محليمقالات

الكباش بين المقاطعين وبري إلى سقف قياسي… تعزيزات للجيش جنوباً تسبق تقريره للحكومة

اتّخذ الصراع حول قانون الانتخاب أبعاداً جديدة جعلت هذا الاستحقاق يتقدم معظم الملفات الحارة المطروحة راهناً، نظراً إلى ما يشكّله من مؤشرات عميقة حيال الواقع السياسي الداخلي برمته وليس فقط الواقع المتصل بالصراع على ملف تصويت المغتربين الذي يعتبر جوهر الصراع الانتخابي. وإذا كان شلّ مجلس النواب الذي برز في مطلع الأسبوع نتيجة أساسية لانفجار مطالع الصراع، فإن تعليق عمل اللجنة النيابية الفرعية المكلّفة درس الملف الانتخابي والذي لاح أمس مع مقاطعة فريق أساسي ضم كتلتي “القوات اللبنانية” والكتائب لاجتماع اللجنة شكل النتيجة الثانية المدوية في أسبوع واحد.

وأما الوجه الآخر التصعيدي، في الرد على المواجهة الحادة التي فتحتها الكتل المناوئة للثنائي الشيعي، فتمثل في ردّ رئيس اللجنة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بالجزم بأن قانون الانتخاب النافذ من دون تعديل هو ما ستجري على أساسه الانتخابات، بما يعكس موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري في الدرجة الأولى. ولم يتاخر الرئيس بري نفسه في إطلاق موقف أشد تعبيراً عن المستوى “المعاند”، إذ ذهب إلى إبلاغ “النهار” تدليلاً على رفضه تعديل قانون الانتخاب النافذ الحالي، قوله إن هذا القانون “لا يتقدم عليه إلا الأنجيل والقرآن”! بذلك تطل الأزمة الانتخابية على مشارف جديدة باتت تضغط بقوة على الحكومة للتدخل بإجراء جديد يتمثل بوضع مشروع جديد معجّل مكرّر لحسم موضوع انتخاب المغتربين وفق أي قاعدة، وإلا إعلانها اعتماد القانون الحالي بلا أي تعديل، وحينها سيكون عليها توفير مستلزمات انتخاب المغتربين لستة نواب فقط وفق توزّع القارات.

ومن غير المستبعد أن يكون لقاء رئيس الجمهورية جوزف عون مع رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد عصر أمس في بعبدا، تطرّق إلى الملف الانتخابي مع ملف حصرية السلاح. وأعلن رسمياً من بعبدا أن اللقاء “تداول عدداً من القضايا والاستحقاقات الوطنية، وجرى التوافق على معالجة التباينات بحرصٍ على تحقيق المصلحة الوطنية العليا”.

وتصاعدت أولوية الملف الانتخابي مع نشر وزارة الخارجية والمغتربين في لبنان أمس عبر منصّة “إكس” الآلية التي تتيح للانتشار اللبناني التسجيل للاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة من خارج الأراضي اللبنانية، وذلك عبر منصّة الكترونية، وقدّمت الوزارة الشروحات والتفاصيل اللازمة، إضافةً إلى المساعدات المطلوبة في ما خص المستندات اللازمة لتسهيل عملية التسجيل للمقيمين في الخارج. وأطلقت الخارجية حملة عنوانها “صوتك بيصنع فرق… كن شريكًا في صناعة القرار… لبنان بحاجة الى صوتك أينما كنت” .

وبعد اجتماع اللجنة النيابية الفرعية لقانون الانتخاب في مجلس النواب بمقاطعة “القوات اللبنانية” والكتائب، أعلن بو صعب أن “لا أحد، سواء من الحكومة أو النواب، يتحدث عن أي تأجيل للانتخابات النيابية”، مشدداً على “أن هناك إصراراً على إجرائها في موعدها الدستوري”. وأوضح أن “وزير الداخلية كان واضحاً في موقفه، مشيراً إلى أنه يعمل وفق القانون النافذ، وهو ما يعني أن الانتخابات بالنسبة للمغتربين ستجرى على المقاعد الستة المخصصة لهم”. وقال: “واضح أنّ الانتخابات النيابيّة ستحصل في موعدها والحكومة ستنطلق من تقرير اللجنة الفرعية والكرة في ملعبها”. وأشار إلى أنه “طلب تعليق الاجتماعات لفترة أسبوعين ولسنا في سياق أخذ البلد نحو مشكلة أكبر، والمطلوب أن نتفاهم لما فيه مصلحة لبنان”.

