الانتخابات البلدية القادمة: فرصة لتثبيت التغيير وبناء الوطن

كتب الصحافي مصطفى عبيد لقلم سياسي،
يعيش لبنان اليوم لحظة مفصلية مع انطلاقة عهدٍ جديد، يتمثل برئيس الجمهورية العماد جوزيف عون ورئيس الحكومة القاضي نواف سلام، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا العهد لا يُقاس بالأسماء فقط، بل بالنهج الإصلاحي الذي بدأ يتبلور على يد الرئيسين في مختلف مفاصل الدولة.
فمنذ تولي القيادة الجديدة السلطة، ظهرت بوادر جديّة لمعالجة أزمات متراكمة، تبدأ من كسر الحلقة المفرغة للفساد، مروراً بتفعيل دور الأجهزة الأمنية وأجهزة الرقابة، ووصولاً إلى العمل على استقلالية القضاء، وتحديث الإدارة العامة، وهي خطوات وإن كانت لا تزال في بدايتها، إلا أنها تعكس إرادة حقيقية لتغيير وجه النظام السياسي المهترئ، ولإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس الكفاءة، والمحاسبة، والعدالة.
المواطن أمام مسؤولية تاريخية: كسر التبعية وتحرير الإرادة
في خضم هذا التغيير، يأتي استحقاق وطني وهو الانتخابات البلدية كأول اختبار ديمقراطي للعهد الجديد، بالإضافة لكونه اختبار للمواطن اللبناني ليثبت أنه جاهز ليكون شريكاً فعلياً في صناعة مستقبل مشرق لهذا الوطن.
فقد آن الأوان وفي ظل هذه المؤشرات الإيجابية التي يعيشها الوطن أن يتحرر المواطن من سطوة الطائفية، ومن هيمنة الأحزاب التي حوّلت الدولة إلى غنيمة، والناس إلى أدوات في لعبة النفوذ والمصالح، وعلى المواطن أن يفهم بأن التبعية ليست قدراً، والطائفة ليست هوية سياسية.
كما أنه لا بد للمواطن أن يعي أن البلدية هي حجر الزاوية في الإدارة المحلية، ومن خلالها يبدأ الإصلاح الحقيقي، لأنها تمسّ حياة الناس اليومية، من البنية التحتية إلى النظافة، ومن التخطيط العمراني إلى البيئة والإنماء، فهل يُعقل أن يقبل المواطن بتسليمها لمن أثبتوا فشلهم وفسادهم مراراً؟ أم حان وقت منح الكفاءة والنزاهة فرصة؟
صرخة من القلب: فلنصوّت باسم الوطن لا باسم الزعيم
أيها اللبنانيون، هذه الانتخابات ليست تفصيلاً ثانوياً لا قيمة له، بل إنها فرصة بل وربما تكون الأخيرة لنكون جزءاً من التغيير، لا مجرد شهود عليه، ومن هذا المنطلق لا بد لنا أن نرفع الصوت، ونُسقط الصمت، كي نُصوّت لقيام دولة لبنان السيد، الحر، المستحق، لا لمن يملك المال أو الشعار أو الزعامة.
الانتخابات البلدية هي حجر الأساس للعهد الجديد، ومن دونها لا نيّة حقيقية لبناء وطن حرّ، سيد، مستقل. هي البوابة نحو انتخابات نيابية مختلفة، تُنتج سلطة تمثّل الناس لا الأحزاب، وتصنع دولة القانون لا دولة المحاصصة.
فلنجعل من صوتنا صرخة ضمير، لا توقيعاً على استمرار الانهيار، لنصوت للوطن لا للحزب ولا للتبعية، ولنبني مستقبلاً يليق بأبنائنا.