
أشاع اعلان الفاتيكان موعد زيارة البابا لاوون الرابع عشر للبنان في 30 تشرين الثاني المقبل ارتياحا عاما دفع كثيرين الى الاعتقاد بأن هذه الزيارة من شأنها ان ترسم خطوطا حمر تمنع اسرائيل من التمادي في التصعيد شن حرب جديدة في حال توقفت الحرب في غزة تطبيقا لخطة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الجاري التفاوض في سبل تنفيذها في شرم الشيخ برعاية اميركية ـ مصرية ـ قطرية، وفي الوقت الذي ينتظر لبنان من الادارة الاميركية ان تضغط على اسرائيل لكي تلتزم عمليا اتفاق وقف النار والانسحاب الى خلف الحدود تطبيقا للقرار الدولي 1701، خصوصا وانه نفذ التزاماته في منطقة جنوب الليطاني وباشر خطة لحصر السلاح بيد الدولة انطلاقا منها فيما اسرائيل لم تقم بأي خطوة في المقابل لا بوقف اعتداءاتها ولا بالانسحاب.
أكّد البابا لاوون الرابع عشر، أنّ زيارته المرتقبة للبنان تأتي قبل كل شيء لمواساة شعبٍ “تعرّض منذ انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 لضربة تلو الأخرى”، مشدّدًا على أنّ هذه الزيارة “تحمل في طيّاتها رسالة رجاء وسلام إلى منطقة الشرق الأوسط”.
وقال البابا لصحافيين عند مدخل فيلّا باربيريني في كاستل غاندولفو، حيث أمضى يومه أمس: “في لبنان، سأجدّد إعلان رسالة السلام في الشرق الأوسط، في بلدٍ عانى كثيرًا. لقد رغب البابا فرنسيس أيضًا في الذهاب إلى هناك، ليعانق الشعب اللبناني بعد الانفجار وكل ما تحمّله. سنحاول أن نحمل رسالة سلام ورجاء”.
وكان مكتب الإعلام الفاتيكاني أصدر أمس البيان الآتي: “تلبية لدعوة رئيس الجمهورية جوزاف عون والسلطات الكنسية اللبنانية، سيقوم الأب الأقدس بزيارة رسولية إلى لبنان من 30 تشرين الثاني إلى 2 كانون الأول، وسيُعلن عن برنامج الزيارة الرسولية في حينه”.
لحظة تاريخية
ورحّب الرئيس عون بالزيارة الباباوية وقال: “بإيمانٍ راسخ، ووجدانٍ مفعم بالامتنان، أرحّب باسم الشعب اللبناني بإعلان الكرسي الرسولي الزيارة الرسولية التاريخية التي سيقوم بها قداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان، تلبيةً للدعوة الرسمية التي وجّهتُها إليه”. وأضاف: “إنّ هذه الزيارة التي يقوم بها قداسته إلى وطننا في بداية حبريّته، ليست مجرّد محطة رسمية، بل لحظة تاريخية عميقة تعيد التأكيد على أنّ لبنان، رغم جروحه، لا يزال حاضرًا في قلب الكنيسة الجامعة، كما في وجدان العالم، مساحة للحرّية، وأرضًا للعيش المشترك، ورسالة إنسانية فريدة تُعانق السماء وتخاطب ضمير البشرية”. وأكّد “أنّ هذه الزيارة المباركة تُشكّل علامة فارقة في تاريخ العلاقة العميقة التي تجمع لبنان بالكرسي الرسولي، وتجسّد الثقة الثابتة التي يوليها الفاتيكان لدور لبنان، رسالةً ووطناً، في محيطه وفي العالم، كما شدّد عليها الأحبار الأعظمون الذين لطالما اعتبروا لبنان، بتعدديته الفريدة، وبإرثه الروحي والإنساني، هو أكثر من وطن، هو أرض حوار وسلام، ملتقى للأديان والثقافات، ورسالة حية للعيش المشترك”.
وأضاف: “يأتي قداسة البابا إلى لبنان، وقلوب أبنائه مشرعةٌ له من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. جميع اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، من مختلف الطوائف والمكوّنات، يتهيّأون منذ الآن لاستقباله بفرحٍ صادقٍ ووحدةٍ وطنية نادرة، تعكس صورة لبنان الحقيقية. إنّ لبنان قيادةً وشعبًا، ينظر إلى هذه الزيارة بكثير من الرجاء، في زمنٍ تتعاظم فيه التحدّيات على مختلف المستويات. ونرى فيها نداءً متجدّدًا إلى السلام، وإلى تثبيت الحضور المسيحي الأصيل في هذا الشرق، وإلى الحفاظ على نموذج لبنان الذي يشكّل حاجةً للعالم كما للمنطقة”.
مجلس البطاركة
وفي السياق، صدر عن مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان البيان الآتي: “باسم رئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى، وباسم أصحاب الغبطة بطاركة الكنائس الكاثوليكية في لبنان الكلي الطوبي. تُرفع آيات الشكر والتسبيح للرب على النعمة العظمى التي أغدقها على وطننا الحبيب لبنان، والمتمثلة في إعلان الكرسي الرسولي بتاريخ 7 تشرين الأول 2025 عن الزيارة الرسولية التي سيقوم بها قداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان، من 30 تشرين الثاني ولغاية 2 كانون الأول 2025. لقد أتت هذه الزيارة المباركة تجاوباً مع الدعوة الرسمية التي وجّهها فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون، ومع الدعوة التي رفعها أصحاب الغبطة البطاركة الكاثوليك في لبنان، ونحن إذ نعبّر عن امتناننا العميق، نشكر قداسة البابا على محبته الأبوية واهتمامه الخاص بلبنان وشعبه. إننا نستقبل هذا الحدث التاريخي بفرح عظيم ورجاء متجدد. راجين أن تحمل هذه الزيارة الرسولية للبنان سلاماً واستقرارًا، وأن تكون علامة وحدة لجميع اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ وطننا”. وختم: “تُرفع صلواتنا إلى الرب سائلين أن يبارك هذه الزيارة ويرى لها القلوب والنفوس، فتغدو حدثاً مفعماً بالنعمة، يحمل ثمارًا روحية وافرة للكنيسة في لبنان وللوطن بأسره”.
القضية ستنطفئ
من جهة ثانية، بقيت جلسة مجلس الوزراء الاثنين الفائت مدار بحث ونقطة تواصل بين المعنيين، من دون أن تشكّل مادة سجاليّة دسمة على غرار ما سبقها من أجواء وكباش سياسي حاد بين “حزب الله” ورئيس الحكومة نواف سلام.
وكشف مصدر سياسي بارز لـ”الجمهورية”، انّ ما عمل عليه رئيس الجمهورية من مخرج قبيل الجلسة لتنفيس الاحتقان، هو أن يُرحّل بند سحب العلم والخبر لجمعية “رسالات” إلى ما بعد انتهاء التحقيق، مع استبعاد ورفض مطلق للتصويت عليه. ونقل رغبته هذه إلى الرئيس سلام قبيل انعقاد الجلسة منعاً لتفجير لغم جديد بين الحكومة و”حزب الله”. وقد أوحى سلام بإيجابية حيال هذا الأمر، ومن هنا تراجع داخل الجلسة عن إصراره على مناقشة الموضوع بنداً اول في جدول الأعمال، إلّا انّه وعند الوصول إلى البندين المتعلقين بإضاءة صخرة الروشة ومخالفة جمعية “رسالات” للترخيص، أجرى سلام “بروفا” تصويت استخدمها نقطة لمصلحته ليقول: “إنني كنت قادراً على فعلها لكنني سأتراجع خطوة إلى الوراء لمصلحة تبريد الأجواء”. واكّد المصدر “انّ تصرّف سلام الذي لم يفاجئ الرئيس عون بهذه الجزئية، كونه اصبح يتوقع أي شيء منه، لا مبرّر له سوى أنّ طبعه غلاّب، والقصة من الأساس تمّ تكبيرها اكثر من اللازم”. وأشار المصدر إلى انّ هذه القضية ستنطفئ تدريجاً… ليعود الوهج إلى حصرية السلاح، وإلى الكباش المستجد بين الحكومة ومجلس النواب حول ملف قانون الانتخاب”.
منحى تسووي
وقال مصدر مطلع لـ”الجمهورية”، إنّ “جلسة مجلس الوزراء الاثنين أسست لمنحى تسووي للوضع السياسي الداخلي، بحيث بدا الجميع حريصاً أولاً على استمرار عمل مجلس الوزراء في شكل طبيعي، وثانياً على الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني، بتجاوز المأزقين اللذين يعنيان “حزب الله” تحديداً: صخرة الروشة ونزع السلاح”.
وأضاف المصدر، “أنّ الحلحلة في مسألة الروشة سهلة نسبياً، لأنّ القرار فيها داخلي ويمكن أن يبدأ وينتهي على طاولة مجلس الوزراء. لكن ملف السلاح مرهون بمواقف إسرائيل والولايات المتحدة التي ستتبلور تباعاً، خصوصاً بعد الاجتماع المقرّر عقده بعد اسبوع لهيئة مراقبة وقف النار في الناقورة، ويُنتظر أن تترأسه الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس. ففيما الإجماع اللبناني هو اعتبار الفترة الفاصلة عن نهاية السنة هي المهلة المعطاة للجيش حتى ينهي المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح، ثمة ترقّب لما إذا كان الإسرائيليون والأميركيون سيخرجون بتفسير آخر لبرنامج نزع السلاح، واختلاف التفسير مع لبنان ربما ينذر بإشكالات صعبة في المرحلة المقبلة”.
من جهته، اعتبر عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله، أنّ “الغالبية الحكومية لم تكن في حاجة لصرف جلّ وقتها لإصدار بيان بتعليق العلم والخبر المُعطى للجمعية اللبنانية للفنون “رسالات”، وتجاهل مشكلات البلد الكثيرة، وهو بيان ليس له أي سند في القوانين اللبنانية أو النصوص الدستورية، أو حتى الممارسة الدستورية سابقاً، وبالتالي لا تترتب عليه أي مفاعيل قانونية”. واضاف: “إنّ زجّ مجلس الوزراء لإصدار بيان مليء بالمغالطات، هو من يسيء إلى هيبة الدولة وصورة الحكومة وصدقيتها أمام الرأي العام الذي شهد على فعالية الروشة، والتزام الناس والقوى الأمنية بالقانون والحرص على الأملاك العامة”.
بري والمِهَل
وعلى جبهة الاستحقاق النيابي، نقل الوزير السابق وديع الخازن عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، تشديده على “ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري المحدّد، إحتراماً لإحكام الدستور وترسيخاً لمبدأ التداول الديموقراطي للسلطة، في اعتبار أنّ الانتخابات تشكّل إستحقاقاً وطنياً يعيد إنتاج الحياة السياسية”. وقال بري: “إن الالتزام بالمهل الدستورية هو الركيزة الأساس للحفاظ على النظام الديموقراطي. وإنّ أي تأجيل أو تلاعب بهذا الاستحقاق لن يخدم سوى مزيد من الانقسام والتشرذم، في وقت يحتاج لبنان إلى أوسع توافق وطني يواكب مسيرة الإنقاذ والإصلاح”.
وفي غضون ذلك، قال الرئيس السابق للحزب “التقدّمي الاشتراكي” وليد جنبلاط أمس، إثر زيارته والنائب تيمور جنبلاط رئيس الجمهورية: “انّ الزيارة كانت ودّية، والجوّ مطمئن على رغم من حملات التشكيك غير المدروسة”. واشار إلى انّ “الجيش اللبناني يقوم بعملٍ جبّار في الجنوب”.
خطوة اميركية
في هذه الأثناء، وفيما ينتظر المسؤولون خطوة أميركية تجاه إسرائيل تلزمها بوقف اعتداءاتها والتزام وقف النار والانسحاب من الاراضي اللبنانية التي تحتلها، قال رئيس “فريق العمل الأميركي من أجل لبنان” إدوارد غابرييل لقناة “الجديد” أمس، إنّ “نزع سلاح “حزب الله” جنوب الليطاني مهمّ بالنسبة إلى المجتمع الدولي، ويشير إلى إحراز لبنان تقدّم”. مشيراً إلى “انّ على الولايات المتحدة وإسرائيل الاعتراف بالتقدّم الذي حصل لكي نصل إلى اتفاق في المنطقة”. وأكّد أنّ “قائد الجيش رودولف هيكل سيبرهن في الأسابيع المقبلة أنّ الأمن تحقق جنوب الليطاني”.
وأشار غابرييل إلى أنّ “هناك فكرة سائدة في الكونغرس الأميركي بوجوب دعم الجيش اللبناني، لكن العالم يترقّب نزع سلاح “حزب الله”. وأعتقد أنّ كل شيء على ما يرام”، واعتبر أنّ “إسرائيل لا ترغب بالتصعيد طالما لبنان يحرز تقدّماً، والرئيس الأميركي دونالد ترامب يحب لبنان ويرغب بمساعدته، لكنه سينشغل في الفترة المقبلة ربما بغزة وسوريا وإسرائيل”. وقال: “على لبنان التفاوض في شكل مباشر مع إسرائيل لحل الخلافات معها. ولا يمكن لأميركا لعب دور الوساطة بينهما إلى الأبد”. لافتاً إلى أنّ “السلطات اللبنانية سمعت النداء من الولايات المتحدة بضرورة حصول مفاوضات مع إسرائيل في وقت ما”. محذّراً من “أنّ إسرائيل إذا شعرت أنّها مهدّدة ستستمر في الدفاع عن نفسها”.
“حزب الله”
في المقابل، قال عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسين الحاج حسن: “موقفنا واضح، عندما يتوقف العدوان وينسحب العدو ويعود الأسرى ويبدأ الإعمار ويُناقش الأمن الوطني على أسس واقعية تحفظ الكرامة والسيادة، عندها يمكن الحديث عن استراتيجية وطنية. أما قبل ذلك فالكلام لا يُقنع أحداً”. واشار إلى أنّ “توم برّاك قال علناً إنّ إسرائيل تحتل خمس نقاط في لبنان ولن تنسحب منها، وإنّ السلام وهم، وإنّ إسرائيل لا تعترف بحدود سايكس بيكو. وهي تصريحات تمسّ السيادة الوطنية وإهانةً للجيش اللبناني. ومع ذلك لم نسمع صوتاً واحداً تحرّكت كرامته أو انتفض دفاعاً عن لبنان”. وأضاف: “الاحتلال مستمر والعدوان يومي والأسرى لا يزالون في السجون والعملاء يُبرَّأون من المحاكم العسكرية، ثم يأتون ليقنعونا أنّهم دولة تحمي السيادة، فيما الوقائع تثبت العكس”.
النائب ميشال المر: تكديس النفايات أمام منازل اللبنانيين خط احمر
من جهة ثانية أثار اقفال مطمر الجديدة للنفايات ردود فعل مستنكرة وفي هذا الصدد أكّد النائب ميشال المر، انّ “إقفال مطمر الجديدة فجأة، وتوقّف شركة “رامكو” عن جمع النفايات في المتن وكسروان وبيروت، هو جريمة مكتملة بحقّ الناس والبيئة. ما يحصل ليس صدفة، بل نتيجة مباشرة لتقاعس وإهمال وارتجال، ولمنطق “القرارات في الدقيقة الأخيرة”، الذي يحوّل الشوارع إلى مكبّات مفتوحة، ويعرّض صحة المواطنين وسمعة الدولة للخطر”.
واعتبر النائب المر، أنّ “تكدّس النفايات أمام المدارس والمستشفيات والمنازل خط أحمر، ولن نسمح بتحويل حياة الناس إلى رهينة الفوضى والتجاذبات. لذلك أطالب فوراً بإعلان خطة طوارئ خلال 24 ساعة، وتحمّل كل وزارة وكل جهة مسؤولة كامل واجباتها، مع محاسبة واضحة لكل من قصّر في منع هذه الكارثة”.
أضاف المر: “كما أدعو إلى إطلاق مسار جدّي وشفاف لإدارة لا مركزية للنفايات، يبدأ بالفرز من المصدر ويقوم على التدوير والمعالجة، بعيداً من الصفقات والابتزاز والمحاصصة التي أوصلتنا إلى هذا الانهيار المتكرّر”.
وختم: “لن نقبل أن يُترك المتنيون واللبنانيون رهينة الفوضى والنفايات. والمحاسبة يجب ان تطال كل من تخلّى عن مسؤوليته”.