل دولة لبنان؟

 العاصفة التي أثارها كلام الموفد الأميركي توم براك في منتدى البحرين، ما زالت ارتداداتها تتوالى في لبنان، صحيح أن كلامه لم يحمل جديدًا لأن الموفد براك سبق أن أدلى بهذه المواقف، وبأقوى منها في فترات سابقة، لكن ما أدلى به في البحرين كان بمثابة “تجميع” لهذه المواقف في وثيقة واحدة، من إعلان لبنان “دولة فاشلة” إلى وضع سلاح “حزب الله”، وهنا يسأل المراقبون الدبلوماسيون:

إذا كان ما أدلى به براك هو موقف الإدارة الأميركية، فهذا يعني أن لبنان سيدخل في مرحلة من “المتاعب الدبلوماسية”، وأصعب ما في هذه المرحلة أن السقف الذي وضعه برَّاك، سيكون هو السقف الذي سيسير وفقه السفير الجديد للولايات المتحدة الأميركية في لبنان، اللبناني الأصل، ميشال عيسى.

والسؤال التالي الذي يطرح نفسه هو: هل موقف براك يدخل من ضمن “أوركسترا” مواقف للضغط على لبنان؟

الجواب يكمن في سلسلة مواقف، أميركية وإسرائيلية، صدرت في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة وتصب في اتجاه واحد تقريبًا.

وزير الدفاع الإسرائيلي: “حزب الله يلعب بالنار

من جملة هذه المواقف، التي تتناغم مع ما أدلى به براك، موقف لوزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الذي اتهم “حزب الله” بـاللعب بالنار، محمّلًا الحكومة اللبنانية والرئيس اللبناني مسؤولية المماطلة في تنفيذ التزاماتهم المتعلقة بنزع سلاح “الحزب” وإخراجه من الجنوب.

وأكد الوزير كاتس أن إسرائيل ستواصل تطبيق سياسة “الحد الأقصى” في ردودها العسكرية، مشددًا على أنها لن تسمح بأي تهديد يستهدف سكان الشمال، داعيًا السلطات اللبنانية إلى تحمّل مسؤولياتها الكاملة لضمان الاستقرار ومنع التصعيد.

وأطلق كاتس تهديدًا جديدًا باستهداف العاصمة اللبنانية بيروت في حال شن “حزب الله” أي هجوم يطول أي بلدة في شمال إسرائيل.

الخطير في ما قاله كاتس أن إسرائيل ستتعامل مع أي تهديد، مشيرًا إلى أن المبعوثين الأميركيين أبلغوا الحكومة اللبنانية بذلك.

وزير الخارجية الإسرائيلي يهدّد أيضًا

في سياق التهديدات أيضًا، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في تغريدة له عبر منصة “إكس”، أن إعادة تسليح “حزب الله” في لبنان، ستكون لها تداعيات خطيرة على أمن إسرائيل ومستقبل لبنان، لافتًا إلى أن الإرهاب قد ترسخ في لبنان وإزالته ضرورية لاستقرار المنطقة وأمنها.

استياءٌ أميركي من تردّد لبنان

مصادر أميركية مقربة من البيت الأبيض عبرت عن استيائها من تردد لبنان بشأن نزع سلاح “حزب الله” بالكامل، رغم إدراك بيروت أن “الحزب” لا يقوّض سيادة الدولة فحسب، بل يشكل أيضًا تحديًا كبيرًا لاستقرار المنطقة ككل، وبالتالي يُعقد مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وتشير المصادر إلى خطاب الرئيس جوزاف عون “المزدوج” لجهة التصدي لإسرائيل وبدء المفاوضات معها. وتتساءل المصادر عما إذا كان الرئيس عون سيستعمل المساعدات العسكرية الأميركية، التي أرسلتها واشنطن لتعزيز قدرات الجيش اللبناني على نزع سلاح “حزب الله”، ضد التوغل الإسرائيلي.

في هذا الإطار، أكد السيناتور ليندسي غراهام على منصة “إكس” أنه من الأهمية بمكان أن يقوم لبنان بنزع سلاح “حزب الله” لتمهيد الطريق نحو السلام. وأضاف أن العمليات العسكرية الإسرائيلية هي ردّ على التهديد المستمر الذي تشكله هذه “الجماعة المتطرفة”

“سيباستيان غوركا” واشتداد الضغط

ومن المتوقع أن يشتد هذا الضغط مع الزيارة المرتقبة لسيباستيان غوركا، نائب مساعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب والمستشار الأول لمكافحة الإرهاب. وستعزز مهمة غوركا في لبنان، مطالب واشنطن باتخاذ إجراءات ملموسة من السلطات اللبنانية للقضاء على ترسانة “حزب الله”، وضبط جميع الأسلحة تحت السلطة الحصرية للدولة.

ويؤكد دبلوماسيون أميركيون أن تردد لبنان المستمر في مواجهة نزع السلاح غير الشرعي يُعرّض المساعدات العسكرية والاقتصادية الحيوية، بالإضافة إلى العلاقات الدبلوماسية الأوسع، للخطر. ومع تحوّل الأسلوب الكلامي من التشجيع الهادئ إلى التحذيرات الحازمة، يتزايد الإجماع بين صانعي السياسات الأميركيين على ضرورة زيادة الضغط لإجبار السلطات اللبنانية على التحرك. ومن المتوقع أن “تُعمّق” زيارة غوركا هذه المعضلة خصوصًا أن زيارته ستُعزز الرسائل الصادرة عن المسؤولين الأميركيين بأن وقت التأجيل والمناورات الكلامية قد انتهى.

التفاوض عالق بين ناري إسرائيل و”حزب الله”

وسط هذه الأجواء، علمت “نداء الوطن” أن الدولة اللبنانية تنتظر هذا الأسبوع لمعرفة اتجاه بوصلة التفاوض، والأمر مرتبط بالشق الداخلي وإسرائيل. وبالنسبة إلى الداخل، وبعد إطلاق عون صفارات التفاوض وموافقة كل من الرئيسين بري وسلام، فإن الأمر بات متوقفًا الآن على جواب “حزب الله”، ولذلك فإن هذا الجواب سيكون حاسمًا لأن “الحزب” هو المعني الأول بالموضوع، فإذا وافق سيكون الطريق اللبناني مفتوحًا للتفاوض، أما إذا رفض فسيتعرقل المسار خصوصًا أن سلاحه سيكون البند الأول في المفاوضات، فلا يمكن للبنان الموافقة على بند تسليم السلاح ثم يرفض “الحزب” هذا الأمر.

أما في ما يتعلق بإسرائيل، فيفترض أن تبلّغ موقفها من المفاوضات إلى واشنطن هذا الأسبوع لتنقله إلى لبنان، على رغم استمرار تل أبيب بغاراتها، لكن قد تتبدل هذه الأمور إذا انطلق مسار التفاوض وفق أوساط مطلعة على المسار العام للأمور.

مصر تدعم لبنان

وبعدما خرج إلى العلن تحرك دبلوماسي مصري بهدف طرح مقاربة جديدة تمنع انزلاق المنطقة إلى مواجهة شاملة، أخذت زيارة رئيس مجلس الوزراء نواف سلام إلى القاهرة حيزًا واسعًا من المتابعة. سلام التقى وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي، حيث تم البحث في العلاقات الثنائية بين لبنان ومصر، وتطورات الأوضاع في غزة والمنطقة، ولا سيّما المرحلة التي تلت اتفاق غزة وقمّة شرم الشيخ وما رافقها من جهود إقليمية ودولية لتثبيت الاستقرار.

وأكد عبد العاطي خلال اللقاء حرص مصر على مواصلة التنسيق والتشاور مع لبنان في مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، مشيرًا إلى الزخم الذي تشهده العلاقات الثنائية على المستويين الرئاسي والوزاري، والتطلّع إلى تعزيز هذا المسار الأخوي وتطوير التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي بين البلدين.

البطريرك الراعي: المغترب ليس مواطنًا درجة ثانية

وفي عطلة نهاية الأسبوع، تصاعدت المواقف المؤيدة لاقتراع المغتربين للنواب الـ 128. أبرز المواقف ما صدر عن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي قال في عظة الأحد: “المغتربون الذين يحملون صورة لبنان في العالم يطالبون بحقهم المشروع في المشاركة بصنع القرار الوطني. فقانون انتخاب المغتربين، الذي أصبح حديث الساعة في الحياة السياسية اللبنانية، بحسب القانون رقم 44/2017 وتحديدًا المادتين 112 و122، خصّص للمغتربين اللبنانيين ستة مقاعد في مجلس النواب (واحد لكل قارة). لكن العديد من القوى الوطنية يطالب اليوم بحق المغتربين الكامل في انتخاب جميع النواب الـ 128، لا أن يقتصر تمثيلهم على ستة فقط. فالمغترب اللبناني ليس مواطنًا من الدرجة الثانية. بل هو ابن هذا الوطن، غادره مكرهًا أو ساعيًا وراء لقمة العيش، لكنه بقي مرتبطًا به عاطفيًا واقتصاديًا وإنسانيًا”. لقد ساهم المغتربون، وما زالوا، في دعم لبنان في أصعب الأوقات، بالتحويلات المالية، وبالمشاريع، وبالصورة الإيجابية التي نقلوها عن بلدهم. فهل يُكافأون اليوم بتقليص حقهم الدستوري؟

إن تعطيل إدراج تعديل هذا القانون على جدول أعمال مجلس النواب، وتأخير تطبيق حق الانتخاب الكامل، هو تراجع عن مبدأ المساواة والمواطنة بحسب الدستور. فالوطن لا يقوم بالتهميش، بل بالمشاركة الكاملة بين أبنائه المقيمين والمنتشرين”.


iPublish Development - Top Development Company in Lebanon

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى