محليمقالات خاصة

١٣ نيسان ١٩٧٥ : لن يفيد شعب لم يعرف حقيقة ما حصل

كتب رئيس الهيئة الإدارية للمؤسسة العالية للبحث العلمي الدكتور علي لاغا،


استمعت لخطاب النائب سامي الجميل ( رئيس حزب الكتائب اللبنانية )، وإلى محللين ومستذكرين حادثة بوسطة عين الرمانة في ١٣ نيسان ١٩٧٥ م .
وما سأكتبه إنما هو مما أثارني مشهد الذكرى والحشد المميز والخطاب المؤثر .
أولاً :
أشارك رئيس الكتائب سامي الجميل وجوب الترحم على كل ضحايا الحروب في لبنان ( لأنها لم تتوقف بعد ) وأن انتشار السلاح في يد المدنيين الواجب حصره بجيش الدولة الشرعي و أجهرة الدولة الأمنية ، هو الخراب بعينه.
وأزيد عليه الترحم على كل من سقط ضحية في لبنان و سوريا والعراق واليمن وفلسطين وتركيا وكل بلد ودع فلذات أكباده في تناحر داخلي .
ثانيا :
للشيخ سامي : آن الأوان لإماطة اللثام عن السبب الحقيقي وراء إشعال الفتن من لبنان بداية ثم في البلاد العربية واهتزاز المنطقة كلها وإن لم يحصل ذلك فلا سلام ولا ازدهار ولا دولة ولا دول مستقرة .
عام ١٩٨٦ بينت في أطروحة الدكتوراه ( موقف المسلمين من الكيان اللبناني ١٩٧٥-١٩٨٢ ) التي نشرت تحت عنوان الإتجاهات السياسية في لبنان ١٩٢٠-١٩٨٢ ، الناشر مؤسسة الرسالة بيروت ( نفدت الطبعة ولم أتمكن من إعادة طبعها لأسباب مادية )،
في تلك الأطروحة التي أمضيت فيها أربع سنوات ، توقفت بداية عند حادثة عين الرمانة وتوصلت من خلال تحقيقات الأمن اللبناني ومنظمة التحرير الفلسطينية وتصريحات حزب الكتائب إلى أن حزب الكتائب تم استدراجه لتلك الحادثة ، لأن البوسطة التي كان يستقلها مسلحون فلسطينيون دخلوا من شارع مار مارون الذين كما تبين من خلال إظهار الرئيس فرنجية وثيقة تثبت اتفاقاً سابقاً بعدم مرور المسلحين الفلسطينيين إلى تل الزعتر وجسر الباشا عبر ذلك الشارع ، والوثيقة قدمت في اجتماع شارك فيه الرئيس فرنجية والرئيس عرفات في السعودية .
عودة ل: ١٣ نيسان ١٩٧٥، كان الكتائب يدشنون كنيسة في عين الرمانة ، بحضور الرئيس المؤسس بيار الجميل ، وإذ بسيارة فولز واكن تدخل على الحفل بطريقة استفزازية أطلقت النار عليها أصيب سائقها أحمد منتصر برجله ونقل للمستشفى ، وبعدها جاءت سيارة فيات مغطاة النمرة وأطلق من فيها النار فقتل مرافق الشيخ بيار الجميل جوزايف أبو عاصي وآخر ، في هذا الجو المحموم الذي شبهه محرر جريدة الحوادث ببرميل البارود ، بعد مقتل زعيم صيدا معروف سعد ، وبعد أكثر من ساعة تدخل البوسطة التي تقل مسلحين يتجهون إلى تل الزعتر وتم الاشتباك مع من كانوا بداخلها .
السؤال : لماذا تم مرور البوسطة في ذلك الشارع وبعد حادثين وقتلى في صفوف الحشد الذي يدشن الكنيسة؟
كنت أحاضر في دولة الكويت ،فإذا بأحد الحضور يقف ويقول إن السائق أرغم على المرور من ذلك الشارع من قبل حاجز في الطريق ، وأكمل بأن المسلحين هم لجبهة التحرير العربية وليس للجبهة الشعبية ( رئيسها جورج حبش ) وفي لقاء لي مع أحد من كانت له معرفة بما حدث أكُد توجيه البوسطة لتمر في شارع مار مارون.
إن المقصد مما ذكرت أن ما حدث أمر دُبر والكتائب وقعوا في الفخ من غير تصميم وإرادة منهم.
وليتذكر الشيخ سامي : أنه عند كل محاولة لإيقاف الفتنة يتفاجأ اللبنانيون بمجزرة ، قتلى الفنار ، مجزرة المرفأ ، مجزرة البوسطة التي تم اختطافها على طريق شكا وقتل ركابها الذين هم من طرابلس ،لن استرسل بذكر الأحداث في مقال صغير .
ثالثا:
لو اكتفت الفتنة بجرائمها في لبنان لهان الأمر وسلمنا بما ورد في الخطاب والقول أن الفلسطينيين أرادوا لبنان بدلاً عن فلسطين، لكن انتشارها في كل المنطقة يستوجب أبحاثاً وليس بحثاً لفهم ما حصل ولا زال يحصل ، علَّ ذلك يؤدي إلى إيقاف ما قاله صحفي أوروبي : كرة الثلج وحرب الألف سنة .
شيخ سامي : إن كلامي ليس لتسطيح ماحدث ، كما أنه ليس كافياً نفي دور المؤامر، لكنه لإعادة الثقة بين كل الأهل والشركاء الأشقاء ،
رابعاً :
إن حروب لبنان وسوريا والعراق واليمن … وكل مضطرب تناحر في العالم الثالث هو تنفيذ لما اتفق عليه المتحاربون من أجل الإقتصاد ، الاستعمار ، والقاضي ، بأن حرب عالمية ثالثة غير ممكنة بعد الخسائر التي أدت لمقتل عشرات الملايين وتدمير عواصم بعد اكتشاف القنبلة الذرية ، والحل عندهم جعل كل ماتم احتلاله سوقاً لاستهلاك مصنوعاتهم وصادراتهم ونهب ثروات تلك المناطق حيث الثروات والمواد الأولية ، البترول ، الذهب ، المعادن على اختلافها ، وأن يذب يستوجب بقاء هذه المناطق في سلم لبيع المواد المدنيت والسلاح … ثم حرب للتدمير وبيع الأسلحة المكدسة التي استغنوا عنها لاكتشافاتهم الجديدة .. والعودة للإعمار وتعدات الشركات .
شيخ سامي : لك الإحترام ، هذه هي الحقيقة ، والنتائج أصدق من الشعارات .
خامساً :
البداية مما قد َّمتْه دراسة الباحثين عن المستعمرات وتفكيك الشرق ( نشوء علم الإنتروبولوجيا ) وما تلى ذلك من بعث الشقاق بين القوميات والأديان والمذاهب ، والقبائل والعشائر ،
ونشر ثقافة التفرقة ونشر الكراهية ومناهج تعليمية خلبية تعجز عن صنع زجاجة عصير ، وزرع كيان غاصب في القاعدة العسكرية المتقدمة في فلسطين .

هو الاستعانة بخبراء في علم النفس الاجتماعي ، والأنظمة السياسية المعتمدة على الجماهير التي وصفها علماء بأنها عون لكل ريح تهب ، وإنشاء فوارق اقتصادية في المجتمع واستقطاب المحرومين الذين هم وفق علم الاجتماع عون لكل غاز لبلادهم ولكل من يدغدغ مشاعرهم ويوهمهم بإشباع حاجياتهم والانتقام من يظلمهم ( علماً أنهم هم من يُصعد الظالم) ويطبقون نصائح مكيافيلي في كتابه الأمير …… والشرح يطول )
هذه الحقائق يجب تعليمها ونشرها على طريق بناء مجتمع متماسك كالبنيان المرصوص والإقلاع عن جلد الذات بالإعتراف بالضعف وعدم سلامة فهم ماحدث ويحدث .
مع أحر الدعاء بالرحمة لكل من استشهد وبسلامة عقول من بقي وعلى طريق التوصل لبناء دولة ومناهج تعليمية وإعلام يعلي صروح العلم والأدب والسلام وعفا الله عما مضى .


iPublish Development - Top Development Company in Lebanon

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى