محليمقالات

مخاوف من ضغوط وتوترات وتصعيد الإعتداءات

الداخل معلّق على خط التوتر العالي، ويتأرجح فوق حلبة مفتوحة على تعقيدات ملغومة بالاحتمالات والمفاجآت في أي لحظة. فالسياسة تتدحرج من جهة في منحدر التباينات المستجدة والعلاقات المتأرجحة بين أهل السلطة، ومن جهة ثانية نحو تفخيخ الانقسامات بين المكوّنات الحزبية بالمزيد من عوامل الاشتباك والتوتير السياسي، وفق ما تبدّى أخيراً في مقاربة الملف الانتخابي، ومحاولة تفجيره بلغم المغتربين. وأمّا الأمن فيتجاذبه من جهة التصعيد الإسرائيلي والإعتداءات اليومية، وما يرافق ذلك من تحرّكات عدوانية إسرائيلية لفرض ما تُسمّى «المنطقة العازلة» في المنطقة الجنوبية، ومن جهة ثانية ما كُشف أخيراً عن محاولات للمسّ بأمن البلد، ما فرض استنفاراً أمنياً غير معلن ومتابعات صامتة ورصد حثيث بعيداً من الصخب السياسي والإعلامي، للشبكات التخريبيّة التي بدأت تتحرّك في غير مكان، نجحت وفق ما أكّدت معلومات موثوقة لـ»الجمهورية»، في كشف أوكارها وإلقاء القبض على بعض أفرادها ومنعهم من تحقيق أهدافهم الخطيرة. ومن جهة ثالثة، قرار الحكومة بسحب سلاح «حزب الله» المرشح للدخول مجدّداً في جولة جديدة من التفاعل، مع قرب الإستماع إلى تقرير الجيش اللبناني حول هذا الموضوع في جلسة مجلس الوزراء مطلع الأسبوع المقبل.

تصعيد إسرائيلي

كان اللافت في الساعات الماضية، رفع إسرائيل لوتيرة اعتداءاتها على المناطق اللبنانية، إذ شنّت سلسلة غارات جوية عنيفة على أحراج علي الطاهر عند الأطراف الشمالية لبلدة النبطية الفوقا. وألقت الطائرات المعادية عدداً من الصواريخ الارتجاجية التي أحدث انفجارها دويّاً هائلاً في المنطقة، تردّد صداه في مختلف المناطق الجنوبية، وأدّى ذلك إلى نشوب حرائق كبيرة في الأحراج، وأضرار وتصدّعات في عشرات المنازل والمحال في الأحياء القريبة من الأماكن المستهدفة.

وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي «أنّ جيش الدفاع أغار على موقع كان يُستخدَم لإدارة النيران والدفاع في «حزب الله» الإرهابي في منطقة جبل شقيف في جنوب لبنان، ورُصِدت داخل الموقع أنشطة إرهابية. لقد استهدفت الغارات وسائل قتالية ومباني عسكرية وبنى تحتية تحت الأرض. وجود الموقع في المنطقة والأنشطة الإرهابية التي تُنفّذ داخله يُشكّلان انتهاكاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان، وسيواصل جيش الدفاع العمل لإزالة أي تهديد على دولة إسرائيل».

جولة قائد الجيش

وفي موازاة الاعتداءات، تفقد قائد الجيش العماد رودولف هيكل عددًا من الوحدات العسكرية المنتشرة في قطاع ​جنوب الليطاني، والتقى قائد قوات «اليونيفيل» الجنرال ديداتو ابانيارا. وأعرب عن «تقديره لقيادة «اليونيفيل» وعناصرها كافة، على ما يبذلونه من جهود وتضحيات للمساهمة في إرساء السلام»، لافتًا إلى «أهمية تعزيز التعاون والتنسيق بين الجيش و«اليونيفيل»، ضمن إطار الشراكة الاستراتيجية بينهما».