غير أن أمين سر كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب هادي أبو الحسن دعا الحكومة إلى أن “تحسم الأمر في غضون أسبوع إلى عشرة أيام كحدّ أقصى، وأن تجيب بوضوح عمّا إذا كانت قادرة على تطبيق المادة 112 بالاستناد إلى المادة 123 وتوزيع المقاعد الستة على القارات، وعندها يمكن فتح باب تسجيل المغتربين وفق القانون ولغاية 20 تشرين الثاني كحدّ أقصى”. ولفت إلى أن “الحكومة أعلنت أمس فتح باب التسجيل للمغتربين، وبدأ هؤلاء يتصلون ويسألون: وفق أي قانون نسجّل؟” وتوجّه بالسؤال إلى الحكومة: “من يتحمّل مسؤولية الخلل في النتائج؟”، محذّرًا من أن هذا الموضوع قد يُطعن به لاحقًا.

وحذّرت عضو “كتلة الجمهورية القوية” النائبة غادة أيوب من أن أي مماطلة أو تعطيل حيال مشروع تعديل قانون الانتخاب، بات خرقاً فاضحاً للقانون وإمعاناً في الاستنسابية، وعليه على الحكومة أن تبادر فوراً لإرسال مشروع قانون معجّل مكرّر موازٍ لتضع الجميع أمام مسؤولياتهم وتمنع أي محاولة لتضييع حق اللبنانيين غير المقيمين في الاقتراع”.

في سياق آخر، وفيما اجتمع رئيس الحكومة نواف سلام أمس مع وزير الداخلية أحمد الحجار ومدير عام قوى الامن الداخلي اللواء رائد عبدالله ورئيس شعبة المعلومات العميد محمود قبرصلي، تواصلت التحقيقات في ملف مخالفة قرار رئيس الحكومة وإضاءة الصخرة بصورة أميني عام “حزب الله” السابقين السيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، وقد جرى استجواب شخصين، بإشراف النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، الذي أمر بترك احدهما بسند إقامة والثاني رهن التحقيق، وهذا الأخير هو صاحب جهاز الليزر الذي جرى عبره إضاءة الصخرة بالصورتين، وجرى استدعاء ثلاثة أشخاص آخرين لاستجوابهم في هذه القضية اليوم الجمعة.

وفي غضون ذلك، أعلن نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري بعد لقائه رئيس الجمهورية جوزف عون “أننا تطرقنا إلى جلسة مجلس الوزراء المقبلة، حيث من المتوقع أن نستمع خلالها إلى قيادة الجيش حول التقرير الشهري المتعلق بحصرية السلاح، كما بحثنا في أجواء الثقة القائمة بين الحكومة ورئيس الجمهورية”.

وفي المملكة العربية السعودية، التقى وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى في مدينة العُلا وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني. وأفادت المعلومات الرسمية عن اللقاء أنه تم خلاله بحث سبل تطوير العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا، وتعزيز التنسيق بين البلدين، إضافةً إلى متابعة البحث بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه في مدينة جدّة في أواخر شهر آذار الماضي، الهادف إلى ترسيم الحدود بين البلدين وتشكيل لجان قانونية متخصصة لهذه الغاية، وتفعيل آليات التنسيق لمواجهة التحديات الأمنية والعسكرية.

وفي انتظار تقرير قيادة الجيش أمام مجلس الوزراء في جلسته المقبلة، أفادت معلومات أنّ جنوب الليطاني يشهد تعزيزاتٍ عسكريّة مستمرّة للجيش اللبناني، علماً أنّ الأسابيع القليلة المقبلة قد تشهد تشكيلات عسكريّة جديدة في الجنوب بهدف تسريع تنفيذ الخطّة. وأشارت هذه المعلومات إلى أن الجيش يعمل على تشييد أبراج مراقبة بدعم بريطاني، تغطي كامل المنطقة من الشرق إلى الغرب، بهدف تعزيز قدرته على رصد الخروقات الإسرائيلية أو محاولات التسلّح والأنشطة العسكرية. علماً أنّ مصدراً عسكريّاً نفى وجود أيّ سلاح غير شرعي جديد في المنطقة، لافتاً إلى أنّ ما يُحكى عن إعادة بناء قدرات “حزب الله” العسكريّة غير ظاهر أبداً، تحديداً في مناطق انتشار الجيش.

ويمارس الجيش مهامه حاليّاً في كامل منطقة جنوب الليطاني، من دون عراقيل أو مضايقات، باستثناء المناطق المحتلّة من إسرائيل، وهذا الأمر سيرد في التقرير الذي سيظهر تقدّماً واضحاً في عمل الجيش، على أن تستخدمه الحكومة للمطالبة بانسحابٍ إسرائيلي يسمح بتنفيذ المراحل اللاحقة من الخطة، خصوصاً شمال الليطاني.


iPublish Development - Top Development Company in Lebanon

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى