المحامي نبيل الحلبي: من الصعب دفع أبناء المدن الرماديين إلى صناديق الاقتراع

كتب المحامي نبيل الحلبي،
ما جرى في انتخابات بلدية بيروت هو نتيجة متوقعة لجهود متراكمة بدأت منذ أن قرر أحدهم تغيير وجه المدينة وهويتها، عبر العبث بالتركيبة الديموغرافية، وهي مغامرة تورّط فيها أكثر من رئيس حكومة، من خلال نقل نفوس عشرات الآلاف من جمهور “ثنائي الخراب” إلى بيروت، بالتوازي مع تهجير معظم الشباب البيروتي إلى الضواحي، وتثبيت جمهور الثنائي داخل المدينة عبر تعويضات خيالية دُفعت لهم من “صندوق المهجرين” في تسعينيات القرن الماضي، ما أتاح لمعظمهم شراء شقق في بيروت.
الفقر الذي اجتاح معظم عائلات بيروت، نتيجة تهميشهم في الوظائف العامة، وإقفال سعد الحريري لمؤسسات والده الخدمية، وصرف مئات الموظفين منها، وترك الأزمات المعيشية بلا معالجة من الأوصياء. شكّل لبعض أصحاب المال الانتهازيين، الفارغين من أي فكر أو برنامج، مدخلًا لشراء الأصوات وكسب التأييد، في ظل غياب قانون يراقب الإنفاق الانتخابي ويضمن العدالة والتكافؤ في المعركة.
التشبيح الذي مارسته، على مدار سنوات، أحزاب السلطة وبعض الجمعيات التي تدور في الفلك الأمني الأسدي، والميليشيات المدعومة من أجهزة الدولة في بيروت، أسفر، بفضل فساد مؤسسات الدولة، عن بناء جمهور نفعي واسع ومراكز قوى من المستفيدين وأصحاب المصالح، الذين شكّلوا بلوكات صلبة في وجه أي بدائل معارضة جدية (وطبعًا، لا أقصد هنا أولئك الذين منحتهم الماكينات المعلومة التمويل صفة “التغييريين”).
ومع أهمية كل هذه العوامل، فإنها لا تلغي حقيقة أساسية:
انه من الصعب جدًا دفع أبناء المدن الرماديين إلى صناديق الاقتراع خلال عطلة نهاية الأسبوع. فثلث البيروتيين، على الأقل، يتجنّبون خوض المعارك الصعبة.
“مكوّعون مخمليون”، من “حزب الكنبة”، فاقدو العزم، كحال نظرائهم في دمشق، ينتظرون أمرًا واقعًا يهبط عليهم من السماء…!