وأكد العماد هيكل للضباط والعسكريين «أن «الجيش يحقق إنجازات كبيرة بفضل جهودهم، وأن اتحاد الشعب اللبناني بمختلف فئاته حول المؤسسة العسكرية دليل واضح على نجاحها في دورها الوطني، بصرف النظر عن الافتراءات التي تُساق ضدها».

وقال: «أقدّر تفانيكم وولاءكم للجيش والوطن. لقد أثبتم أنكم على قدر المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقكم، واكتسبتم ثقة الدول الشقيقة والصديقة. علينا مواصلة بذل الجهود والتضحيات لإتمام واجبنا، وستبرهن المرحلة المقبلة من جديد أن الجيش يملك قوة الحق، وأنه حامي المصلحة الوطنية».

وشدّد على أن «الجيش مثال للوطنية والشرف والتضحية والوفاء، وأن تضحيات شهدائه وجرحاه لن تذهب هدرًا، بل ستزيد رفاقهم عزيمةً وإيمانًا برسالتهم»، لافتاً الى أن «المؤسسة العسكرية هي ركيزة ​الأمن والاستقرار​ والصمود بالنسبة إلى اللبنانيين، ولن نتراجع رغم التحديات الكبيرة، بفضل احترافكم وسهركم على أداء واجبكم كاملًا».

مخاوف

وعلمت «الجمهورية» من مصادر موثوقة، أنّ ديبلوماسياً أوروبياً نقل إلى المراجع المعنية، أنّ «مشاورات أميركية – فرنسية متواصلة، سواء على مستوى لجنة الإشراف أو على المستوى الثنائي بين الولايات المتحدة وفرنسا، لإبقاء الوضع في منطقة جنوب لبنان خارج دائرة التوتر والتصعيد ومنع الإنزلاق إلى مواجهات».

واللافت للإنتباه في ما نُقِل عن الديبلوماسي الأوروبي، إشادته بالتزام لبنان باتفاق وقف العمليات الحربية، وبالدور الذي يقوم به الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية لترسيخ الأمن في المنطقة إلى جانب قوات «اليونيفيل». مؤكّداً أنّ العائق أمام انتشار الجيش في كامل منطقة جنوب الليطاني، هو إسرائيل، وهو ما تلحظه التقارير الأمنية الأممية وتقارير «اليونيفيل» خصوصاً. إلّا أنّ الديبلوماسي عبّر عن مخاوف جدّية على الوضع، مؤكّداً أنّه لا يبعث على الإطمئنان، كاشفاً عن تواصل دائم مع الجانب الإسرائيلي لمنع التصعيد.

وفي النقاش مع الديبلوماسي الأوروبي، وفق ما تُفيد المعلومات، كان صريحاً جداً في تأكيده «أنّ الهدف الأساس لإسرائيل هو إقامة «المنطقة العازلة» داخل الأراضي اللبنانية، جنوب الليطاني، كجزء ممّا اعتبره وزير الدفاع الإسرائيلي استراتيجية ردع لحماية التجمّعات الشمالية من إطلاق الصواريخ. لكنّ المؤكّد حيال هذا الأمر، أنّه لا يُوفّر الأمن في المنطقة، بل من شأنه أن يرفع من حدّة التصعيد، ولا يخدم الأمن والإستقرار على جانبَي الحدود».

عشية التقرير

وفي السياق عينه، لاحظ مرجع سياسي تزامن تصعيد العمليات العدوانية الإسرائيلية عشية البحث في تقرير الجيش اللبناني حول قرار سحب سلاح «حزب الله». وأكّد لـ«الجمهورية»: «ما قامت به إسرائيل في الفترة الأخيرة في استهدافها المكثف للمدنيِّين، وكذلك في الغارات على أمكنة فارغة ومفتوحة، متذرّعةً أنّها مخازن أو ما تُسمّيها بنية عسكرية لـ«حزب الله»، القصد منه توجيه رسائل ضاغطة على لبنان لسحب سلاح الحزب». وفي تقدير المرجع، أنّه في موازاة هذا التصعيد، لا يُستبعَد أن يتعرّض لبنان إلى جولة ضغوط كبرى في المدى المنظور لدفع الحكومة اللبنانية إلى تنفيذ قرارها بسحب سلاح «حزب الله».

واشنطن: سحب السلاح

وبمعزل عمّا سيتضمّنه تقرير قيادة الجيش حول قرار سحب سلاح «حزب الله»، وإن كانت كل التقديرات تُرجّح مراعاته لواقع البلد وتوازناته بالإضافة إلى القدرات والإمكانات، وهو أمر يعاكس ما ترغب به جهات سياسية محلية وحتى في داخل حكومة نواف سلام، إلّا أنّ هذا الأمر، وكما تكشف معلومات ديبلوماسية، «ما زال يُشكّل أولوية لدى الإدارة الأميركية، ولا ترى مبرّراً للإبطاء في الشروع في الإجراءات التنفيذية. وما جاء على لسان السفير توم برّاك يُعبّر بوضوح شديد عن حقيقة موقف إدارة الرئيس دونالد ترامب». ويُنقَل في هذا الإطار عن مسؤول أميركي قوله ما حرفيّته: «الحكومة اللبنانية اتخذت قراراً وُصِفَ في لبنان بأنّه تاريخي، ونحن ندعم الحكومة في مسارها هذا، ونعتقد أنّها تُدرك أنّه لا يمكن للبنان أن يعبر إلى حلّ حقيقي، طالما أنّه لم يتمكّن من تجريد «حزب الله» من سلاحه الذي يُشكّل خطراً مباشراً على اللبنانيِّين وجيرانهم».

وعلى ما تؤكّد المعلومات الديبلوماسية، فإنّ لدى دول الغرب بصورة عامة ولدى الأميركيِّين بصورة خاصة قناعة بأنّ «حزب الله» في ضُعفٍ شديد، وفَقدَ في الحرب الجانب الأكبر من قوّته، وتبعاً لذلك فإنّ الحل الأمثل للبنان، ولـ«حزب الله» أيضاً، هو أن يتحوّل الحزب إلى حزب سياسي من دون سلاح».

يُشار في هذا السياق، إلى أنّ التقديرات التي تحوط قرار سحب السلاح، وتحول دون المسارعة في خطواته التنفيذية، سلّطت النظر على أنّ الفترة المحدّدة لسحب السلاح من الآن وحتى نهاية العام الجاري لا تبدو محققة ربطاً بمجموعة عوامل: أولها، عدم قدرة الدولة اللبنانية على إتمام هذا الأمر بالنظر إلى ما يعتري الداخل اللبناني من تعقيدات. وثانيها، رفض «حزب الله» تسليم سلاحه، وإعلانه أنّه سيخوض معركة قاسية للدفاع عنه. وثالثاً، ضُعف الإمكانات والقدرات. ورابعاً، وهنا الأهم، هو أنّ إسرائيل تُصرّ بدعم أميركي على نزع سلاح «حزب الله»، وفي الوقت عينه لا تقدّم أي تنازلات، بل توفّر ذرائع أكيدة لتمسّك «حزب الله» بسلاحه، وخصوصاً لناحية مواصلة الإعتداءات والإغتيالات وعدم الإلتزام باتفاق وقف الأعمال العدائية، وإعلان عزمها على إبقاء احتلالها للأراضي اللبنانية، وإقامة المنطقة العازلة، يعني أنّها تريد تفكيك بنية الحزب العسكرية، جنوب الليطاني وشماله، في حين تُبقي إسرائيل على احتلالها للأراضي اللبنانية».

عون: لا تهاون

سياسياً، أكّد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون خلال جولة له أمس على الهيئات الرقابية «أنّ من أولويات العهد والحكومة تفعيل عمل المؤسسات الرقابية لينتظم عمل الإدارات والمؤسسات العامة ويُقضى على الفساد والرشاوى ويشعر المواطن اللبناني أنّه فعلاً في دولة القانون والمؤسسات وليس في دولة المزارع وشريعة الغاب». وشدّد على أنّ لا تهاون مطلقاً مع الفاسدين والمرتكبين، وأنّ أي تدخّل في عمل المؤسسات الرقابية أو أي ضغط يُمارَس على المسؤولين والعاملين فيها، سيُواجَه بقوة وحزم انطلاقاً من ضرورة استقلالية عمل هذه المؤسسات وفق نصوص القوانين التي أنشأتها».

ودعا إلى «التزام الحياد المطلق والمهنية في التوظيف والترقيات بعيداً من المحاصصة والمحسوبيات التي أنهكت إدارات الدولة». وشدّد على الإسراع في إجراء الإمتحانات لملء الشواغر بالكفاءات المؤهلة، لأنّ الإدارة بحاجة ماسّة إلى دماء جديدة، لافتاً إلى ضرورة تطوير معايير التقييم والمساءلة لضمان الأداء الفعّال للموظفين وخدمة المواطن. ودعا إلى تطبيق مبادئ الشفافية والمنافسة والمساواة في جميع عمليات الشراء العام، من دون استثناءات أو محاباة، والإسراع في رقمنة جميع إجراءات المناقصات والمشتريات، لتسهيل المشاركة ومنع التلاعب والفساد ومراقبة تطبيق قانون الشراء العام في جميع الإدارات والمؤسسات، ووقف أي مخالفات فوراً.

بري: لا تعديل

بدوره، أكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة أمام وفد مجلس إدارة شركة «تلفزيون لبنان»، أنّ «الإنتخابات النيابية حاصلة في موعدها»، مستغرباً «كيف أنّ مَن كان مع قانون الإنتخاب الحالي ودافع عنه في الماضي يحاول الإعتراض عليه اليوم»؟، لافتاً إلى أنّ «الوقت المتبقّي لا يسمح بأي تعديل».

وفي الشأن المتصل بالمستجدات الميدانية والقرار الأممي 1701 واتفاق وقف إطلاق النار، أكّد بري «أنّ لبنان نفّذ كل بنود القرار 1701 كاملةً»، كاشفاً «بأنّ الموفد الأميركي السفير توم برّاك الذي زار عين التينة مرّتَين، إقتنع في زيارته الأولى بأنّ لبنان على حق، ولبنان قد قام بواجبه، وأنّ الكرة في ملعب إسرائيل، وهو أي السفير برّاك، سينقل وجهة النظر هذه إلى الجانب الإسرائيلي، على أن يعود بالجواب في الزيارة الثانية، إلّا أنّ توم برّاك عاد من إسرائيل من دون جواب وخالي الوفاض».

وشدّد بري على «أنّ لبنان يستطيع أن يتحدّى كل شيء بوحدته ويستطيع الصمود والإستمرارية بوحدة أبنائه، مستشهداً بطاولة الحوار في العام 2006 التي توحّدت كل القيادات السياسية حولها آنذاك». وجدّد الرئيس بري التحية لأبناء الجنوب وخصوصاً أبناء القرى الحدودية لصمودهم وصبرهم وثباتهم في كل الأزمات.

«حماس» توافق على خطة ترامب

أعلنت حركة «حماس»، مساء أمس، عن موافقتها على «الإفراج عن جميع أسرى الاحتلال أحياء وجثامين، وفق صيغة التبادل الواردة في مقترح الرئيس ترامب ومع توفير الظروف الميدانية لعملية التبادل». وفي هذا السياق تؤكّد الحركة استعدادها للدخول «فوراً من خلال الوسطاء في مفاوضات لمناقشة تفاصيل ذلك. ونوافق على تسليم إدارة قطاع غزة لهيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط) بناءً على التوافق الوطني الفلسطيني واستناداً للدعم العربي والإسلامي. ما ورد في مقترح ترامب عن مستقبل قطاع غزة وحقوق شعبنا يرتبط بموقف وطني يناقش في إطار وطني فلسطيني جامع».


iPublish Development - Top Development Company in Lebanon

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى