اتفاق غزة يحشر الحزب في الزاوية

بعد مرور عامين على الحرب المدمرة التي أحرقت غزة وأغرقتها بالدمار والدموع، وأحرقت معها ما تبقى من وهم «الممانعة»، تطوى صفحة الحرب ليخطّ القطاع فصلًا جديدًا من تاريخه، إذ تقف حركة «حماس» التي طُعنت بحربة الخيانة من محور الممانعة، على أعتاب هدنة تاريخية مع إسرائيل في إطار المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تشمل وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة والإفراج عن الأسرى والرهائن لإعادة ترتيب المشهد الفلسطيني.
إذًا في المبدأ انتهت حرب غزة، وبحسب الرئيس ترامب سيكون هناك سلام دائم، وفي انتظار التوقيع على الاتفاق في مصر، وزيارة الرئيس الأميركي المرتقبة إلى إسرائيل وخطابه التاريخي المتوقع في الكنيست، ومتابعة المفاوضات في ملف تحرير الأسرى الذي لا يزال معقدًا، تتجه الأنظار إلى الداخل اللبناني الذي لا يزال يتجرع سم ارتدادات حرب «الإسناد».
في هذا السياق، تقول مصادر، إن استسلام «حماس» للورقة الأميركية أيًا كانت التسميات ليست إلا صفعة سياسية لـ «حزب الله» وسقوطًا مدويًا لمقاومته وشعاره «هيهات منا الذلة»، فالاغتيال الذي بات شبه يومي لعناصره وعجزه عن الرد هو الإذلال بحد ذاته».
تضيف المصادر، إن توقيع «حماس» على خطة الرئيس الأميركي والذي ينهي وجودها السياسي والعسكري داخل القطاع، أحدث حالة غضب شديدة داخل كوادر «الحزب»، الذي يتخبط بفوضى عارمة وسوء تنظيم وتوزيع أدوار سيئ، وصراعًا بين جناحين داخل الحزب الواحد. والمفارقة أن من بدأ طوفان الأقصى يوقع اليوم اتفاق سلام ومن دخلها إسناداً خرج منها محطمًا مثقلًا بالدمار والعزلة والفواتير المفتوحة على حساب اللبنانيين.
إذًا ما يجري في غزة ليس تفصيلًا بعيدًا من لبنان، بل مرآة لما ينتظر «حزب الله» في المرحلة المقبلة. فمَن سلم السلاح في غزة قد يكون مهد الطريق لسيناريو مشابه في لبنان، خصوصًا أن المؤشرات توحي بأن إسرائيل بعد حماس ستتفرغ لـ «حزب الله».
سجال بري – سلام
وفي هذا السياق سأل رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام جمعية الإعلاميين الاقتصاديين، ماذا بعد غزة؟ الجواب يجب أن يكون التوجه نحو لبنان لتطبيق الاتفاق الذي تم التوصل إليه وممارسة المجتمع الدولي وخاصة الدول التي رعت اتفاق وقف إطلاق النار المسؤولية بإلزام إسرائيل بما لم تلتزم به حتى الآن.
بري صوّب سهامه باتجاه الحكومة سائلًا «هل يعقل ألا تقول الحكومة اللبنانية لأبناء القرى الحدودية «مرحبا»؟ وطالب الحكومة بأن تكون حاضرة أقله بالحد الأدنى، واعتبر أنه لا يجوز تحت أي وجه من الوجوه أن تربط الحكومة ملف إعادة الإعمار بأي أثمان سياسية .
في المقابل، استغرب رئيس مجلس الوزراء نواف سلام تصريح بري عن إهمال الحكومة لأهل الجنوب، وقال: «إن أول عمل قمت به مع عدد من زملائي الوزراء، وقبل مضي 48 ساعة على نيل حكومتنا الثقة، هو القيام بزيارة ميدانية إلى صور والخيام والنبطية، للوقوف على حال أهلنا والاستماع إليهم. كما قامت وزارة الشؤون الاجتماعية بتأمين مساعدة مالية شهرية إلى 67 ألف عائلة متضررة وتقديم بدل إيجار شهري لـ 10 آلاف عائلة مهجّرة، والأهم أن حكومتنا عملت على الحصول من البنك الدولي على قرض بقيمة 250 مليون دولار لإعادة الإعمار». وختم سلام بالقول: «إعادة الإعمار ليست وعدًا مني بل عهدًا».
تعليق سلام استدعى ردًا من عين التينة جاء فيه: «الشمس طالعة والناس قاشعة».
وفي كلمته في الاحتفال الرسمي بمناسبة إعادة انطلاق «أسواق بيروت» لفت سلام إلى أنه لا استقرار بلا دولةٍ عادلةٍ قوية، تُعامل مواطنيها سواسية أمام القانون. والعدالة، تتطلب ثقة المواطن بدولته، وشعوره بأن القانون يعلو ولا يعلى عليه، وأنه هو الذي يحميه ويصون حقوقه وحرياته.
إجراءات مشددة على المعابر
توازيًا، وفيما واصل نائب الأمين العام للسلام والأمن والدفاع في جهاز العمل الخارجي في الاتحاد الأوروبي، شارل فريز، والوفد المرافق جولته على المسؤولين اللبنانيين، علمت «نداء الوطن» أن الوفد ركز على مساعدة الجيش والقوى المسلحة ولم يأت على ذكر الدعم في إعادة الإعمار أو بقية المجالات، وبالتالي حدد الأوروبيون المسار بانتظار اتخاذ لبنان خطوات إصلاحية وسيادية واضحة.
أمنيًا، بعد إعلان إسرائيل عن إحباطها محاولة إيرانية لتهريب أسلحة إلى الضفة الغربية، أشارت مصادر رسمية لـ «نداء الوطن»، أن لبنان يستمر بالإجراءات المشددة على الحدود والمعابر الشرعية، بالتوازي مع تنفيذ خطة الجيش جنوب الليطاني مما يجعل إدخال أسلحة وأموال من إيران أو أي بلد آخر بطريقة غير شرعية مهمة صعبة.
وأكدت المصادر، أن إجراءات المطار لا تزال مشددة، كذلك هي الحال في المرفأ، حيث تتشدد الإجراءات بعد دخول ماكينات سكانر حديثة، بينما خط الإمداد من سوريا مقفل والنظام الجديد يقوم بدوره كما الجيش اللبناني والقوى الأمنية.
وإذ شددت المصادر على أن لبنان يحاول ضبط كل المعابر والمنافذ رغم الصعوبات، تبرز زيارة وزير الخارجية السورية أسعد الشيباني إلى بيروت اليوم، وهي الأولى منذ سقوط بشار الأسد، تلبية لدعوة وزير الخارجية يوسف رجي. يستهلها الشيباني بلقاء مع رجي كما يلتقي رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام.
وقد علمت «نداء الوطن» أن الزيارة تأتي تتويجًا للقاء عون والشرع في الدوحة. وسيحضر في اللقاءات ملف الحدود والموقوفين والتنسيق الأمني والتعاون الاقتصادي والمالي ومحاربة الإرهاب وعدم استغلال أي جماعة الوضع لزعزعة أمن البلد الثاني، والأهم هو فتح صفحة جديدة في العلاقات اللبنانية – السورية، برعاية سعودية.
حل موقت لمطمر الجديدة
في المقابل، خرج مجلس الوزراء أمس بحل موقت لمطمر الجديدة، وسط تحفظ وزراء «القوات اللبنانية» على توسعته. فقد كلف مجلس الوزراء مجلس الإنماء والإعمار إنشاء خلية طمر جديدة في موقع مطمر الجديدة على أن يتوقف استقبال النفايات في المطمر قبل نهاية العام 2026 أو لحين استنفاد قدرة المطمر الاستيعابية، ويصار إلى إقفاله نهائيًا قبل هذا التاريخ. على أن يستمر استقبال النفايات في الخلية القائمة حاليًا حتى إنجاز خلية الطمر الجديدة. كما وافق المجلس على تمليك بلدية الجديدة البوشرية – السد العقار القائم عليه المطمر بعد إقفاله نهائيًا، وتثبيت حقها الحصري في استثمار سطح المطمر في أنشطة تتوافق مع طبيعة الموقع وتعود عائداتها حصرًا للبلدية. كما تم تكليف مجلس الإنماء والأعمار درس وتنفيذ إنشاء منظومة توليد كهرباء من خلال الطاقة الشمسية على سطح المطمر، والثاني إنشاء محطة لتوليد الكهرباء من الغاز المنبعث من المطمر، واعتبار المشروعين ملكًا للبلدية.