طرابلس… حين تعود السلطة من “باب خلفي” إلى البلدية

كتب عمر بلح لموقع قلم سياسي،
بهدوءٍ متواطئ ومسرحيةٍ ختامها معلوم، انتهت انتخابات بلدية طرابلس كما كان يُراد لها، مع عودة التحالف السياسي التقليدي لفرض قبضته على مجلس المدينة، بعد تسعة أعوام من الشلل المُمنهج والفراغ المدروس.
فوز عبد الحميد كريمة، المرشح “العابر” من مقاعد الغياب في المجلس السابق إلى كرسي الرئاسة اليوم، لم يكن مجرّد صدفة ديمقراطية، بل نتيجة مسار معقّد من الضغوط، التبدلات، وربما “الطعون الأخلاقية” قبل القانونية. فقد كان التوقع – بل شبه المؤكد – أن المقعد المرجّح من “حراس المدينة” سيُترجم دعماً للائحة “نسيج” المعارضة، فيُعاد التوازن وتُمنح الرئاسة لوائل زمرلي، الأكبر سنًا والأوضح موقفًا. لكن ما حصل كان خرقًا غير مفسّر – حتى اللحظة – قيل إنه جاء نتيجة “خلل داخلي” في تحالفات “نسيج”، وُصف من البعض بـ”الطعنة من خاصرة المجتمع المدني”.
في الكواليس، الحديث يدور عن خيانة موصوفة، أو على الأقل استجابة ذكية لضغط سياسي ثقيل. أما في الشارع، فالغضب مكتومٌ تارة ومُعلن تارة أخرى، من نشطاء ومناصرين رأوا أن السلطة السياسية – التي عطّلت البلدية تسع سنوات عبر ممثلين لم يحضروا جلسة ولا اهتموا بمشروع – تعود اليوم بوجه “منتخَب” شكلاً، ومجرَّب مضمونًا.
من غرائب المدينة أن الرئاسة الجديدة عادت لمن كان سابقًا رمزًا لتعطيلها. فالرئيس الحالي، بصفته عضوًا سابقًا، اشتهر في ذاكرة الطرابلسيين بتغييبه، لا بمبادرته. واليوم، يعود… لا ليفتح صفحة جديدة، بل ربما ليمزّق ما بقي من الأمل في صفحة التغيير.
طرابلس، التي ظنّ البعض أن الانتخابات ستمنحها فرصة تنفّس، تبدو اليوم وكأنها استبدلت أزماتها بكمّامة سياسية جديدة… من نفس القماشة القديمة.