محليمقالات خاصة

من سطوة السلاح إلى ذلّ الاختراق… هذا ما تبقّى من المقاومة

كتبت “قمر رشيد” لقلم سياسي:

من مئة ألف مقاتل إلى شبكة عملاء، هكذا سقط حزب الله. الحزب الذي طالما تغنّى بقوته وبأن “لا أحد يجرؤ على اختراقه”، أصبح اليوم مكشوفًا، مخترقًا، بلا درع ولا ثقة. آخر فضيحة انفجرت من قلب بيئته: أحد مناشده الدينيين، محمد هادي صالح، تبيّن أنه عميل للموساد الإسرائيلي. لم يعد الحديث يدور عن اختراق فردي، بل عن شبكة متكاملة عملت من داخل مفاصل الحزب، وكان لها دور مباشر في نقل معلومات حساسة، ساهمت بحسب تقارير وتسريبات متقاطعة في تحديد تحركات قادة كبار، بينهم حسن نصرالله نفسه.

نصرالله، الذي اغتيل في أواخر أيلول 2024، بغارة دقيقة نفّذها الطيران الإسرائيلي داخل الضاحية الجنوبية، لم يُقتل في ساحة معركة، بل سقط نتيجة اختراق أمني داخلي. كل الإجراءات الأمنية المشددة، كل السرية والأنفاق والتخفي، لم تنفع. لأنه حين يصبح العدو في الداخل، يتحوّل “فائض القوّة” إلى هشاشة مطلقة.

ورغم حجم الفضيحة، لم يُحاسَب أحد. لم تُفتح تحقيقات علنية، لم يُقدَّم أي متورط إلى العدالة. لأن العميل هذه المرة من “بيئتهم”، من بيتهم الداخلي، من قلب محيطهم الضيق. لو كان من بيئة أخرى، لكانوا أول من أعدمه ميدانيًا واتهم طائفته بالكامل بالخيانة. أما الآن، فهم يدفنون الملف، ويهربون من الحقيقة، ويشغلون جمهورهم بشيطنة كل من يطالب بدولة حقيقية.

بدل أن يحاسبوا خيانات الداخل، انشغلوا بالتحريض على رئيس الحكومة نواف سلام، ورئيس الجمهورية جوزيف عون، وكل من يطالب بوطن بسيادة وعدالة ومؤسسات. بدل أن يواجهوا انكشافهم أمام إسرائيل، انقضّوا على الشعب اللبناني واتّهموه بالمؤامرة.

سلاح حزب الله اليوم لم يعد يحمي حتى بيئته، فكيف سيحمي لبنان؟ السلاح الذي يُخزن بين الأحياء، صار سببًا يوميًا للقصف. كل مخزن، كل عنصر، كل حركة، صارت هدفًا مشروعًا لإسرائيل. المقاومة التي كانت تتفاخر بحماية أهلها، باتت تجلب الدمار فوق رؤوسهم، ثم تقول إنها تقاتل من أجلهم!

كيف لحزب يدّعي “الهيبة” أن يُخترق من داخله، ويُغتال قائده، ولا يجرؤ حتى على محاسبة عميل واحد؟ كيف لحزب فقد بوصلته، وتحول إلى ميليشيا معزولة، أن يمنع قيام الدولة ويعطّل مؤسساتها؟ الجواب واضح: لأن سلاحه لم يعد سلاح مقاومة، بل صار سلاح سلطة، ابتلاع، وأحيانًا سلاح خيانة.

الشعب اللبناني اليوم يدفع ثمن سلاح غير خاضع للدولة. سلاح أصبح ممرًا للتجسس، ومنصةً للاغتيال، ودرعًا لحماية الفساد. من مئة ألف مقاتل، إلى عملاء في القلب: هكذا يُدمّر الوطن باسم المقاومة.


iPublish Development - Top Development Company in Lebanon

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى